نحن وإيران، كيف ولماذا؟

تحاول إيران السيطرة على المنطقة العربية من خلال تركيبة معقدة من الميليشيات الموالية والافكار وحث التعاطف معها.

صراع دائر على الساحة اليوم، صراع بين فريقين، الأول تقوده إيران ويتبعها مجموعة سنأتي على ذكرها لاحقا، والفريق الثاني السعودية ويتبعها التحالف العربي.

الأول يدعي انه يحارب ضد الولايات المتحدة وإسرائيل ويرفع شعار الموت لأميركا، الموت لإسرائيل.

والفريق الثاني يحارب من اجل منع إيران من السيطرة على الوطن العربي.

كثير من المثقفين العرب يقف مع إيران لأنها تقف ضد أميركا وإسرائيل، ولكن لنبحث هل هذا الادعاء صحيح؟

وهل من الممكن مقارنة خطر الاحتلال الصهيوني وهو احتلال استيطاني لبقعة من الوطن وطرد أهلها، بما تفعله إيران؟

إسرائيل تحتل الأرض، والأرض يمكن استعادتها، ولكن الخطر والخطر الأكبر هو في احتلال العقول والارواح والقلوب، وتحويل أفراد الأمة وبعض قادتها إلى أدوات شطرنج وبيادق تحركها حيث تشاء.

أيران درست التاريخ دراسة متعمقة، فوصلت لنتيجة مفادها ان الاحتلال المباشر للدول يسقط لا محالة، وآخرها ما فعله الراحل صدام حسين حين أخطأ باحتلال الكويت فاجتمعت عليه دول الارض واخرجته.

فكانت خطتها واستراتيجيتها هي في:

- تبني المذهب الشيعي الأثنى عشري كأساس للدول ظاهريا ووضع مبدأ ولاية الفقيه كأساس للمذهب فقيها وسياسيا.

- استمالة بعض الشيعة العرب والمسلمين وتبني قضاياهم إعلاميا وتدريبهم عسكريا وجمعهم في مليشيات تحت قيادة لواء القدس الإيراني اذكر منها:

* "حزب الله" اللبناني وتشير التقديرات إلى أن قوة حزب الله تتراوح ما بين 20 إلى 50 ألف مقاتل.

* "الحشد الشعبي" العراقي وانظمت له المليشيات العراقية التي تقدر بحوالي 22 مليشيا مثل منظمة بدر وعصائب اهل الحق وسرايا السلام وأبو الفضل العباس وغيرها وعدد المجندين يقدر من 60 إلى 90 ألف.

*" أنصار الله" المعروفة بالحوثيين في اليمن وكانوا يقدرون بـ 100 ألف عام 2011 إلا ان ضربات التحالف العربي والجيش اليمني اثرت عليهم ولا يعرف عددهم الآن.

* "فاطميون" وهي ميليشيا افغانية شاركت في القتال الى جانب أميركا اثناء حربها لاحتلال أفغانستان، وساهمت في حرب ايران ضد السوريين ولا يعرف عددها إلا انها لا تقل عن 3 الاف مجند.

* "زينبيون" وهي مليشيا باكستانية شاركت أيضا الحرب في سوريا الى جانب إيران ونظام الأسد وعددها غير معروف ولكن لا يقل عن 3 الاف مجند.

* "سريا الأشتر" البحرينية وقد قامت بالكثير من العمليات الإرهابية في البحرين وعددها حوالي 500 مجند حسب بعض المصادر.

* "حزب الله" في الكويت وهذا قد تم القضاء على عموده الفقري بعد عمليات ناجحة لقوات الآمن الكويتية، وقد قامت هذه الميليشيا بتفجيرات في الحرم المكي عام 1998 وفي مدينة الخبر بالمملكة العربية السعودية 1996 ومحاولة قتل امير الكويت عام 1985.

ويقوم النظام الإيراني أيضا بالإستمالة العاطفية لجموع الشيعة في العالم، ودخلت بنفسي الى كثير من المنازل للشيعة في منطقة القطيف في السعودية ووجدت صور الخميني وصور خامنئي تتصدر مجالسهم ومنازلهم ونجد اعلام حزب الله الصفراء وصور خامنئي تتصدر مظاهراتهم، وما على القارئ الكريم المخالف لي في الرأي سوى البحث في صور غوغل عن مظاهرات لبنان او البحرين ليرى بأم عينه صدق ما أقول.

