قرارنا العراقي وطني

نتعلم من إيران: إذا كان الخيار بين العراق وإيران في مواجهة العقوبات الأميركية، فأن العراق هو الخيار.

انقلبت الدنيا ولم تقعد على رئيس الوزراء حيدر العبادي حين أعلن التزامه بالعقوبات الأميركية على إيران. وبقطع النظر عن مآرب السيد العبادي في هذا الموقف إلا أنه قرار صحيح وسليم ووطني مليون بالمئة، يريد أن يثبت لنا العبادي أنه حازم وقوي وشجاع.

ماذا لو قلبنا المعادلة وفرضت أميركا عقوبات على العراق وحذرت من التعامل معه؟ برأيكم كيف سيكون موقف إيران؟ نترك الإجابة لشواهد من التاريخ.

بعد حدث انتفاضة وسط وجنوب العراق في أوائل عقد التسعينيات على الحكم البعثي، وسقوط تلك المحافظات بأيدي الثائرين، تحركت قوات بدر المسلحة والمعارضة للنظام البعثي، لإسناد الجماهير المنتفضة، بادر بالعجل الرئيس الأميركي جورج بوش الأب لتحذير وتهديد الحكومة الإيرانية من التدخل بالشأن الداخلي العراقي، مما حدا بالقيادة الإيرانية إصدار أمر لقوات بدر بعدم الدخول للعراق. ولا نلوم إيران على هذا التصرف فمن حقها أن تجنب بلادها المتاعب والضرر.

شاهد آخر من التاريخ: لما عزمت الإدارة الأميركية على غزو العراق واحتلاله وإسقاط دكتاتورية الحكم الصدامي، قاطعت إيران ورفضت بشدة تدخل أميركا بالعراق، لماذا؟ لأن دخول أميركا يهدد الأمن القومي الإيراني، وبالتالي فضلت بقاء صدام على أميركا من أجل مصلحتها ومن حقها. لكن أنا كعراقي اعتبر عيش يوم واحد تحت حكم طاغية مجرم مثل صدام لا يقارن بألف يوم من حياة الإيرانيين المنعمة! ومن يدري لعل في تأخير حكم صدام يوم، يقتل فيه 100 الف من شيعة العراق فداءً للأمن القومي الإيراني!

قبل شهور تكررت هذا الحقيقة بقول قائد الحرس الثوري الإيراني "لدينا ثلاث خطوط صد: العراق وسوريا ولبنان لحماية أمننا القومي." وقالها من قبله الشيخ رفسنجاني "سنجعل من العراق مستنقع للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط." وطبعاً أكيد بـ"ولد الخايبة" وهذا ما حدث.

نعلم جيداً بالضرر الاقتصادي الذي سيلحق بالعراق لارتباطه التجاري بإيران في حال الالتزام بالعقوبات الأميركية، كغلاء الأسعار مثلاً إلا أنه يمكن تدارك الأمر بالبديل، ولكن سنكون أكثر تضرراً إذا لم نلتزم فبيننا وبين أميركا ملفات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية ومالية باستطاعة أميركا معاقبة العراق وخاصة بعد تحذيرها كل من يتعاون مع إيران.

لا خيار للعراق الا بتقديم مصالحه وهذا حق مشروع لأي دولة، كما تعطي إيران الأولوية لنفسها عندما تتقاطع مصلحتها مع مصلحة العراق.