مكامن الإرهاب اللغوي في الخطاب الإعلامي

كتاب الدكتور أكرم الربيعي "الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الاعلام" يشير إلى انحراف سلوكي ينبغي التصدي له، لما يتركه من تأثيرات خطيرةعلى مجتمعاتنا.
وسائل الاعلام بمختلف أشكالها وسيلة لمتابعة مظاهر العنف السلوكي
العنف التلفزيوني أصبح اكثر كثافة بتعدد مصادر المشاهدة التلفزيونية

يعد الكتاب الذي أصدره الدكتور أكرم الربيعي الموسوم بـ"الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الاعلام" أحد أكثر المصادر الاعلامية المهمة التي تناولت ظاهرة تفشي مظاهر العنف اللغوي في وسائل الإعلام، وبين الباحث مخاطر وتأثيرات انتشار هذا العنف على أكثر من صعيد، وهو يؤشر انحرافا سلوكيا ينبغي التصدي له، لما يتركه من تأثيرات ضارة على مجتمعاتنا، كون وسائل الاعلام بمختلف أشكالها، هي الوسيلة التي من خلالها، ترى مظاهر العنف السلوكي، وقد انتشرت بين مضامينها بأشكال مختلفة.
 وللدكتور أكرم الربيعي مؤلفات قيمة في مجال البحث الإعلامي، وله بحوث إعلامية ومحاضرات كثيرة في مجالات الإعلام وتحليل المضمون وعنف اللغة والمضمون الاتصالي، وكانت زاده الوفير للمكتبة الاعلامية العراقية والعربية حيث تصدرت عناوين كتبه أغلب معارض الكتب العربية وبخاصة في دول الخليج ومصر ودول المغرب العربي والاردن، وحظيت بإنتشار واسع، وإشادة من باحثين متمرسين في ميادين الاعلام والصحافة والفضائيات."

عرض كتاب
اللغة تتعرض للتشويه والتحريف

 وكتاب "الممارسة الخفية والمعلنة لعنف اللغة في وسائل الاعلام" للباحث الربيعي صدر مؤخرا عن دار أمجد للنشر والتوزيع في الاردن، والكتاب يقع في (200) صفحة، ويتألف من أربعة فصول، تطرق الباحث في الفصل الاول الى عنف اللغة الاعلامي بين سلطة اللغة والفعل التواصلي.. أما الفصل الثاني فعرض مكامن العنف اللغوي لغة الخطاب الاعلامي أنموذجا، في حين تضمن الفصل الثالث نظريات العنف اللغوي الاعلامي.. أما الفصل الرابع فتطرق الى حدود العلاقة بين العنف اللغوي المستخدم في وسائل الإعلام وحالات التطرف ثم خاتمة وتوصيات.
 وأشار الباحث في مقدمة كتابه الى أن وسائل الإعلام بانواعها المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية تمارس عنفا لغويا في خطابها الاعلامي، وباتت هذه الصورة اكثر وضوحا في الانواع الصحفية كالخبر والتحقيق الصحفي والتقرير الصحفي والحوار الاعلامي والمقال الصحفي ومختلف الفنون الصحفية الاخرى وأصبح طابعا تتسم به مختلف وسائل الإعلام والفضائيات العراقية والعربية وحتى الدولية أحيانا.
 ويقدم الباحث في كتابه هذا الذي يعد من الدراسات الفريدة في تناول مضمونه في مناهج الاعلام العراقي إن صح التعبير دراسة معمقة عن عنف اللغة في فصوله الاربعة ومنها العنف الخطابي والعنف الكلامي وعنف اللسان والعنف الرمزي وانواع اخرى، كما تطرق الكتاب الى نظريات العنف اللغوي الاعلامي من خلال ثمانية محاور رئيسة، مستعرضا النظريات النفسية والاجتماعية والاتصالية التي تفسر ظاهرة العنف اللغوي في وسائل الاعلام.
 وبين الباحث أن الحروب التي سادت المنطقة، والصراعات بين الانظمة السياسية وبينها بين جمهورها وتعدد انواع الايدلوجيات والمذاهب الفكرية والدينية هي من تذكي الصراعات وعوامل الاحتراب لتفعل فعلها في اللغة، وتؤدي الى سيادة مظاهر العنف والصراع الذي يصل الى حد استخدام الكلمات البذيئة والنابية، والتي تتعارض مع قيم المجتمع وبنائه الفكري الايجابي.
 كما أشار الباحث الى أن العنف التلفزيوني أصبح اكثر كثافة بتعدد مصادر المشاهدة التلفزيونية، حتى ان البرامج التلفزيونية اصبحت مصعنة ومعدة لغايات تجارية واستهلاكية وحتى سياسية، وكل لها طابعها في التحريض والاثارة وسلوك العنف بين مضامينها، وربما تعد نشرات الاخبار والبرامج الحوارية وحتى الافلام السينمائية احد تلك الانشطة التي يعد العنف احد ابرز سماتها.

يجدر بمن يتصدى لمهنة الاعلام أن يحسن التقدير في ابلاغ رسالته الى الجمهور ويوصلها الى المتلقي دون التجني على اللغة

 ويوضح الباحث في كتابه ايضا أن اللغة في وسائل الاعلام وبخاصة في الحوارات التلفزيونية تتعرض يوميا لموجات من التشويه والتحريف، وعليه يجدر بمن يتصدى لمهنة الاعلام أن يحسن التقدير في ابلاغ رسالته الى الجمهور ويوصلها الى المتلقي دون التجني على اللغة، مشيرا الى ان موضع الخطورة يمس الشعور والتداول بين البشر لأن العنف يتسلل من اللغة كمجموعة من المفردات الى المتلقي.
 ومن التوصيات التي خرجت بها الدراسة ضرورة حث وسائل الاعلام بمختلف انواعها على التقليل من استعمال الكلمات والتعبيرات التي تدل على العنف الخطابي وحصر استعمالها عند الضرورة القصوى لان تكرارها يرسخ هذه المفاهيم في اذهان الجمهور المتلقي.
 ومن التوصيات الأخرى توسيع الدراسات العلمية التي تتناول تأثيرات استعمال الكلام العنيف في وسائل الاعلام على الجمهور المتلقي للرسائل الاعلامية، وتشجيع الباحثين على دراسة حالات التطرف والارهاب الناجمة عن العنف اللغوي.
 كما دعا الباحث ضمن توصياته الى إجراء إستطلاعات رأي الجمهور ودراسة تحليل المضمون للخطاب الاعلامي في وسائل الاعلام والكشف عن مظاهر العنف الخفي بين مضامينها اللغوية، والعمل على إشعار وسائل الإعلام بالكف عن دخول منهج العنف اللغوي والمجتمعي لمخاطره الكثيرة والضارة في حياة الشعوب والمجتمعات عموما.
 ولا بد من أن نشير ان للباحث كتبا وبحوثا كثيرة، وهو يرأس مركز أضواء للدرسات والبحوث، الذي صدر عنه مجموعة من الكتب والدراسات، كان آخرها كتاب للدكتور سعد معن الموسوم (الناطق الإعلامي الأمني.. تجربتي الذاتية في مهام المتحدث الاعلامي) صدر قبل أيام بغلاف وتصميم رائعين، وهو أحد تلك الكتب المهمة التي كانت من اصدارات هذا المركز البحث المهم.