- التبني الظاهري والإعلامي لقضية العرب المركزية قضية القدس وقضية فلسطين وعمل محور مناهض لجميع الدول المخالفة لها وأسمته محور المقاومة أو محور الممانعة وهذا المحور لم نجد له فعالية حقيقية سوى في تحرير جنوب لبنان وهو عمل قامت به الكثير من القوى المقاومة وليس حزب الله الإيراني اللبناني فقط ولكن تم خطفه ليجير إعلاميا وشعبيا لحزب الله وبخس دور بقية المقاومين. ونرى ان حزب الله بعد اخراج الفصائل الأخرى لم ينتصر في أي حرب أعلنت على لبنان بل ودمرت لبنان في حرب عام 2006 إذ قتل وجرح الالاف من اللبنانيين وتكلفة الحرب المادية زادت على مليار دولار لبنانيا فقط ولم تتعرض إسرائيل الى هذا وتم اصدار القرار الدولي بخلق منطقة حماية لإسرائيل في الأرض اللبنانية ليس للبنان سيطرة حقيقة عليها بل لقوات اليونيفيل. ومع هذه الأرقام الفاضحة التي لا تكذب يخرج علينا الإعلام المتحيز ويقول ان حزب الله انتصر في هذه الحرب، فاذا كان هذا هو النصر فما هي اذن الخسارة؟

 كما قامت إيران بأنشاء مئات القنوات الإعلامية لسانها بالعربية وقلبها إيراني من أمثال قناة العالم والمنار والميادين والكوثر والكثير غيرها اذ يقدر عددها بحوالي 200 قناة تنطق بالعربية تبث من لبنان وسوريا والعراق والكويت والإمارات وطهران ولندن كلها تتكلم عن إيران كحامية للمقاومة والممانعة وللمستضعفين.

وكغطاء أعلنت إيران العداء الظاهري لأميركا ودعتها الشيطان الأكبر والموت إسرائيل، وما فضيحة "ايران كونترا" في أيام الرئيس الأميركي رونالد ريغان وفضيحة الناقلة الإسرائيلية وشركة "عوفر براذرز" الا دليل صارخ على أن العداء لأميركا وإسرائيل ما هو الا عداء ظاهري خارجي والنزاع بينهم نزاع مصالح ليس إلا. ولا ننسى ان إسرائيل لم تتوانَ عن ضرب المفاعل الذري العراقي "أوزيراك" في عام 1981 أو محطة التجارب النووية السورية في دير الزور عام 2007 ولكنها لم تحاول الا شفهيا ضرب أي مفاعل إيراني على طريقة "اسمع جعجعة ولا أرى طحينا" أليس هذا وحده دليل كاف ليحرك العقول؟ والصراع الدائر بينهم اليوم هو صراع على مصالح ومناطق نفوذ وليس صراع بقاء وهوية كما هو الصراع العربي الإسرائيلي او الصراع العربي الإيراني.

-  محاولة جذب واستمالة المفكرين والكتاب والنخب العربية التي تعارض أنظمة الحكم القائمة في دولها، او تحاول اصلاح بعض مواطن الخلل والنقص والخطأ في الأنظمة، وكنت أنا محدثكم تعرضت لمحاولة استمالة ونشرت قناة العالم الفضائية أحد مقالاتي وحملته بعض ما لا يحمل ورددت عليهم بمقال "إيران وسنام الجمل" ولكن للأسف سقط الكثير في فخ إيران ودعمها المالي والمعنوي لهم فباتوا اسارى لنظامها وخططها.

تكلمنا عن التكتيكات الإيرانية في العالم العربي، فما هو الهدف الاستراتيجي لها؟

الهدف الاستراتيجي هو ان تجعل إيران مركز للمنطقة وكل الدول المحيطة بها عبارة عن كواكب تدور في فلك تقرره وتقدره لها هي بما يتماشى من مصالحها، وان تكون الأنظمة القائمة تأتمر بأمرها، وهذا ما حدث في العراق، فلا يمكن ان يتولى أي شخص السلطة الا بعد موافقة الولي الفقيه، ورضاه وإعلانه الولاء لإيران وتعهده بعدم الخروج عن سلطته، وما يحدث أيضا في لبنان الا دليل اخر.

هي لا تحاول احتلال الدول بإنزال عسكري وحرب معلنة، بل تحاول احتلالها من الداخل، وخلق ميليشيات محلية كحزب الله في لبنان، ومليشيات الحشد الشعبي في العراق، ومليشيات الحوثي في اليمن، ومليشيا الأشتر في البحرين وغيرها مما يعلن عنه او ما زال في طور التكوين

أعضاء هذه المليشيات عرب، من أبناء الوطن، تستعملهم إيران كمخلب القط ليقوموا نيابة عنها بالأعمال التي لا تستطيع هي القيام بها مباشرة، مثل استغلالهم للحوثيين بالهجوم على ناقلتي البترول في باب المندب واستعمال هذا الهجوم كوسيلة ضغط على الغرب، أميركا واوروبا خلال محاولتها التملص من العقوبات الأميركية. تستغلهم ليكونوا عنصر التدمير الداخلي لأوطانهم، تستغل عربا لتدمير العرب وهؤلاء انجذبوا بفعل الإحساس الكاذب بالمظلومية عبر ما تزرعه فيهم الحسينيات، ووسائل الإعلام الإيرانية، وحتى ان لم يكونوا هم بأنفسهم مظلومين ولكنهم يحملّون كل العرب ما يقولون انه مظلومية الحسين رضي الله عنه، وان كل من خالفهم في المذهب هو موالٍ ليزيد وانه اموي يستحق القتل، فهم كمرحلة أولى يحاولون تدمير اوطاننا بيد مجموعة من أبناء وطننا تحت شعار المظلومية والاستضعاف.

