عندما يُؤبّنُ الارهابيون

الاسلاميون في ليبيا بجناحيهما السياسي (الاخوان) والمسلح (الليبية المقاتلة)، الذين انتجتهم معامل التفريخ بالغرب، وترعرعوا بجبال وشعاب تورا بورا، وتلقوا دروسا في المعاملة الانسانية في منتجع غوانتانامو، استولوا بمؤازرة وغض الطرف من قوى الشر العالمية على كافة مرافق الدولة عبر انتخابات شابها التدليس، نهبوا خيراتها، عاثوا في البلاد فسادا، عملوا جاهدين وبكل ما اوتوا من قوة على استبعاد كل من يخالفهم الرأي، الشورى في معتقدهم بين النخبة (التي يضعون شروطها ويحددون اركانها) وليست بين العامة.

تفجيرات متلاحقة في بنغازي بعد ان خرجت عن سيطرتهم وقد اذاقوها سوء العذاب على مدى اعوام. يتشبثون بمواقعهم في درنة اخر معاقلهم في الشرق الليبي، يندبون حظهم بعد ان حاصرهم الجيش والقوى المساندة له من كافة الجهات، فالأسُودُ من امامهم والبحر من خلفهم وليس لهم إلا الاستسلام او الموت. اما في العاصمة التي يغتصبونها بقوة السلاح والإعلام المضلل المغلف بشعار الدين النصيحة، فإنهم يحاولون اظهارها امام الرأي العام العالمي بأنها مدينة تنعم بالأمن والاستقرار، وبعض اعمال الخطف والقتل على الهوية او لأجل المال وهي عمليات "جراحية" يرونها ضرورية لتستقيم لهم الامور.

منذ اكثر من عام "استشهد" المجاهد "ابن حميد" قائد "مجلس شورى ثوار بنغازي". رفاقه في غرب الوطن ابلغوا اسرته وتمنوا عليها ان يظل الخبر طيّ الكتمان لئلا يثبط عزائم بقية المجاهدين المرابطين في الثغور او يفت في اعضادهم، وألا يشمت بهم الاعداء، وإعلان الخبر في الوقت المناسب. فبركة خبر مرض المشير واعلان وفاته اعتبرها الغير "كذبة ابريل"، لم يعد هناك بد من اعلان "الاستشهاد" ليخفف الوطء عن مريديه، فقد افتدوه من خلال العمليات الاجرامية بعديد المدنيين والجندرمة الخارجين عن الملّة في شرق الوطن، الذي اصبح ينعم بشيء من الاستقرار وبدأ عصيّا عليهم. لا باس من القيام بعمل اجرامي في العاصمة المحتلة، ليكون الهدف مقر مفوضية الانتخابات التي يعتبرونها نوع من الشرك. فالذين يعملون به من وجهة نظرهم لا يمتّون الى الانسانية بصلة. وعلى رأي احدهم "نحن أقلية وبالديمقراطية وبالانتخابات نحن خاسرون ويجب علينا ألا نتركهم يقيموا دولتهم".

"هيئة علماء ليبيا" التابعة لدار إفتاء المؤتمر الوطني قالت عن وسام بن حميد بأنه بطل وقائد ورمز ثورة فبراير. رئيس "مجلس شورى وحكماء مصراتة" بن غشير قال عنه بأنه كان إنسانا وطنيا مخلصا وثائرا من أجل الحق ورفعته وكان هدفه إنتصار الثورة في سبيل تحقيق العدالة والاستقرار والأمن في ليبيا. احد قادة الاخوان قال عنه بأنه عقد بيعة قتال مع داعش ضد حفتر. انها شهادة على انه ارهابي وان من يمدونه بالمال والسلاح والبشر المغرر بهم، هم شركاء له في الجرائم التي اقترفها طيلة الفترة الماضية، وعلى المتضررين بشرق الوطن ان يعمدوا الى المطالبة بالقصاص من هؤلاء الذين اصبح بعضهم معروفا من خلال خروجهم على القنوات الفضائية دونما خجل بل يتفاخرون بذلك، عن طريق المنظمات الحقوقية الدولية ومحكمة الجنايات الدولية. فمؤسساتنا القضائية (النائب العام وكافة المحاكم بمختلف درجاتها) بغرب الوطن تعتبر في احسن الاحوال خارج التغطية، وقد تستمر الحالة لبعض الوقت.

اما عن مجلس الوصاية "الرئاسي" فقد تقدم احد اعضائه (محمد العماري) بتقديم التعزية لأسرة "الشهيد"، وبالتالي فان اعلان المجلس الحداد لمدة 3 ايام على ارواح القتلى انما هو لأجل امتصاص غضب الشارع ليس إلا.

عندما "يستشهد" لهم احد القادة في مناطق الافرنج (شرق الوطن) فإنهم يقيمون له صلاة الغائب في المناطق المحررة (غرب البلاد) والبلدان التي تدعمهم، يستمطرون عليه شآبيب الرحمة، يعددون مناقبه، والدعوة على الضّالين بالخسران المبين.

عندما يؤبّن وجهاء القوم وساسة البلد الارهابيين، فاعلم ان لا وجود للديمقراطية التي سقط من اجلها الآلاف من ابناء الوطن بين قتيل وجريح ناهيك عن المشردين، وعلى البلد السلام.