أبوالعلا يقدم تصورا عن نقد الشعر عند رجاء النقاش

النقاش سلك طريق النقد الأدبي تأكيدًا منه على الرغبة في إعادة الثقافة ونشرها من خلال إعادة العلاقة المفقودة بين الجمهور وبين عالم الثقافة والفن والأدب.
خلق صداقة حميمة بين الشباب وبين عالم الثقافة والأدب والفن
تعميق الميول الثقافية للإنسان في مجتمعنا هو هدف من أشرف الأهداف

القاهرة ـ من أحمد مروان
 في كتابه "نقد الشعر عند رجاء النقاش"، يقدم الناقد د. رجب أبو العلا رؤيته النقدية لكتابة النقد عند رجاء النقاش، معتبرا أن النقاش سلك طريق النقد الأدبي تأكيدًا منه على الرغبة في إعادة الثقافة ونشرها من خلال إعادة العلاقة المفقودة بين الجمهور وبين عالم الثقافة والفن والأدب؛ ليتخطى المجتمع الأسوار والحواجز التي تحول بينه وبين النهضة والفهم الصحيح.
وانطلاقًا من أهمية الموهبة، وإيمانًا بدورها الفعال في التقدم الإنساني اهتم النقاش بها وعدها الأساس الأول الذي تنبني عليه شاعرية الشاعر إذ يرى أن خلاصة ما يهدف إليه هو خلق صداقة حميمة بين الشباب وبين عالم الثقافة والأدب والفن، وأنه على يقين أن تعميق الميول الثقافية للإنسان في مجتمعنا هو هدف من أشرف الأهداف؛ لأن انتشار الثقافة بصورة صحيحة يعني أن مجتمعنا يستطيع أن يتخطى كثيرًا من الأسوار والعقبات التي تحول بينه وبين النهضة والتقدم والفهم الصحيح لهذا العصر الصعب الذي نعيش فيه، وذلك يعني أن انتشار الأدب يساوي انتشار الثقافة والفهم الصحيح لدور الإنسان في الحياة، ولذلك اهتم رجاء النقاش بالأدب الهادف الذي أسهم في ارتفاع الذوق وارتقاء السلوك.
ويرى الناقد أن تقديم الكتاب النقدي أو شرحه من المهام التي تحتاج إلى ثقافة عميقة وخبرة واسعة في مجال الأدب والنقد، لذا يعتبر أن تقديم النقاش لكتب النقد يسعى من خلالها أن يضع فائدة الكتاب وهدف المؤلف أمام عينيه كجزء من حركة الثقافة العربية، لأن هذا له قيمة في تشكيل فكر ووعي المثقف العربي، ويوضح أن النقاش يسعى في نقده إلى تقديم إسهام حقيقي ويشيد به ويحاول معالجة ما فيه من قصور بإضافاته النقدية، فيُعد جهده إضافة إلى جهد المؤلف، وإذا كانت سلبيات الكتاب ومآخذه أبرز من إيجابياته أشاد إلى كيفية الوصول إلى الإيجابيات، وما قد تؤدي إليه السلبيات من انحلال أو إعطاء صورة سلبية غير واضحة.
أمير شعراء الرفض
توقف الكاتب أمام رؤية النقاش لكتاب الناقد نسيم مجلي عن أمل دنقل بعنوان "أمل دنقل أمير شعراء الرفض"، ويتوقف أمام ظروف نشر الكتاب وكيف خرج تحت الضغط مشوه الخلقة رديء الطباعة ناقص، كما توقف أمام مميزات الكتاب وخاصة الجانب السياسي في شعر (أمل)، دون إغفال الجوانب الفنية التي يعتمد عليها أمل في بناء قصائده، راصدًا ملامح شخصية الشاعر الداخلية والشعرية، فهو يرسم صورة للشاعر من خلال كتاب (مجلي)، حيث تميزه بالنغمة الرافضة الحادة، والاعتماد على الموروث التاريخي والشعبي والحوار والأسطورة مما يثري القصيدة بالخصوبة والبعد عن السطحية.
