من الجيش السوري الحر إلى الجيش الوطني

أنطوان لحد مرة أخرى. هذه المرة هو سوري ومدعوم تركياً.

يوم كان هناك جيش سوري حر كانت هناك معارضة سياسية سورية.

يوم انهار ذلك الجيش الحر انهارت تلك المعارضة.

لقد حدث الانهيار من الداخل قبل أن تتكالب على الجيش الحر الجماعات الإرهابية المسلحة. حدث ذلك الانهيار تحت أعين المعارضين السوريين وقد يكون لبعضهم دور فيه، بعد أن باع ذلك البعض طمعا بالمال والجاه الثورة لأطراف إقليمية أولا وعالمية ثانيا.

تم الاجهاز على الجيش الحر حين تعرضت الثورة للغدر على أيدي مَن نصبوا أنفسهم ممثلين للشعب السوري الذي كان ينادي في الداخل بوحدته الوطنية فيما كانت المناصب تُوزع في الخارج على أساس طائفي.

كان الجيش الحر ضحية مزدوجة. ضحية قيادته التي تآمرت عليه وارتضت أن تصمت على تدخل قوى إقليمية ودولية من خلال جماعات لا يعرف أحد أهدافها مقابل هبات مالية وضحية مجتمع دولي قادته الولايات المتحدة في متاهة الجماعات الإرهابية المسلحة التي غزت سوريا فجأة.

خسر السوريون ذراع ثورتهم المسلح يوم وجد مقاتلو الجيش الحر أنفسهم ضائعين ومنبوذين وسط العاصفة.

ابتلعت الجماعات المسلحة الجيش الحر بعد أن حضرت مسنودة بتمويل مفتوح في السلاح والمال والبشر.

مما يؤكد أن المعارضة السياسية الرسمية قد تخلت عن الجيش الحر عن سابق تصميم أنها قامت بتبني الجماعات المسلحة باعتبارها فصائل الثورة التي تقاتل من أجل أن يصل الشعب إلى أهدافه في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

وكان ذلك كذبا صريحا. 

كانت تلك الجماعات ذات النزعة الدينية لا تؤمن بالوطن ولا بحقوق الإنسان ولا بالعدالة الاجتماعية. ليست سوريا بالنسبة لها إلا مجموعة من الامارات الإسلامية التي تناحرت في ما بعد في ما بينها.

المؤسف أن المعارضة السورية التي جرى اختطافها من قبل دولة إقليمية كانت على صلة بتمويل الجماعات الإرهابية لم تكاشف الشعب الذي تزعم أنها تمثله بحقيقة ما جرى. بل فعلت العكس تماما.

وصل الاستخفاف بالثورة وبالشعب إلى درجة أن أحد زعماء الائتلاف الوطني تبنى جبهة النصرة علانية واعتبرها فصيلا وطنيا مناضلا ضد النظام.

كانت خيانة الجيش السوري الحر جريمة، هي التمهيد لما شهدته الثورة من انهيارات وفي المقابل كانت سوريا وشعبها يدفعان الثمن. وهو ما لم يفكر فيه المعارضون السوريون الذين حملوا النظام مسؤولية ما يجري وأعفوا أنفسهم من تلك المسؤولية.        

اليوم تتورط المعارضة في جريمة جديدة في حق سوريا من خلال وقوفها وراء تأسيس جيش يحمل اسمها، يتبع تركيا، تكون مسؤوليته الدفاع عن المناطق السورية التي تحتلها تركيا. وهو ما يعني إقامة جيب سوري عميل لتركيا على الأراضي السورية.

أنطوان لحد مرة أخرى.

ما الذي ستربحه المعارضة السورية من ذلك الجيش الوطني الذي سيكون في خدمة المشروع التركي في سوريا؟

ولكن تركيا لا تحتاج إلى موافقة تلك المعارضة لتؤسس جيشا وطنيا يكون بمثابة جيب لها في الأراضي السورية. ما تعرفه عن تلك المعارضة يسمح لها بالقيام بذلك. كان ارتباط المعارضة السورية بتركيا هو أول الخطوات نحو الهاوية.     

تركيا كانت الممر للجماعات الإرهابية التي دخلت إلى سوريا. قبض اردوغان مليارات الدولارات من أجل القيام بذلك.

تلك الجماعات لم تدمر سوريا وحدها بل محت كل أثر من آثار ثورة شعبها. لقد حولت الشعب السوري إلى حشود من النازحين. لمَ لا نعترف أن الجماعات الإرهابية حين أقامت اماراتها الإسلامية قد مهدت الطريق أمام جزء كبير من الشعب السوري للهروب من مصير، لم تكن الثورة تعد به؟

تخطط تركيا من خلال إنشاء الجيش الوطني للبقاء في سوريا رافعة شعار المعارضة السورية. وهو ما يلزم المعارضة السورية أن تعلن براءتها من ذلك الجيش الذي هو عنوان معلن للارتزاق على حساب الوطن.