قريبا جدا.. قنابل نووية صغيرة لتدمير الخنادق والكهوف

واشنطن- من جابرييل شوليك
لن يكون ثمة وهج يخطف الابصار

قبل عامين تبنى الباحث النووي الاميركي ستيفن يونجر الدعوة لانتاج سلاح نووي جديد يمكنه اختراق الارض لمسافات كبيرة بغية الوصول إلى أهداف صعبة مثل الخنادق والغرف المحصنة تحت الارض.
وقتها كان يونجر العالم الكبير بهيئة البحوث في لوس الاموس، يعتقد أن الخنادق المحصنة يمكن تدميرها بأحداث خسائر محدودة على السطح.
ويرأس يونجر حاليا القسم المسئول عن الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ولم تعد فكرته عن الاسلحة النووية الصغيرة ضربا من ضروب الخيال.
وتضمنت أحدث التقارير التي صدرت عن وزارة الدفاع الاميركية والتي أثارت الجدل، مقترحات ملموسة لسلاح يطلق عليه اسم "بنكر باستر" أو مخترق الخنادق والتحصينات تحت الارضية، وهناك تقارير متزايدة تفيد بأن وزارة الطاقة بدأت تفكر في تشكيل فرق للعمل على تصنيع القنبلة الجديدة.
وتقول صحيفة يو.إس.إيه. توداي أن الابحاث لتصنيع تلك القنبلة ستبدأ في نيسان/إبريل الجاري، وذلك رغم الانتقادات القائلة بأن تصنيع جيل جديد من الاسلحة النووية من هذا النوع قد يعنى أن استراتيجية الردع الحالية سيتم تقويضها، وأن الحد الاعلى المسموح لاستخدام الاسلحة النووية قد تم تخفيضه ومن ثم صارت تلك الاسلحة بمثابة وسائل مقبولة لشن حرب.
ويعتزم البنتاغون بالفعل وضع المقترحات أمام الكونجرس للحصول على موافقته في غضون عام أو عامين، قبل مرحلة التطوير، ولكن وفي حالة استمرار حالة الخوف الشديد من الارهاب التي تسود الولايات المتحدة فإن الموافقة واردة تماما.
وقد تؤدي هذه الخطط لبعث الحياة من جديد في صناعة الاسلحة النووية الاميركية المتردية وفي المؤسسات البحثية التابعة لها وبخاصة مؤسسات لوس الاموس في نيومكسيكو ومعمل لورانس ليرفرمور في كاليفورنيا وهما المؤسستان العمليتان اللتان أنيط بهما القيام بأبحاث على السلاح المخترق للخنادق "بنكر باستر".
وكانت الفترة التي تلت انتهاء الحرب الباردة قد شهدت تحول عدد كبير من كبار العلماء النوويين إلى مجالات أخرى للبحث أو التقاعد عن العمل، بعد أن شحت عقود العمل في الابحاث واختفى الاحساس بعظم المهمة والمكانة المرموقة التي كانت تحظى بهذا تلك البحوث.
وخلال سنوات حكم كلينتون الثماني، بذلت محاولات لمواجهة حالة الاحباط وتراجع الاهتمام بالعلوم النووية بتوفير مشروعات مدنية جذابة، فعلى سبيل المثال أقام ليفرمور أكبر مشروع ليزر في العالم.
وقد أدت تحديات من هذا القبيل ومحاكاة اختبارات الاسلحة النووية بالكمبيوتر، في إبطاء حركة هجرة العقول من هذا المجال لكنها لم تقض عليها تماما.
وقبل عشر سنوات كان عدد العاملين في الصناعة النووية يبلغ نحو 100 ألف شخص. وقد تراجع هذا الرقم بشدة الان.
وتسعى وزارة الطاقة والبنتاغون الان لتشكيل فرق للبحث في مجال الاسلحة النووية الصغيرة وذلك من العلماء القدامى المخضرمين والعلماء الجدد "الذين تتوافر لديهم فكرة واضحة عن التهديد المحتمل" وذلك حسبما صرح متحدث باسم الوزارة.
وترى الادارة الاميركية أن هذه التهديدات الجديدة تصدر عن جماعات إرهابية و"محور الشر" المؤلف من العراق وإيران وكوريا الشمالية على نحو ما جاء في مبدأ بوش الجديد.
وتعتقد واشنطن أن أسلحة الدمار الشامل مثل الاسلحة الكيماوية والبيولوجية يمكن أعدادها وتخزينها تحت الارض وهنا يأتي دور الاسلحة المخترقة للخنادق "بنكر باستر".
ولا يعتقد جميع العلماء أن البنكر باستر ممكن من الناحية التكنولوجية. ويقول روبرت نيلسون عالم الفيزياء الشهير في جامعة برينستون أنه إذا كان المطلوب أن تسبب هذه الاسلحة أضرارا طفيفة على سطح الارض، فإن أية أسلحة نووية صغيرة سيتعين عليها أن تخترق سطح الارض إلى عمق 70 مترا على الاقل.
ويقول نيسلون إن تزويد القنبلة بهذا النوع من القدرة على الاختراق وفي نفس الوقت ضمان تأخير الانفجار حتى الوصول إلى العمق المطلوب غير ممكن من الناحية الفنية.
ويضيف أنه إذا لم تصل القنبلة إلى العمق المطلوب "فإن الغبار المشع القاتل سيمطر على السطح بعد الانفجار".