وكل هذا لم يغفل عنه جوانب القصور في الكتاب ومنها: حاجته إلى فصلين كبيرين عن حياة الشاعر ومصادره الثقافية، وإهمال المؤلف للأثر القرآني في شعر أمل – دون قصد – فالمؤلف لم يقرأ القرآن كقيمة أدبية وهو مأخذ يأخذه النقاش عليه وهذا الجهد الذي يعتمد على التفسير والتوضيح جهد عادي يقوم به أي ناقد يمتلك القدرة التي يتغلغل بها في داخل سطور الكتاب.
الشعر الفلسطيني
يكشف أبو العلا عن تأثير النقاش على الشعر الفلسطيني، لقد كانت الكتابة عن شعر المقاومة الفلسطينية مجهولة، ففتح النقاش هذا الباب أمام الدراسات التي أتت بعد ذلك، فهو أول من قدم هؤلاء الشعراء ويعد هذا أول اكتشاف مبكر لحركة الشعر الفلسطيني. معتبرا أنه  في هذه الدراسة أقرب إلى المنهج العلمي المنظم، حيث يتتبع الظاهرة من البداية حتى نهايتها ويكشف عنها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تدل على وعيه القومي والحسي في تقديم هذه الحركة، خاصة في أواخر الستينيات وبالتحديد (1968)، فقد دب اليأس وشاع الإحباط كرد فعل للهزيمة وإذا بهذه الحركة وكأنها حركة الفدائيين الذين يملكون الخلاص والنصر في أي وقت إذا استمر الجهد.
يقول الكاتب: "إن ناقدنا قد سلك منهجًا علميًا رصد من خلاله ضرورة الحركة الشعرية في فلسطين وامتدادها إلى محمود درويش الذي أخذ عدة مراحل في طريقه إلى النضج الفني، ومحاكمة الشاعر محاكمة فنية كشفت عن بعض عيوب هذه المراحل، متتبعًا في ذلك إنتاج الشاعر ومواقفه السياسية ودفاعه عنها وعن غيره من أبناء جيله وتحويل القضايا إلى مواقف عامة، واختتم الدراسة بأثر هذه الحركة على الأدب العربي وما امتاز به درويش من ملامح أساسية في شعره.
رجاء النقاش، قمة وقامة من قامات الفكر والثقافة في الوطن العربي، ينتمي في بنيته الثقافية إلى جيل العظماء، غلب عليه الفكر الإنساني، فتصدر الإنسان أغلفة معظم مؤلفاته، وهيمنت صفة الإنسان على العديد من عناوين المقالات والموضوعات، تنوعت ينابيع الفكر الأدبي والنقدي لديه".
وتعتبر الدراسة التي بين أيدينا مصدرا مهما يكشف جانبًا من جوانب الإبداع النقدي لدى رجاء النقاش في فن الشعر، ويحاور الكتاب فكر النقاش ليصل لمفهوم الشعر لديه، ودوره الوظيفي وأثره على المتلقي، وعلى الحياة من حوله، ثم محاولة تحديد القضايا والمصطلحات النقدية التي غلبت على فكر النقاش، وإلى أي مدى سيطرت بعض المناهج، والمدارس النقدية على امتداد الدرس النقدي للشعر وموقف النقاش منها فيما قدمه من درس نقدي تطبيقي، مستخلصًا في نهاية الرحلة ملامح المنهج النقدي عند رجاء النقاش.
يذكر أن كتاب "نقد الشعر عند رجاء النقاش"، لمؤلفة رجب أبو العلا صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ويقع في نحو  278 صفحة . (خدمة وكالة الصحافة العربية) 
 

ينتمي في بنيته الثقافية إلى جيل العظماء
يتتبع الظاهرة من البداية حتى نهايتها ويكشف عنها