38 حزبا قوميا تدعو لوقف الاحتلال التركي لليبيا بتواطؤ من الإخوان

38 حزبا من الأحزاب القومية العربية تدين التدخل العسكري التركي في ليبيا بمباركة من الأحزاب المحسوبة على التيار الإخواني وعلى رأسها حركة النهضة التونسية وتحذر من خطورة الجماعات الإرهابية التي ساهم في نشرها على أمن المنطقة.

تونس - دعا 38 حزبا قوميا في مختلف الدول العربية إلى التحرك ضد التدخلات التركية في ليبيا لنصرة شعبها الذي أصبح ضحية صراعات إقليمية ودولية بسبب تواطؤ جماعة الإخوان الذين يسيطرون على حكومة الوفاق في طرابلس حفاظا على ما تبقى لهم من نفوذ في العاصمة الليبية.

وأصدرت الأحزاب القومية العربية في بيان مشترك اليوم الثلاثاء دعت فيه إلى ضرورة "مواجهة الغزو التركي الغاشم وخيانة حكومة الوفاق ومخططات جماعة الإخوان الإرهابية"، دعما للشعب الليبي الذي يعاني منذ سقوط نظام معمر القذافي بسبب الحرب وفوضى السلاح التي عززها تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العسكري بإرساله مرتزقة من فصائل سورية ومتشددين وأسلحة لدعم الميليشيات في العاصمة طرابلس.
وأوضح البيان أن "ليبيا تعيش منذ 2011 على وقع تدخل خارجي أطاح بالدولة ومؤسساتها وفتح الباب على صراعات داخلية وانتشار واسع للجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة وقد تفاقم الوضع مؤخرا بعد استدعاء حكومة الوفاق التي تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين للتدخل التركي لإحكام قبضتها على العاصمة طرابلس وعموم الغرب الليبي كخطوة باتجاه التقسيم".

واستنكر البيان "استغلال الدولة التركية خيانة وعمالة جماعة الإخوان لتفرض اتفاقية احتلال على الشعب الليبي بدأت بمقتضاها بتحويل ألاف المرتزقة والإرهابيين الذين استعملتهم في تدمير سوريا إلى الأراضي الليبية".
وحذرت الأحزاب التي تنشط في تونس ومصر والمغرب وموريتانيا ولبنان والأردن والعراق وسوريا وغيرها من البلدان العربية، من "خطورة ما تعيشه الشقيقة ليبيا حيث بدأت تركيا بعملية احتلالها وفرض أمر واقع على شعبها وهو ما بات ينذر بمواجهة إقليمية"، مشيرة إلى أن تداعيات هذا التدخل التركي السافر في ليبيا "سكون وخيمة على الأمن القومي العربي ناهيك عن الجريمة التي يرتكبها النظام التركي في حق دول المنطقة وأمنها من خلال نشر ألاف العناصر التكفيرية على الأرض الليبية.

وأكدت الأحزاب العربية الموقعة على البيان المشترك على "دعمها المطلق للشعب الليبي في مواجهة الاحتلال التركي والجماعات الإرهابية التي يدعمها"، مجددة "ثقتها في قدرة شعب شيخ المجاهدين عمر المختار على المقاومة والصمود حفاظا على وحدة ليبيا أرضا وشعبا ومقدرات".
وأدان البيان "سياسات النظام التركي في دعمه الجماعات الإرهابية التي تعيث فسادا في أكثر من قطر عربي خاصة سوريا وليبيا، وفي استغلاله الرخيص للأزمات التي تمر بها العديد من الدول العربية"، مستنكرا "المحاولة التركية اليائسة لاستعادة الماضي العثماني البغيض في الهيمنة على الوطن العربي".
كما دعا البيان الذي شاركت في صياغته 6 أحزاب تونسية وهي التيار الشعبي، حزب العمّال، حركة تونس إلى الأمام، حزب القطب، حزب البعث، والحزب الإشتراكي، "الجماهير العربية إلى إدانة النهج الخياني الذي دأبت عليه جماعة الإخوان المسلمين وأحزابها في كل الأقطار العربية من خلال استدعاء الاحتلال الخارجي للإستقواء به داخليا مما تسبب في استباحة الأمن القومي العربي وتغلغل الجماعات التكفيرية التي ترتكب جرائم مروعة يذهب ضحيتها ملايين الأبرياء من أبناء الشعب العربي".

وتعتبر تونس الجارة الغربية لليبيا من أكثر البلدان التي سعت لإيجاد تسوية سياسية بين الفرقاء الليبيين خلال السنوات الماضية ورعت مع مصر والجزائر مفاوضات عدة للدفع نحو الحل السياسي دون تدخلات خارجية أو دعم طرف على حساب الثاني مخيرة الحياد التام.

