الملك فهد: عشرون عاما هي الاصعب في تاريخ السعودية

صورة تاريخية تجمع الملك فهد بالملك الراحل فيصل والامير سلطان وزير الدفاع

دبي والرياض - يحتفل العاهل السعودي الملك فهد هذا الاسبوع بالذكرى العشرين لاعتلائه العرش في المملكة العربية السعودية، وقد عايش فترة الحكم الاصعب في تاريخ المملكة التي اسسها والده عبد العزيز.
وارتقى فهد بن عبد العزيز الذي ولد عام 1923 العرش في 13 حزيران/يونيو 1982 يوم وفاة شقيقه الملك خالد.

واحتفل بالذكرى العشرين لاعتلائه العرش الاربعاء 7 تشرين الثاني/نوفمبر لان المملكة تتبع التقويم الهجري.

وشهدت فترة حكمه اربعة تحديات كبرى: الحرب الايرانية-العراقية وما رافقها من دعوات فكرية ثورية ايرانية، وهبوط اسعار النفط، وحرب الخليج، واخيرا الازمة المرتبطة باسامة بن لادن.

وتولى الملك فهد مقاليد الحكم في عام 1982 (1402 هجري) وهو الملك الخامس في تاريخ الدولة السعودية الحديثة، وجاء توليه الحكم بعد وفاة أخيه الملك خالد بن عبد العزيز الذي كان يعمل معه وليا للعهد.

وكان صعود فهد سريعا وهو نجل احدى زوجات الملك عبد العزيز الاقوى نفوذا.

وكان أول منصب تولاه الملك فهد هو وزارة المعارف التي أِسندت له عام 1953 في عهد أبيه الملك عبد العزيز، ثم أِسندت له وزارة الداخلية في التشكيل الذي أعلنه الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1964 كما أِنيطت به مسئولية النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء منذ ذلك الوقت فأصبح النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.

وحين اغتيل الملك فيصل في حادثة هزت المجتمع السعودي عام 1975 تم تعيين الامير فهد آنذاك وليا للعهد بعد مبايعة أخيه الملك خالد بالحكم إلى أن توفي الملك خالد، فبويع الملك فهد ملكا للسعودية.

وارتقى الملك فهد العرش في مرحلة صعبة تزامنت مع اتخاذ القوات العراقية موقفا دفاعيا امام هجمات ايرانية واسعة على مناطق الجنوب المحاذية للسعودية اثناء حرب الخليج الاولى. كما كانت ايران تراهن على ان تلقى دعوتها الثورية اصداء ايجابية لدى الاقلية الشيعية السعودية.

واختار الملك فهد مع الكويت مساندة العراق في حربه ضد ايران وقدم اليه مليارات الدولارات. ودشنت الرياض بعد ذلك انبوب نفط مشترك يسمح للعراق بتصدير نفطه عبر محطاتها بعدما اصبح الخليج ممرا خطرا لناقلات النفط التي كان يعترضها الجيش الايراني.

وفي 1986 وللتصدي للدعاية الايرانية التي تنظر الى دول الخليج على انها تعمل لخدمة الاميركيين اتخذ الملك فهد لنفسه لقب "خادم الحرمين الشريفين".

وكثف الملك في موازاة ذلك المشتريات العسكرية مع طلبيات طائرات مقاتلة وطائرات رادار وصواريخ وفرقاطات في وقت لم توقف فيه اسعار النفط انهيارها.

وشهدت المملكة ازمة اقتصادية شديدة انعكست عبر تجميد مشاريع تنمية وبنى تحتية حيوية لنموها الديموغرافي الكثيف.

وبدأ الملك فهد التفكير في سياسة ليبرالية لتحريك القطاع الخاص ومواجهة المصاعب التي يواجهها القطاع العام لكن اجتياح العراق للكويت في 2 اب/اغسطس 1990 غير اولوياته.

وافق الملك فهد على نشر قوات اميركية على اراضيه ولعب دورا محوريا في وضع التشكيلة العربية ضمن التحالف المناهض للعراق بقيادة الولايات المتحدة.

لكن خروج القوات العراقية من الكويت في شباط/فبراير 1991 بعد حرب الخليج الثانية لم يضع حدا لهذا القلق. فوجود قوات اميركية على الاراضي السعودية يثير معارضة متزايدة في صفوف الاسلاميين السعوديين.

وفي مقدمهم هناك اسامة بن لادن الذي جردته الرياض من جنسيته السعودية في 1994.

لكن العدو الاول للولايات المتحدة يتحدر من احدى اغنى العائلات في المملكة. وحين كان يقاتل ضد السوفيات في افغانستان كان يحظى بمباركة المسؤولين السعوديين.

ووجدت السعودية نفسها بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر والضربات الاميركية على افغانستان عالقة بين مطرقة تحالفها مع الولايات المتحدة وسندان الرأي العام الداخلي المعارض بشدة للقصف.

لكن الملك فهد الذي اصيب بجلطة في الدماغ عام 1995 انهكته، عهد منذ ذلك الحين بتصريف شؤون المملكة الى اخيه غير الشقيق ولي العهد الامير عبد الله.

وخلال العشرين عام من حكمه، شهدت السعودية وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، عملية تنموية متسارعة في كافة المجالات خاصة الزراعية والصناعية والنفطية والتعليمية والصحية.

وكان للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة اهتمام خاص من العاهل السعودي فشهدا تطويرا غير مسبوق أشرف الملك فهد بنفسه على تنفيذ العمارة فيهما.

وأصدرت الصحف السعودية والمجلات ملاحق إعلامية وصل عدد الصفحات في بعض الصحف فيها إلى أكثر من مائة صفحة لتغطية المناسبة وإبراز أهم ملامح التنمية التي شهدتها البلاد خلال العشرين عاما الماضية كما أبرزت الادوار التي لعبها الملك فهد، على المستوى العالمي والاقليمي والمحلي.