وكالة المخابرات المركزيّة جندت ودربت الجهاديين

المحافظون الجدد المجتمعون حول ريتشارد بيرل كتبوا وثيقة قبل سنة واحدة من 11 سبتمبر: قد تحتاج أمريكا لحدث محفزا على غرار الهجوم على بيرل هاربور كان حادث 11 سبتمبر هو هذا الحدث المحفزإن الناس المتجمعين تمنوا هجمات سبتمبر.

في كتابه الأخير ” كيف وصل الجهاد إلى أوروبا “، كشف الصحفي الألماني يورجن إلساسير النقاب عن الخيط الجهادي. المقاتلون الإسلاميون الذين جندتهم وكالة المخابرات المركزية للقتال ضد السوفييت في أفغانستان استخدموا على التوالي في يوغوسلافيا والشيشان، وظلت تدعمهم وكالة المخابرات المركزية، ولكن ربما خارج سيطرتها أحيانا. واستنادًا إلى مصادر متنوعة، خاصةً يوغسلافية وهولندية وألمانية، أعاد بناء تطور أسامة بن لادن ومساعديه في جانب حلف شمال الأطلسي في البوسنة والهرسك.

إنه العمل الوحيد الذي يوضح العلاقة بين حروب البلقان منذ التسعينات وبين الهجوم الذي وقع في 11 سبتمبر 2001. جميع الهجمات الكبيرة في نيويورك وفي لندن ومدريد ما كانت لتحدث، دون تجنيد المخابرات الأمريكية والبريطانية لهؤلاء الجهاديين الذين يلقى عليهم باللوم في الهجمات. أحمل ضوءا جديدا على تلاعب وكالات الاستخبارات. وقد لاحظت الكتب الأخرى وجودا لأسامة بن لادن في منطقة البلقان. لكن مؤلفيها قدموا المقاتلين المسلمين في البلقان كأعداء للغرب. المعلومات التي جمعت من مصادر متعددة، تدل على أن هؤلاء المجاهدين هم دمى في يد الغرب وليسوا، كما قد يقول قائل، أعداء.

في الواقع، هذه نتيجة الحقائق التي يمكن للمرء أن يلاحظها، ولكن لا يمكن القول بأن التدخل الغربي في يوغوسلافيا السابقة كان يهدف لإعداد هجوم الحادي عشر من سبتمبر على وجه الدقة: هذه الهجمات هي نتيجة للسياسة الغربية من التسعينات ولمنظمة حلف شمال الأطلسي حيث وضع الجهاديين في مكان في منطقة البلقان وتعاونت معهم. وكان من بينهم الإسلاميون المتطرفون الذين تم تحديدهم كأشخاص مسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر فقد كانوا جزءا من هذه الشبكة.

كانت هناك مرحلتان. حتى نهاية عهد كلينتون، كانت سياسة الولايات المتحدة إمبريالية، ولكن واقعية في نفس الوقت. طاردوا القوات السوفياتية حتى الانسحاب من أفغانستان. هزموا العراق في عام 1991. وتوقفت الحرب مرة واحدة وكانت الكويت حرة. ثم هاجموا البوسنة ويوغوسلافيا؛ لكنها وقعت مرحلة بعد مرحلة. بينما كل شيء خرج عن نطاق السيطرة بعد 11 سبتمبر. المحافظون الجدد، المجتمعون حول ريتشارد بيرل، كتبوا وثيقة قبل سنة واحدة من 11 سبتمبر :”قد تحتاج أمريكا لحدث محفزا على غرار الهجوم على بيرل هاربور”. كان حادث 11 سبتمبر هو هذا الحدث المحفز. وأنا مؤمن أن الناس المتجمعين حول بيرل تمنوا هجمات سبتمبر.

 فالولايات المتحدة تريد، ما ارادته النمسا في نهاية القرن التاسع عشر في البوسنة، إنشاء “إسلام أوروبي” لإضعاف الدول الإسلامية في الشرق الأوسط، وهذا يعني، في ذلك الوقت، الإمبراطورية العثمانية، ويعني اليوم إيران والدول العربية. وكانت للمحافظين الجدد مرة اخرى خططٌ مختلفة : بناء شبكة سرية من الدمى “الأصولية” للقيام بالعمل القذر ضد أوروبا “القديمة”.

قادت بداية التسعينات، قادت المانيا الهجوم على أساس مبادئ تقرير مصير المجموعات العرقية: وبعبارة أخرى، حيلة هتلر القديمة ضد تشيكوسلوفاكيا وبولندا في 1938-1939. ثم، تابعت الولايات المتحدة الإشادة “بحقوق الإنسان”، وهو خداع واضح. هناك إسرائيليون تعاونوا مع المحافظين الجدد. هذه حقيقة. لكنني لست متأكدا من الدور الذي تلعبه إسرائيل في هذه الأعمال. كان شارون ضد دعم الناتو لألبان كوسوفو. وفي عام 1998، أعرب عن قلقه حيال فكرة ان يدعم حلف شمال الاطلسي إنشاء العناصر الموالية للإسلاميين في البلقان. وأعتقد أيضا أنه لم يكن مؤيدا لهذه الحرب في العام التالي.

هناك روابط، لكنني لم أحلل طبيعتها. على سبيل المثال، بعد 11 سبتمبر مباشرة، تم اعتقال عدد معين من العملاء الإسرائيليين في الولايات المتحدة. كانوا موجودين في الأماكن التي تم إعداد الهجمات فيها. هناك محللون يقولون إن هذا دليل على تورط إسرائيل بشكل مباشر في الهجمات. لكنها قد تعني شيئًا آخر أيضًا. يمكن أن يكون هؤلاء العملاء يراقبون ما حدث، لأنهم كانوا على دراية بأن المخابرات الأمريكية دعمت هؤلاء “الإرهابيين” في التحضير للهجمات، لكنهم احتفظوا بمعرفتهم لاستخدامها في اللحظة المناسبة، ولكي يكونوا قادرين لاستخدامها كابتزاز عندما تأتي اللحظة: “إذا لم تقم بزيادة دعمك لإسرائيل، فسوف نسلم هذه المعلومات إلى وسائل الإعلام”. هناك احتمالية ثالثة: أن هؤلاء الجواسيس الإسرائيليين أرادوا التحذير من الهجمات، لكنهم فشلوا. في هذه اللحظة، نحن نعلم فقط أن العملاء كانوا هناك وأنهم اعتقلوا. ومن الضروري اجراء تحقيقات اضافية.

لست متأكداً من أنه قد تم وضع خطة قبل فترة طويلة. من الممكن ان يكون أناس مثل ريتشارد بيرل يرتجلون كثيراً ويستخدمون العناصر الإجرامية التي جهزوها ولكنهم لا يتحكمون بها دائما. وكما هو الحال في جريمة اغتيال كينيدي، من الواضح أن وكالة المخابرات المركزية متورطة، لكن لا يعرف أحد ما إذا كانت العملية مخططًا لها في القيادة، في لانغلي [مقر وكالة المخابرات المركزية]، او ان تصورها تم بين المنشقين الكوبيين العنيفيين الذين يعملون لصالح الوكالة والذين تتسامح الوكالة معهم.

ملخص حوار مع يورغن إلساسير من قبل سيلفيا  كاتوري

ترجمة: نعمان الحاج حسين