لكن حركة النهضة الإخوانية استغلت مؤخرا هيمنتها على دوائر الحكم في تونس وحاولت الدفع بمؤسسات الدولة من بينها البرلمان الذي يترأسه رئيسها راشد الغنوشي، لدعم حكومة الوفاق التي سمحت لتركيا بالتدخل عسكريا في الأراضي الليبية وذلك لخدمة مصالحها وتأمين دعم خارجي يعزز سلطة الإخوان في المنطقة خصوصا بعد الإطاحة بها في مصر وتصنيفها جماعة إرهابية في أكثر من بلد عربي.

وتقدمت عدة كتل في البرلمان التونسي من بينها "تحيا تونس" (14 مقعدا) و"قلب تونس" (29 مقعدا) و"الإصلاح" (16 مقعدا) و"المستقبل" (8 مقاعد) بلائحة تطالب بعقد جلسة مسائلة لرئيس البرلمان (الغنوشي) لتوضيح مواقفه السياسية الإقليمية خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي.

وفي مقابلة مطولة مع وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية نشرتها في وقت سابق اليوم الثلاثاء، حاول الغنوشي تبرير انحيازه في الأزمة الليبية إلى جانب حكومة فائز السراج المدعومة من تركيا واصفا الدعوات إلى تنحيته من رئاسة البرلمان وتغيير النظام السياسي بأنها "دعوات فوضى".
وكرر الغنوشي ما تقوله تركيا عن دعم حكومة السراج باعتبارها "حكومة شرعية" تواجه "تنظيمات غير معترف بها".

وأثار توظيف الغنوشي للبرلمان لتمرير مواقف النهضة من ملفات عدة أهمما الملف الليبي جدلا واسعا في تونس التي ظلت على الحياد من الأزمة في جارتها الشرقية على مدى سنوات، لكن التدخل التركي دفع الحركة الإسلامية للاقتراب أكثر من حكومة السراج الخاضعة لهيمنة فصائل إخوانية في طرابلس في صراعها مع الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر.
وفي تفسيره لهذا الانحياز، قال الغنوشي للأناضول إنه "حياد ايجابي"، مشيرا إلى أنه "أمام ما يجري في ليبيا لا يمكن لدول الجوار أن تعيش اللامبالاة فإذا كان هناك حريقٌ لدى جارك لا يمكنك أن تكون محايدا فالواجب والضرورة يقتضيان أن تساهم في إطفاء الحريق".

ال
الحريق سيلتهم النهضة

ومن المنتظر أن يعقد البرلمان التونسي غدا الأربعاء جلسة مع الغنوشي لشرح موقفه من الملف الليبي على خلفية الاتصالات التي أجراها مع حكومة السراج وتركيا واعتبرت مخالفة لقواعد الدبلوماسية وتجاوز لصلاحيات رئيس البرلمان.

ومنذ أسابيع اتصل الغنوشي بالسراج لتهنئته بالسيطرة على قاعدة الوطية الجوية قرب الحدود مع تونس ما أثار غضبا وانتقادا كبيرا في الشارع التونسي، كما عبرت أحزاب ومنظمات ونشطاء عن رفضها استغلال البرلمان للتعبير عن آراء الحزب السياسي الإخواني.

وقبل يوم نفذ نشطاء أمام مقر البرلمان في منطقة باردو بالعاصمة تونس وقفة أعلنوا من خلالها عن بدء اعتصام من أجل تعديل النظام السياسي والمطالبة بتنحية الغنوشي من رئاسة البرلمان.

وحذرت الأحزاب القومية العربية الموقعة على البيان الصادر اليوم الثلاثاء من "خطورة الاحتلال التركي والجماعات الإرهابية على دول الجوار الليبي بمباركة من الأحزاب المحسوبة على التيار الإخواني وعلى رأسها حركة النهضة التونسية"، داعية إلى "التحرك العاجل من أجل الضغط على الأنظمة العربية والمجتمع الدولي لوضع حد لجرائم النظام التركي وتدخله الذي فاقم العنف في ليبيا".

وأرسلت تركيا جنودا وآلافا من المرتزقة للقتال في ليبيا وقدمت أسلحة وطائرات مسيرة للفصائل الليبية التي تهيمن على حكومة السراج لتؤجج الصراع أكثر خوفا من خسارة ما تبقى من نفوذها في طرابلس.

وطالب بيان الـ38 حزبا "بضرورة التصدي لكل التدخلات الخارجية في ليبيا وتقديم الدعم اللازم للقضاء على الإرهاب ونزع سلاح المليشيات ليتمكن البلد من إطلاق عملية سياسية داخلية دون وصاية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة وانتخابات حرة تمكنه من استعادة سيادته".
كما دعت "الشعب الليبي إلى رص الصفوف ومقاومة كل محاولة لاحتلاله واستعباده من أي جهة خارجية كانت وإلى المصالحة والحوار داخليا دون إقصاء لأي طرف وطني على قاعدة وحدة ليبيا وسيادتها وحقه في إرساء حياة ديمقراطية سليمة تمكنه من إعادة بناء بلاده".