الاحتجاجات في إيران والعراق، صدفة أم ماذا؟

أزمة الأحزاب الشيعية العراقية هي نفسها أزمة الحزب الشيعي الأوحد في إيران.

الاحتجاجات الشعبية التي تعم إيران بشكل مضطرد منذ 28 ديسمبر/كانون الاول 2017، ولا توجد منطقة لم تصلها، مع وجود أسباب متعددة له ولكن يبقى العامل الاقتصادي الاقوى والاكثر تأثيرا في دفعه الشعب للشوارع والساحات العامة والميادين، وفي الوقت الذي كان نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يحاول كبح جماح هذه الاحتجاجات والسيطرة عليها من خلال الاستعانة بنفوذه وهيمنته على بلدان المنطقة وإستخدام وتوظيف ذلك من أجل تقوية الموقف الرسمي أمام الشعب الايراني، فإن الاحتجاجات بدأت تندلع في العراق والذي يصيب طهران بالاحباط إنها إندلعت من البصرة وعمت المناطق الجنوبية التي تسكنها غالبية شيعية يحسبها النظام الايراني بمثابة ظهير داعم ومٶيد له.

العراق الذي كانت طهران تعتبره سندها الاقوى في إعانتها ليس في مواجهة الاحتجاجات الداخلية فقط وانما حتى في مواجهة العقوبات الاميركية كما حدث وجرى خلال عهد أوباما والدور المهم الذي لعبته حكومة نوري المالكي في تخفيف آثار العقوبات الاميركية، لكن قيام المتظاهرين العراقيين بمهاجمة مقرات الاحزاب المحسوبة على إيران وحرق صور خميني وخامنئي، كنا بمثابة رسالة ذات مغزى صعقت الاوساط السياسية الحاكمة في طهران وأصابتها بصدمة شديدة، إذ إنه يضع طهران أمام كابوس جديد لم تكن تتوقعه أو تنتظره في هذا الوقت تحديدا.

قطع الانترنت عن العراق وما نقل عن بدأ استخدام القمع ضد المتظاهرين العراقيين وحتى حالات الدهس بعربات عسكرية وما نقل عن إعطاء توجيهات بإندساس عناصر الحشد الشعبي بين المتظاهرين وتدخل الجيش والشرطة بصورة غير عادية، كل هذا بدأ بعد أن صارت مظاهر رفض التدخل الايراني في العراق وحرق صور خميني وخامنئي ومهاجمة مقرات الاحزاب المحسوبة على إيران، والاهم من ذلك إن هذه الاساليب هي ذاتها التي تم إستخدامها ضد الاحتجاجات الشعبية في إيران وبشكل خاص ضد إنتفاضة عام 2009، وبطبيعة الحال، عندما نبحث في المسألة بشكل دقيق من مختلف النواحي، نجد إن هناك نوعا من الترابط بين الحالتين، أي الحالة العراقية والحالة الايرانية مع ملاحظة إن الدور والتأثير الاكبر هو لطهران، إذ أن العراق وبعد الاحتلال الاميركي هيمن عليه النفوذ الايراني وكان ولا يزال صاحب الدور الاكبر والاكثر تأثيرا في العراق ومن هنا، فإن أية تطورات غير عادية ودراماتيكية تحدث على صعيد التظاهرات العراقية والتعامل واسلوب التصدي لها من جانب الحكومة العراقية، لا يمكن أبدا أن تحدث من دون مشورات أو حتى توجيهات "صارمة" من طهران!