هؤلاء مدفوعون بالتطرف المذهبي ويحلمون بأحلام وردية بأنهم سيلتقون بمحمد صلى الله عليه وسلم وبفاطمة رضي الله عنها وبالحسين رضي الله عنه إذا قاموا بأعمالهم ضد بقية مجتمعهم من الظالمين الأمويين.

ولكن هؤلاء لا يعلمون اننا نحب رسول الله الله وعترته الطيبة الطاهرة، ونأتمر بقوله تعالى (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) فنحن نود قرابته صلى الله عليه وسلم وآل هاشم كلهم ونود قريش كلها ونود كل إخواننا المسلمين.

ولكن لنذكر هؤلاء الذين يحلمون بإيران وبأنها المخلص للمستضعفين، ان إيران تكره كل عربي شيعيا كان أو سنيا، وما افعالها بالشيعة العرب في الأحواز بخافية على الأعين، وما قولهم بان المهدي الشيعي إذا خرج فسيبدأ بالعرب فيقولون "أن المهدي ليس بينه وبين العرب وقريش إلا الذبح" كما قال بذلك النعماني في كتابه "الغيبة" بخافٍ على أحد وأقرب دليل على ايمانهم بهذا ما انتجوه من لعبه الكترونية اصدروها قبل فترة وتولى تعميمها ونشرها موقع واسمه "ساجو" مسجل في "مركز تنظيم المواقع الإلكترونية الإيرانية" التابع لوزارة الثقافة والإرشاد في إيران، أي انه موقع رسمي ويقدم نفسه على أنه موقع ترفيهي ينشط طبقا لقوانين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي لعبة باسم "عربي رو مورد ضرب وشتم" أي اضرب واشتم عربيا وهو يمتع اللاعب بضرب وشتم العرب والصور التي تظهر فيه تصور العرب بانهم أناس يستحقون الضرب والشتم.

ليعلم كل من يؤيد أيران ويرضى ان يكون مخلب قط لها في المنطقة ويرفع اعلامها واعلام ميليشياتها بانها تكره كل عربي وأي عربي وكل ما يمت للعروبة بصلة سواء سياسيا داخليا او دينيا في بطون أمهات كتبهم وحتى في الألعاب التي ينشئون أطفالهم عليها.

إيران لا تعمل على احتلالنا بجيوشها واسلحتها بل تعمل على احتلالنا عن طريق من ينحاز اليها سواء من الشيعة الذين يحاربون تحت لواء "لبيك يا حسين" او "يا لثارات الحسين". لا اعلم هل ناداهم الحسين لقتل الأمة فيجيبون بلبيك وكيف سيأخذون بثأر الحسين رضي الله عنه وممن سيأخذون منه بالثأر فالقاتل والمقتول كلاهم عند الله سبحانه تعالى وهو من سيحكم بينهم وليعطوني أي اثبات او دليل من نقل او عقل ان الحسين طالبهم بأخذ ثأره؟ ولماذا لا يتبعون سنة الحسن رضي الله عنه؟

احتلال ايران لنا سيكون مثل احتلال "الحشد الشعبي" للعراق واحتلال "حزب الله" للبنان واحتلال "أنصار الله الحوثي" او محاولة "جماعة الوفاق" وتنظيمها العسكري "سريا الأشتر" احتلال البحرين.

ومحاربة هذا النوع من الاحتلال هو المطلوب، وان لا نترك المجال مفتوحا للأبواق الصفوية لغزو عقول فئة من شبابنا وتحويلهم الى قنابل موقوتة في مجتمعنا ووطننا.

ويكفي للدلالة على هذا ما يصرح به القادة الإيرانيون أنفسهم، ومن فمك أدينك.

إذ يقول نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء إسماعيل قائاني، إن "إيران مستمرة ’بفتح‘ بلدان المنطقة وإن الجمهورية الإسلامية بدأت بسيطرتها على كل من أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين وإنها تتقدم اليوم في نفوذها في بقية بلدان المنطقة."

وصرح حجة الإسلام حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد، إن "إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية".

وقال عضو البرلمان الإيراني عن التيار المتشدد النائب علي رضا زاكاني، إن "الثورة اليمنية لن تقتصر على اليمنيين وحدهم، بل ستمتد بعد نجاحها إلى الأراضي السعودية"، مشيراً إلى أن "المنطقة الشرقية التي تقطنها غالبية من الشيعة السعوديين سيقودون تلك الاحتجاجات المناهضة للنظام."

من هذا نعلم ونؤمن انه يجب محاربة وسائل الغزو الثقافي الإيراني القادم الينا من قم، وتبيان ان إيران ودعاتها يكرهون العرب حتى العرب الموافقين لهم في المذهب، وما مساعدتها لهم اليوم الا لاستعمالهم كأدوات حرب على أمتهم ووطنهم وحين يقضون منهم وطرهم وتنقضي الحاجة لهم فسوف يلقون بهم في القمامة، وسيعانون ما يعاني الشيعة العرب في الأحواز او الشيعة العرب في العراق فمبدأهم هو اقتل عربيا.