مَن قدوة سيدات الأعمال؟

سيكولوجية صناعة المال بذكاء هي من تصنع المثال، وليس المال نفسه، ستيف جوبز كان مثالا بامتياز خلال حياته الحافلة بالابتكار لأنه رؤيوي لا يتخلى عن رؤيته، وعندما تدفق عليه المال لم يفكر فيه بقدر تفكيره في صناعة المستقبل.
الشهرة

تقترح مايكه كوري وهي كاتبة في صحيفة فايننشيال تايمز ومديرة الاستثمار في شركة دولية أن تقتدي سيدات الأعمال بأوبرا وينفري، في محاولة لإحياء الروح في عالم المستثمرات، عله يكون موازيا لرجال الأعمال.

ولأن مايكه كوري مندفعة من خلال عملها في شركة “فيديليتي إنترناشيونال” لزيادة القوة المالية للمرأة ترى في وينفري نوعا من القوة الاستثمارية، مع أن أموالها الضخمة نتاج لعبة غير عادلة في عالم الاقتصاد اسمها “ثراء المشاهير”.

تدرك مايكه أن غباء برتني سبيرز على سبيل المثال مرتفع إلى درجة لا تجعلها تفرق بين الاستثمار والادخار، ومع ذلك تعد من الأثرياء وثروتها تجعلها تعادل كبار المستثمرين في العالم، فهل يمكن اتخاذها قدوة لسيدات الأعمال؟

بالطبع لا! فلماذا وقع اختار هذه المرأة الناجحة، على وينفري لتكون مثالا، مع أنها ليست كذلك، هي مثال للشهرة التي تستحصل أحيانا بالمصادفة أو بلعبة الحظ، من دون أن نغفل الاندفاع والعمل والحضور والترويج الإعلامي.

الشهرة لا تصنع أمثلة سامية، تدرك مايكه ذلك، والأموال التي يجنيها المشاهير ليست استحقاقا للجهد العقلي الشاق والذكاء المهني، بل أحيانا تحصد إحداهن ثروة ضخمة من إعلان لا يحمل غير الإثارة، فلماذا تريد لسيدات الأعمال وبنية طيبة أن تكون إحدى أكثر المشاهير امتلاكا للمال قدوة لهن، وهي من ضمن مجموعة “معبئ الأكياس″ وفق الفكرة التي استثمرتها في المقال من عالم الاستثمار في وول ستريت.

تعترف مايكه بأن أوبرا شاركت في لعبة الاستثمار للمرة الأولى بمبلغ 43 مليون دولار، وانضمت إلى مجلس إدارة كبرى الشركات، من دون أن تخبرنا هل تشارك بنفسها في اجتماعات مجلس الإدارة وهل لديها أفكار وخطط مستقبلية للعمل وهل تقترح ما يبعث على المزيد من النجاح؟

لا يمكن أن نتوقع غير أن يكون أحد الاقتصاديين العاملين لديها ممثلا لها في الاجتماع، من دون أن تدرك هذه السيدة التي يتابعها الملايين في برنامجها الحواري، غير أن أموالها قد تضاعفت!

يبدو لي أن سيكولوجية صناعة المال بذكاء هي من تصنع المثال، وليس المال نفسه، ستيف جوبز كان مثالا بامتياز خلال حياته الحافلة بالابتكار لأنه رؤيوي لا يتخلى عن رؤيته، وعندما تدفق عليه المال لم يفكر فيه بقدر تفكيره في صناعة المستقبل. مات الرجل مالكا أغنى الشركات في العالم، لكن ذكراه لا تتحدث عن ماله مطلقا بل عن رؤاه التي لم يتنازل عنها عندما حول الكمبيوتر من كتلة يصعب حملها إلى لوحة خالية من الأزرار، لكنها تحتوي على كل شيء!

ومن أجل أن نزيح العوائق الشخصية والاجتماعية أمام صعود المرأة علينا أن ندرك أن من نزل عليهم المال بطريقة أو بأخرى ليسوا مثالا، بل من صنعوا الأفكار التي تجلب المال هم المثال.