اتفاق بين نداء تونس واتحاد الشغل على تغيير شامل للحكومة

محلل سياسي يعتبر أن الاتفاق يوجه رسالة للنهضة مفادها أن الطرفين لن يرضخا لسياسة المساومة وأخرى للشاهد مفادها أن ارتهانه للنهضة لن يحول دون رحيله.

تونس - في خطوة وصفها مراقبون ببداية تشكل خارطة تحالفات سياسية ومدنية تونسية جديدة بعيدا عن حركة النهضة الإسلامية، أعلن نداء تونس أنه توصل مع اتحاد الشغل إلى اتفاق يقضي بتغيير شامل وعميق للحكومة.

وقال بلاغ صادر عن النداء الأربعاء إن كل من حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي للنداء ونور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل التقيا في مقر المركزية النقابية واتفقا على "ضرورة ايجاد حل سريع يمكّن من وضع حد للازمة التي تواجهها البلاد من خلال تغيير عميق وشامل للحكومة بغرض الشروع في الإصلاحات".

وأضاف البلاغ الذي حمل توقيع حافظ السبسي أن النداء "لمس استعداد اتحاد الشغل الانفتاح على الإصلاحات الضرورية الممكنة شريطة وجود الأطراف الحكومية الجادة والأطراف السياسية القابلة للتضحية الجماعية".

ويعد الاتفاق الأول من نوعه لكونه أشار أولا على استبعاد حركة النهضة وثانيا على تقارب بين النداء والاتحاد في أعقاب تصعيد انتهجه نور الدين الطبوبي خلال الأسابيع الماضية ضد حكومة يوسف الشاهد التي يقودها النداء.

يوسف الشاهد حائر
رهان خاسر

وجاء الاتفاق في أعقاب لقاءات ومشاورات قادها اتحاد الشغل خلال الأيام الماضية مع غالبية القوى السياسية والمدنية الديمقراطية.

ويستبطن الاتفاق، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون، ضرورة تجاوز الخلافات وبناء تحالف سياسي مدني من شأنه أن يساهم في حلحلة الأزمة السياسية بالبلاد وسط خروج النهضة عن حالة الإجماع بين الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج2 من خلال تمسكها بالشاهد رئيسا للحكومة.

وقال البلاغ إن الاتفاق يهدف إلى "الشروع في الاصلاحات بما يساعد على المضي قدما في تحقيق نمو حقيقي ودائم والسيطرة التدريجية على نسب التضخم والبطالة".

وتصل نسبة التضخم وفق بيانات حكومية إلى أكثر من 7 بالمئة مما عمق المقدرة تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين فيما تبلغ النسبة العامة للبطالة أكثر من15 بالمئة.

وأكد البلاغ أن الاتحاد"شدد على تمسكه بوحدة الصف الوطني والانحياز التام للقضايا الأساسية للشعب بعيدا عن كل التجاذبات السياسوية المفتعلة وبعيدا عن كل المعارك الشخصية التي يريد البعض التسويق لها على حساب المصلحة العليا للوطن".

ورأى خليل الرقيق المحلل السياسي أن "البلاغ يحمل رسالة مزدوجة موجهة الأولى إلى حركة النهضة ومفادها أن كل من النداء والاتحاد لن يرضخا لسياسة المساومة والابتزاز والرسالة الثانية موجهة للشاهد ومفادها أن ارتهانه للنهضة لن يحول دون رحيله وتركيز تركيبة حكومية جديدة تحظى بثقة الحزب والقوة المدنية الأولى بالبلاد".

وشدد الرقيق على أن "الخاسر الوحيد من الاتفاق هي حركة النهضة التي خرجت على الإجماع الوطني بشأن رحيل الشاهد" لافتا إلى أن "الاتفاق يمكن أن يكون بداية بناء تحالفات بين المركزية النقابية وعدد من الأحزاب المدنية والعلمانية التي تؤثث المشهد السياسي المتعدد فكريا وسياسيا".

راشد الغنوشي
هل ينتهي دوره

وجاء الاتفاق، الذي من شأنه أن يحلحل الأزمة السياسية ويخفف حالة التوترات، ليكسر شوكة النهضة ويحبط مساعيها القاضية بترحيل ملف الشاهد إلى البرلمان.

ويحمل مراقبون النهضة مسؤولية تفاقم الأزمة في ظل سياسة المخاتلة والمناورة التي ما انفكت تقودها في تعاطيها مع ملفات الأوضاع العامة وفي مقدمتها الأزمة الهيكلية.

ويذهب المراقبون إلى حد وصف الاتفاق بأن "بداية تشكل جبهة وطنية مدنية ديمقراطية تتبنى مشروعا ديمقراطيا يقطع الطريق أمام مشروع النهضة.

وقال محمد الكيلاني الأمين العام للحزب الاشتراكي "إن النهضة وقفت طيلة السنوات الثماني الماضية ضد توحد الأحزاب الديمقراطية ضمن قوة واحدة".

وأضاف الكيلاني وهو يتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين يقول "إن النهضة بذلت وتبذل جهود كبيرة لـ"فرملة" مسار الانتفال الديمقراطي في مسعى إلى فرض مشروعها على التونسيين ولي ذراع الديمقراطيين ما قاد إلى تشتت القوى الديمقراطية".

وتقول حركة النهضة إن تمسكها بالشاهد رئيسا للحكومة مرده حرصها على الاستقرار السياسي بما من شأنه أن يساهم في أكثر ما يمكن حظوظ نجاح الإصلاحات.

غير أن العارفين بالشأن التونسي يشددون على أن "يافطة الاستقرار السياسي" تخفي وراءها مساومة الحركة من خلال مقايضة تعديل موقفها شرط فرض أجندتها.

ويرى الرقيق أن الاتفاق يشي بإعادة رسم الخارطة السياسية بما يعزز تقارب النداء مع مختلف القوى السياسي والمدنية ويكسر شوكة النهضة التي نخت مفاصل الدولة.

ويضيف الرقيق لميدل ايست أونلاين أنه "حان الوقت للحسم بين المشروع الوطني الحداثي الذي تتبناه غالبية القوى المدنية والسياسية وبين مشروع الإسلام السياسي الذي تسعى النهضة إلى فرضه على التونسيين".