محسن مرزوق: خيوط اللعبة السياسية في يد قائد السبسي

الأمين العام لمشروع تونس يدعو إلى التهدئة والابتعاد عن الصراعات الحزبية لإخراج تونس من أزمتها مؤكدا أنها لم تعد تحتمل المزيد الأزمات.

مرزوق يدعو الى تشكيل تحالف سياسي واسع
مرزوق يطالب الشاهد وحافظ قائد السبسي بالحوار
أحزاب تونسية تواجه التشتت وتشقها خلافات عميقة

تونس – دعا محسن مرزوق الأمين العام لحزب مشروع تونس إلى أوسع تحالف ممكن بين القوى الديمقراطية في مسعى للخروج من الأزمة الراهنة مشددا على ضرورة التهدئة والابتعاد عن الصراعات الحزبية، مؤكدا في الوقت ذاته أن خيوط اللعبة السياسية في يد الرئيس الباجي قائد السبسي، في اشارة إلى أنه هو من يمتلك مفتاح حل الأزمة السياسية الراهنة.

وكان مرزوق يشير بذلك إلى التوتر بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد (نداء تونس) والمدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس التونسي).

وتأتي دعوة الأمين العام لمشروع تونس وسط تسريبات مفادها أن قائد السبسي أجرى اتصالات مع عدد من القيادات التي انشقت عن نداء تونس دعاها خلالها إلى العودة للحزب والتمهيد إلى عقد مؤتمر يجمع مختلف الفرقاء وتنبثق عنه قيادة شرعية منتخبة.

وتساور الأوساط العلمانية مخاوف من أن تقود الأزمة التي يشهدها إلى تفككه تنظيميا بما يفسح المجال أمام حركة النهضة للعودة من جديد للهيمنة على المشهد السياسي.

وقال مرزوق الذي كان يتحدث مساء الاثنين لإذاعة موزاييك المحلية الخاصة "أدعو إلى تكوين أوسع تحالف حزبي وإلى تطوير اتفاق قرطاج وفتحه أمام القوى الوطنية لمناقشة النظام السياسي والانتخابي القائمين".

ووفق مرزوق تشمل الدعوة كل من النداء والائتلاف المدني الذي يضم 11 حزبا من بينها حزب آفاق تونس والحزب الجمهوري وحركة الشعب التي انسحبت من الحكومة.

ومنذ انشقاقه عن النداء في العام 2016 وتأسيسه لمشروع تونس ما انفك مرزوق يجاهر بأنه يسعى إلى قيادة قوة سياسية مدنية معادية للإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة.

ويصنف مرزوق الذي كان يشغل خطة الأمين العام للنداء ضمن الشخصيات السياسية التي تتبنى فكريا يساريا وسطيا يحاول تجذير مرجعيته في التجربة الوطنية التونسية.

ويجاهر مرزوق بأنه يسعى إلى قيادة تحالف حزبي ديمقراطي يؤمن بمدينة الدولة يكون قوة سياسية انتخابية قادرة على قطع طريق الحكم أمام النهضة خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع أجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 عبر صناديق الاقتراع.

ورأى مراقبون دعوة الأمين العام لحزب مشروع تونس مبادرة من شأنها أن تحقق الاستقرار وتخفف الأزمة السياسية شرط توفر الإرادة السياسية" لبقية الأحزاب.

وقال منصف وناس الباحث في علم الاجتماع الثقافي "إذا كانت الدعوة تسعى إلى تحقيق الاستقرار السياسي وتوازن المشهد السياسي فهي مبادرة إيجابية".

وأضاف وهو يتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين "إن تونس اليوم في حاجة إلى مبادرة سياسية تنتج الاستقرار وتساهم في حلحلة الأزمة الهيكلية".

وباستثناء النداء تؤثث الخارطة السياسية العشرات من الأحزاب اللبرالية والعلمانية ولكنها تبدو أحزاب صغرى غير ذات ثقل سياسي ما جعلها عرضة للتهميش.

وتشق تلك الأحزاب خلافات عميقة سواء من حيث المرجعية أو من حيث التوجهات السياسية إذ تنقسم إلى أحزاب قومية عربية ويسارية وسطية ولبرالية وعلمانية.

