طيور اسام الهندية تتقصد الانتحار

جاتينغا (الهند)- من جرير حسين
تنتحر راضية

تشهد قرية جاتينغا المعزولة في ولاية اسام شمال شرق الهند، ظاهرة تثير حيرة العلماء حيث تأتي اليها اعداد كبيرة من الطيور لا سيما الكبيرة الحجم لتموت منجذبة الى انوار ساطعة يضيئها القرويون.

وبين اب/اغسطس وتشرين الاول/اكتوبر، تتحول بلدة جاتينغا التي يعيش فيها حوالي الفي شخص على مرتفعات كاشار الشمالية على بعد حوالي 340 كيلومترا جنوب غواهاتي عاصمة اسام، الى جزيرة من الاضواء في كل ليلة لا يظهر فيها القمر، عندما يغطيها ضباب تصحبه رياح وامطار.

ويجتمع القرويون مزودين بالمقالع وعصي قصب البامبو كل ليلة تقريبا خارج منازلهم وقد اضاءوا المشاعل والمصابيح، بانتظار "العصافير الساعية الى حتفها".

وسريعا ما ترجع تلال جاتينغا صدى اصوات العصافير وهي تنازع بعد ان ترتطم بالارض وكانها اشباح تظهر من كل حدب وصوب.

وتتحول القرية خلال ثلاث ساعات الى ساحة لقتل اسراب من العصافير التي تظهر عبر اعمدة الضوء حيث تصاد وتقتل.

والغريب ان العصافير لا تسعى الى الهرب وانما تبدو وكانها تلاقي مصيرها المباغت مذهولة، لا حول لها، عاجزة عن الافلات.

ويستغل القرويون ذلك لقتل العصافير سواء عندما تسقط على الارض او اثناء تحليقها بالعصي والمقالع.

وتبلغ حصة كل صياد حاليا ما بين 50 و60 طيرا، اما في الماضي فكانت حصة الواحد منهم تصل الى مائتي طير، كما يؤكد هيرين لانغتاسا، احد سكان القرية.

وتقول الاسطورة التي يتناقلها اهل القرية ان الظاهرة تعود الى نهاية القرن التاسع عشر. ففي تلك الفترة انهمرت سحابة من الطيور على نار كبيرة اشعلها مزارعون من قبيلة زيمي ناغا لابعاد الخنازير البرية التي تعيث في حقول الارز.

واثار الحادث هلعا لدى افراد القبيلة الذين ظنوا الطيور ارواحا شريرة هبطت عليهم من السماء. وهجرت القبيلة جاتينغا على الاثر.

لكن قبيلة جينتاس التي وصلت الى جاتينغا في 1905، قدمت تفسيرا مختلفا تماما للظاهرة نفسها. فقد اعتبر رعاة القبيلة ان الطيور التي جذبتها انوار مشاعلهم التي اناروها لجمع الماشية انما كانت "مرسلة من الله".

ويقول العلماء ان حوالي خمسين نوعا من الطيور تذهب ضحية هذه الظاهرة لا سيما من الواق واق، واللقلق او مالك الحزين، والمازور.

ويضيفون ان العصافير وان كانت لا تسعى الى الانتحار فانها تترك القرويين يقتلونها بسهولة لا يجدون لها تفسيرا.

ويقول انور الدين شودوري، مؤلف "طيور اسام" ان "الطيور التي تعلق في الضباب تضل طريقها بسبب الرياح القوية. ومن المرجح انها تتجه عندها الى مصادر الضوء التي يضيئها السكان بحثا عن مأوى وبذلك يتم اصطيادها وقتلها".

ويضيف انه "بالرغم من عدم وجود تفسير علمي للظاهرة فمن الخطأ القول بان الطيور تنتحر".