الاميركيون يهربون من مخاوفهم الى الوان الخريف

ووتربيري، فيرمونت
الهروب الى الالوان

يرتفع جبل مانسفيلد بلونه الاخضر الغامق المائل إلى الزرقة شامخا خلف أشجار البرتقال والليمون وغيرها من الاشجار في غابات وادي فيرمونت. ويقول أهالي فيرمونت أن الاشجار في هذه الولاية الاميركية الان "ترتدي ملابسها الشتوية" وفي طقوس سنوية تعود لعقود خلت يتدفق آلاف الاشخاص لمشاهدتها.

ويكتظ طريق فيرمونت رقم 100 المؤدي إلى شمال ستو بالسيارات التي تحمل لوحات معدنية من خارج الولاية وتقف أمام لوحات تعلن عن كل شيء من أغطية الاسرة إلى الحلوى ومن القرع إلى العسل. والفرق هذا العام هو أن الاعلام الاميركية ترفرف بينها.

ومنذ الهجمات الارهابية في 11 أيلول/سبتمبر على نيويورك وواشنطن، سجلت حجوزات تذاكر الطيران انخفاضا حادا في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وبدلا من البقاء بالمنازل اختار الكثير من الاميركيين ركوب سياراتهم والاتجاه نحو الشمال الشرقي حيث يتسنى لهم التمتع بعطلة بين مناظر الطبيعة مع الشعور بالامان.

وعند معصرة "كولد هالو سيدر" الواقعة على مشارف وسط بلدة ووتربيري يرقد تفاح ماكينتوش في أقفاص بانتظار عصره، بينما امتلأ موقف السيارات خارج المعصرة بطوابير السيارات.

وقال جويل جاكسون مدير المعصرة "لاحظت أن الاسبوع الاول كان أبطأ عن المعتاد لكن الان عدنا إلى سابق العهد، والزبائن يأتون من أماكن مثل تكساس ومن جميع أنحاء البلاد".

ولاحظ جاكسون أن حركة مرور السيارات أكثر من المعتاد، وأن العربات المؤجرة لا تزال تنقل رواد المتاجر الذين يتوقون إلى احتساء مشروب بين مناظر وأصوات الخريف في نيو إنجلاند. وقال كثيرون منهم أنهم ألغوا رحلاتهم إلى هاواي وفلوريدا وحضروا إلى هذا المكان بدلا من ذلك.

وأضاف جاكسون قائلا "إنهم يريدون البقاء في الولايات وعدم الخروج عن نطاقها".

وتشهد ولاية نيو هامبشاير المجاورة نفس الرواج.

وقال راسل سيبولد رئيس خط سكك حديد كونواي "كنا نتوقع زوارا أكثر من أوروبا ومن مناطق أبعد في الولايات المتحدة، لكننا نشهد تغيرا طفيفا في النمط".

ويجتذب خط السكك الحديدية المئات من الزائرين أثناء فصل الخريف كما تجتذبهم جبال وايت القريبة وأعلى قممها جبل "ماونت واشنطن" الذي يصل ارتفاعه إلى 1949 مترا.

ولاحظ بريان بينيت الذي يدير طريق سيارات ماونت واشنطن انعدام اللهجات الاجنبية حاليا.

وقال بينيت "عادة ما يكون لدينا الكثير من الاوروبيين لا سيما الالمان والاسرائيليين ونسبة قليلة من الشرقيين، لكن لا نشاهد ذلك في العام الحالي".

وقد تضاعف عدد الزائرين من أجزاء من نيو إنجلاند المجاورة، وهي الولايات الست بشمال شرق الولايات المتحدة التي كان أول من استوطنها مهاجرون أوروبيون في القرن السابع عشر.

ويستطرد بينيت قائلا "إنه شعوري الخاص، واعتقد أنه مجرد حدس مثقف أن مواطنين من هذه المنطقة ربما يقبعون في منازلهم، ولذا فإنه لا يحدث فرق إذا خرجوا" ويضيف "حتى أن عددهم ازداد بقليل عن العام الماضي".

وتعتمد منطقة نيو إنجلاند على موسم الخريف الذي يمتد لثلاثة أسابيع بها، من الاسبوع الاخير من شهر أيلول/ سبتمبر حتى الاسبوع الثاني من شهر تشرين الاول/أكتوبر، ويساهم بنسبة ضئيلة من الدخل السياحي للمنطقة. بينما يساهم موسم الخريف في فيرمونت بنسبة تصل إلى نحو 22 بالمائة منن عائدات الولاية من السياحة التي تشكل 15 بالمائة من اقتصاد الولاية.

وتؤدي درجات الحرارة المنخفضة في الخريف وأيامه القصيرة المشرقة إلى جفاف مادة الكلوروفيل الخضراء في الاوراق مما يحولها إلى خليط ظاهر تتراوح ألوانه بين الاصفر الفاتح والاحمر الارجواني، وهي صفة مميزة وخصوصية بيئية تشترك فيها فقط مع شمال اليابان وأجزاء من الصين.

وتبدأ هذه الالوان بالظهور في المناطق الاكثر برودة والمرتفعات العليا وتنحدر جنوبا.

وتقوم جامعة فيرمونت بتصوير أعلى قمة جبل مانسفيلد 24 ساعة يوميا وتبث الصور على شبكة الانترنت على موقع دبليو دبليو دبليو. يو في إم.إى دي يو/زافان/فولكولور.كوم.إتش تي إم.

لكن مواطني المنطقة المحليين لا يحتاجون إلا للنظر من نوافذهم للتمتع بتلك المناظر.

ويقول بينيت من نافذته المطلة على جبل ماونت واشنطن "إنني أنظر إلى الجبال الان، إنها حقا رائعة، كل شيء أحمر وبرتقالي".