العلماء عاجزون عن حصر انواع الكائنات المهددة بالانقراض!

باريس - من فيليم بيشوف
ويخلق ما لا تعلمون!

لم يبق في اوروبا سوى عالمين قادرين على التعرف على انواع ذبابة الخل التي يبلغ عددها ثلاثة آلاف نوعا، وذلك على الرغم من كونها الاكثر استخداما لاغراض البحث الوراثي، ولولا تصميم بعض باحثي مركز "افري" للابحاث الوراثية القريب من باريس، لما تم الانتباه الى ان سمكة تجرى عليها دراسات على المستوى العالمي ليست هي نفسها.
والسبب في ذلك ان علم التصنيف، اي الدراسة الوصفية للانواع الحية والتي اعتمدت اساسا لجميع العلوم الطبيعية منذ القرن الثامن عشر، باتت تعتبر اسلوبا متقادما واهملت.
ويقول سيمون تيلييه مدير معهد التصنيف الباريسي انه "بعد التوقيع على اتفاقية التنوع الحيوي في ريو دي جانيرو في 1992، سرعان ما تبينت استحالة تحقيق اهدافها من دون اعتماد منهج التصنيف".
وبعبارة اخرى، فانه يستحيل الحفاظ على التنوع الحيوي، بما يعني ضمان بقاء الانواع، بدون جداول تصنيفية واضحة.
وعلى سبيل المثال، فان تقدير الاضرار التي يمكن ان تسببها حشرة ضارة غير مصنفة بصورة جيدة على المزروعات، مستحيل بقدر ما يتعذر، في غياب مرجع موثوق، تحديد ما اذا كانت حقيبة جلدية ضبطتها الجمارك صنعت من جلد حيوان مهدد بالانقراض ام لا.
وبالطبع، فان الوضع بدأ يصبح افضل حالا، مع القيام اخيرا بانشاء نظام بيانات عالمي حول التنوع الحيوي، وهي هيئة دولية مهمتها جمع ونشر المعلومات المتعلقة بحوالي 1.8 مليون نوع، من البكتيريا الى الحوت، عبر الانترنت وبصورة مجانية، وذلك في موقع "سبيشيز 2000" (أي انواع حية 2000).
الا ان الحصول على المعلومات الجيدة المتوفرة ليس سهلا، اذ ان موقع "سبيشيز" الذي يراد له ان يكون نواة المعطيات العالمية حول التنوع الحيوي، يتضمن حاليا 220 الف نوع، وكذلك 360 الف مرادف، و170 الف اسم جنس.
ويقول الباحث في معهد التصنيف نيكولاس بايي، ان البحث عن معلومات عن نوع معين يمكن احيانا من خلال اعطاء اسماء مترادفة لانواع قريبة، ولذلك يتوجب "اختيار اسم واحد ثابت وغير مبهم" في تسمية الانواع، من بين مترادفات عدة.
ولكن المشكلة الرئيسية ليست في نشر المعلومات المتوفرة وانما في الحصول عليها. فقد تم وصف اقل من مليوني نوع حيواني، في حين ان عددها يقدر بحوالي عشرة ملايين، وربما اكثر، لا سيما من الحشرات.
وفي فرنسا عدد متساو من المتخصصين في الثدييات والحشرات، وهذا غير متوازن. ويقول تيلييه "هناك عمل كبير ينبغي القيام به ابعد من المناقشات التي لا تنتهي حول العلاقة بين الانسان والشامبانزي".
وقال مارتن شارمان، خلال اجتماع الجمعية الفرنسية للتصنيف عقد اخيرا في باريس، انه عدا وضع قاعدة بيانات تواجه مشكلات تمويل "يطلب من الباحثين الذين يعملون للحصول على المعلومات تدبر امورهم بانفسهم".
وفي كل الاحوال تظل المشكلة قائمة، وهي ان العلماء لا يعرفون شيئا عن ملايين الانواع من الحشرات والحيوانات، وما يعرفونه لا يستطيعون تصنيفه وتبادل المعلومات عنه بسهولة!