تحرير طرابلس السبيل الوحيد الى قيام الدولة

من يسيطر على العاصمة الليبية طرابلس يحكم البلد، بعد تضارب المصالح بين رفاق الامس والذي ادى الى الاقتتال فيما بينهم. قامت الميليشيات المسلحة بغرب البلاد التي اطلقت على نفسها "فجر ليبيا" بالاستيلاء عنوة على العاصمة. توالت النكبات وانهارت مؤسسات الدولة الخدمية وخاصة القطاع الصحي، ناهيك عن الوضع الامني المتدهور والانقطاع المستمر في التيار ألكهربائي، وأخيرا وليس اخرا انقطاع مياه النهر عن بعض مدن الغرب الليبي وخاصة العاصمة.

باستيلائهم على العاصمة سعوا الى مد جذورهم في معظم ارجاء البلاد، سيطروا على الوسط والجنوب عبر ما يسمى بالقوة الثالثة، اما الغرب فانه يكاد يكون تحت سيطرتهم باستثناء بعض المناطق "المتمردة" التي افلحوا في اقامة هدنة معها. اما الشرق الليبي فانه خرج عن سيطرتهم الى حد ما مع انطلاقة عملية الكرامة، لكن جرافات الموت التي يرسلونها الى بنغازي ودرنه لم تتوقف يوما في محاولة منهم لإفشال العملية التي يقودها الجيش، فنجدهم يقومون بأعمال خسيسة طالت الابرياء، تنم عن مدى عجزهم في مقارعة الجيش الوطني، لأنهم يدركون جيدا ان تحرير بنغازي سيكون بداية النهاية بالنسبة لهم.

لم يعد هناك مجال للشك بأنهم لا يريدون بناء دولة مدنية. مليارات الدولارات اهدرت في حين انهم لم يخصصوا بعض الاموال لصيانة شبكات الكهرباء، بل وقفت الحكومات المتعاقبة تتفرج ان لم نقل مشاركة في تخريب الشبكة عبر قيام الخارجين عن القانون في تفكيك ابراج الكهرباء المعدنية (الجمالون)، والأسلاك الناقلة للتيار الكهربائي ومن ثم بيعها. اما بشأن منظومة النهر الصناعي فان الميليشيات قامت بالاستيلاء على قطع الغيار الخاصة بها، ناهيك عن التعديات على المنظومة بتخريبها. انها ولا شك اعمال اجرامية ممنهجة هدفها اذلال الشعب وتركيعه.

لقد اصبحت البلاد في حالة يرثى لها. كل شيء يتهاوى، ولأول مرة في تاريخ ليبيا المعاصر المدارس تقفل ابوابها لانقطاع الماء والكهرباء. الطوابير على البنوك اصبحت مألوفة. نقص حاد في غاز الطهو، وارتفاع جنوني في اسعار السلع الاساسية، وتذمر يعم كافة الاوساط الشعبية.

نعتقد بل نجزم انه ما لم يتم تحرير العاصمة من ربقة الميليشيات، فان الامور اخذة في التدهور. الامال معقودة على ابناء الوطن المنضوون تحت القيادة العامة للجيش الليبي، الذي يسبب كوابيس للمجرمين لا تكاد تفارقهم. بعضهم استشعر الخطر فهدد دول الجوار بان المعارك في طرابلس قد تنتقل اليها، وما نرى ذلك إلا محاولة من هؤلاء بان تسعى دول الجوار لان يكون لهم دور في مستقبل ليبيا ومن ثم التهرب من المساءلة القانونية التي ستطاولهم في حال قيام الدولة.

عودة طرابلس الى حضن الشرعية يجب ان تكون على رأس قائمة الاولويات للشرفاء من ابناء الوطن وخاصة القوات المسلحة المنوط بها حماية الوطن، الذي اصبح وكرا للمجرمين من كافة انحاء العالم وساحة صراع مخابرات دولية هدفها احداث الفتن بين ابناء الوطن تمهيدا لتقسيمه.

الجيش الوطني في غرب البلاد منذ فترة لم نر له أي عمل يذكر. لقد ان الاوان لان يكشف عن مدى جهوزيته ويقوم بتحرير العاصمة التي قال مرارا بأنه يقف على اعتابها، لأنها الممر الوحيد (الالزامي) الى قيام الدولة المدنية العصرية، دولة العدل والمساواة والبناء، ولتذهب الأحزاب التي تتخذ الشعارات الرنانة الى الجحيم، عندها ستتهاوى كافة الاصنام والحثالات في كل المناطق، فيُلهى بها وتداس بالقدم.