وإضافة إلى ضعف أوزانها الانتخابية تفتقد تلك الأحزاب إلى برامج تنموية وسياسية عملية خاصة بها مما جعلها تدور إما في فلك تحالف النداء والنهضة مثل الحزب الوطني الحر أو تدور في فلك المعارضة مثل آفاق تونس وحرة الشعب والحزب الجمهوري.

ويرى سياسيون أنه من الصعب تحقيق تشكيل تحالف أوسع على طريقة محسن مرزوق الهدف في ظل غياب حزب يحظى بثقة القوى الحزبية الصغرى المشتتة.

وقال محمد الكيلاني الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض إن "التحالف بين النهضة والنداء هو الذي يقف وراء تشتت الأحزاب الديمقراطية ووراء بناء خارطة سياسية متوازنة ترتهن للممارسة الديمقراطية".

وأضاف الكيلاني وهو يتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين "الأحزاب الديمقراطية اليوم تعيش حالة من التشتت وتشقها خلافات عميقة منها ما هو موضوعي يتعلق بطبيعة هويتها ومنها ما هو نتيجة الانتهازية والحزبية" لافتا إلى أنه "من الصعب توحيدها على الرغم من أن أوضاع البلاد تفرض بناء قوة سياسية ديمقراطية.

وخلال حديثه عن وثيقة قرطاج قال مرزوق إن "كل الموقعين على الوثيقة يرغبون في العودة للتفاوض "لكن قرار التعليق وخيوط اللعبة عند رئيس الجمهورية".

ووجه نداء لرئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي للتحلي ببرودة الدم والتعقّل والجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حل يرضي كل الأطراف لأن تونس لا تتحمل المزيد من التوتر".

وأعلن مرزوق أنه مستعد للجلوس مع كل الأطراف وتجاوز كل "الحواجز النفسية القديمة" لتحقيق التهدئة، قائلا "أنا مستعد لطيّ صفحة الماضي مع الجميع والجلوس حول نفس الطاولة للخروج من الأزمة القائمة".

وتستبطن هذه التصريحات، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون، استعداد مرزوق للعود إلى نداء تونس وإلى بناء تحالفات مع الأحزاب الديمقراطية الأخرى.

ويرى الأمين العام لمشروع تونس أن الاستقرار السياسي لا يتحقق إلا من خلال بناء قوة سياسية حداثية ديمقراطية تكون منفتحة أكثر ما يكون على المشهد السياسي عدا حركة النهضة التي يجاهر بأنه يقود حزب مشروع تونس لمواجهة مشروعها الإخواني.

ويشدد مراقبون على أن مشكلة تونس تتمثل في فشل الطبقة السياسية سواء منها الحاكمة أو المعارضة في تركيز مشهد سياسي متوازن يحقق الاستقرار ويساعد الحكومة على تنفيذ برنامجها الإصلاحي وعلى إعادة توزيع الثروات بين التونسيين بشكل عادل.

وقال وناس "إن عنصر الاستقرار هو الكفيل بحلحلة الأزمة لا السياسية فحسب وإنما الأزمة الهيكلية من خلال إنعاش الاقتصاد وانتهاج سياسات ذات مضمون اجتماعي".

وشدد على "ضرورة تحريك نداء تونس وفض أزمته وتقويته"، مشيرا إلى أن ذلك "مرتبط بإرادة الرئيس قائد السبسي".

ويتوقع مراقبون أن تشهد تونس خلال الأيام القادمة حراكا سياسيا باتجاهين اثنين، أولهما حل أزمة النداء من خلال عودة المنسحبين بناء على اتفاق يقضي بعقد مؤتمر يفضي إلى قيادة منتخبة، وثانيها تركيز أوسع تحالف ممكن بين الأحزاب الديمقراطية المدنية.

كما يتوقع المراقبون أن يلقي الرئيس الباجي قائد السبسي بثقله لحل أزمة النداء في ظل إشارات تقضي باستبعاد نجله حافظ من قيادة الحزب بما من شأنه حلحلة الأزمة السياسية.