الوقوع تحت إغراء الأناقة

لأن ليست كل النساء راقصات باليه فلا يمكن اعتبار راقصة الباليه الصينية ياو نيانغ، مثالا تاريخيا مفيدا عندما تقع المرأة تحت إغراء جمالية الحذاء، من دون أن تعبأ بما يسببه لها من ألم مبرح.

لقد ربطت راقصة الباليه الصينية قدميها برباط شديد الإحكام قبل وضعهما في زوج أحذية حريرية ليصبحا على هيئة هلالين، من أجل هدف تتوق الوصول إليه في أدائها، وهذا الهدف ليس معادلا موضوعيا لإغراء الحذاء بالنسبة للمرأة التي تتحمل الوجع من أجل أن تبدو في نظر الآخرين أنيقة!

بالطبع إن الدافع وراء ارتداء حذاء جديد على الفور، هو أمر لا يمكن تجاهله في بعض الأحيان، إلا إذا تمكنت المرأة من مقاومة مثل هذا الإغراء من أجل سلامتها، وينطبق الأمر أيضا على الرجال “ويجب عليك أن ترتديه”.

لا يمكن تخيل مثلا أن مارغريت تاتشر تشعر بالضيق من حذائها وهي تتفاوض مع ميخائيل غورباشوف، جزء من مهام رئيسة وزراء بريطانيا أن تكون أنيقة، لكن ليس على حساب أن تتألم، فإذا كان الحذاء الضيق يسبب الصداع والتوتر وارتفاع ضغط الدم والضيق الشديد، كيف لها أن تفكر بشأن مسألة مصيرية تخص البلاد برمتها!

لا نشك بأناقة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، التي قطعت مئات الساعات سفرا وتعاملت مع رجال صعاب المراس يحاولون إثارة غضبها، لم يكن آخرهم الرئيس الحالي دونالد ترامب، كيف لها أن تقوم بكل ذلك وهي ترتدي أحذية ضيقة تسبب لها الضيق الشديد!

فلماذا تفضل عامة النساء الحذاء الجميل الذي يسبب الألم المبرح على الحذاء المريح؟ لا يوجد سبب غير الوقوع تحت طائلة الإغراء، وتحمل الألم.

الأحذية القاتلة، هكذا يسميها الأطباء، بينما تصر النساء على ارتدائها، غالبا ما تفسد الأماسي الجميلة عندما لا تتوقف المرأة بالهمس لزوجها عن الألم المبرح الذي يسببه لها الحذاء، بل لا تخفي ندمها على ارتدائه، فيما هما يتمتعان في حفل عشاء.

ليس منظرا غريبا عندما ترى النساء يخلعن أحذيتهن تحت الطاولات في الحفلات والمطاعم من أجل فسحة راحة من الوجع، ولم يعد أمرا منافيا للذوق عندما تستخرج امرأة في أوج أناقتها حذاء رياضيا من حقيبتها لتستبدله بحذائها الأنيق المتلائم مع ردائها وحقيبتها، بمجرد الخروج من حفلة زفاف!

النساء بحاجة إلى التنازل قليلا عن أناقتهن من أجل سبب بسيط التخلص من الوجع والتسبب بالضيق للشريك في التذمر الدائم من الحذاء الضيق، مازلت احتفظ بصورة لحفل كنت مدعوا له لزفاف زميلة صحافية ألمانية أقامته في حديقة مفتوحة جوار النهر بمدينة فرانكفورت، عندما ارتدت حذاء رياضيا مع بدلة الزفاف وكأنها في نزهة على النهر، من دون أن يثير شيئا من مشاعر النشاز عند الضيوف وأنا أحدهم.