التكنولوجيا المتطورة لمحاربة قراصنة المعلومات

تبدو معركة القطاع الصناعي ضد قراصنة المنتجات كما لو كانت حربا ضد طواحين الهواء.
وثمة ازدهار في أنشطة تقليد المنتجات الموسيقية وبرمجيات الكمبيوتر والادوية وقطع غيار السيارات، وذلك رغم الاساليب الجديدة التي تتبعها الشركات الصناعية لحماية منتجاتها من القراصنة.
ويقول هارون مالك الخبير في المطبعة الحكومية الالمانية بالقرب من فرانكفورت أن "الجناة (قراصنة المنتجات) لن يوقفوا نشاطهم ببساطة".
وتشير تقديرات غرفة التجارة الدولية إلى أنه توجد سوق ضخمة لقراصنة الملكية الفكرية، وتقول أن المنتجات المقلدة تشكل نسبة تتراوح بين خمسة وسبعة في المائة من إجمالي حجم التجارة العالمية. ولا تزال دول جنوب شرق آسيا تعتبر مرتعا لاولئك القراصنة.
وفي الصين، يتم إنتاج أكثر من 90 في المائة من كافة البرامج الموسيقية وشرائط الفيديو والبرمجيات والاقراص المدمجة (سي.دي) بشكل غير قانوني.
ورغم ما تتخذه الشرطة في كل من هونج كونج وماليزيا من إجراءات أكثر صرامة ضد قراصنة المنتجات، فإنه تظهر مصانع سرية جديدة بين الفينة والاخرى. ففي تايلاند على سبيل المثال، يجري تقليد برمجيات الكمبيوتر من إنتاج الشركات الامريكية.
غير أنه حتى المصنعين والحاصلين على رخص بالانتاج يعتبرون مصدر مشكلات بالنسبة لمالكي العلامات التجارية.
وقال فولفجانج هيتسر مستشار الامن في مكتب المستشار الالماني "لا توجد ببساطة أي دولة تكون مجرد سوق أو مكان للتصنيع".
وتقول مصادر صناعة المستحضرات الدوائية أن المزيد والمزيد من الادوية المقلدة تباع في دول أوروبا الشرقية، كما تزدهر تجارة الاسطوانات المدمجة وأشرطة دي.في.دي المقلدة في شوارع أسبانيا.
ولقد بات واضحا تماما لدى مستشار الامن هيتسر أن عصابات الجريمة المنظمة تقف وراء هذه الاعمال التي تدر أرباحا ضخمة.
فعلى سبيل المثال، تمكنت السلطات الايطالية عام 1998 من ضبط 44 شحنة تحتوي على 2.5 مليون قرص مدمج تقدر قيمتها بنحو 152 مليون يورو. وكان قد تم إرسالها إلى عنوانين وهمية في نابولي.
وفي الواقع، فإنه تم تحديث الصناعة بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية لحماية نفسها من المنافسة غير الشريفة ومن دعاوى قضائية محتملة للمطالبة بتعويضات عن خسائر لا يمكن تحميلها المسئولية عنها.
ويعتقد الخبراء الان بأن "المصنعين وقراصنة المنتجات على حد سواء بدأوا يواجهون مستويات حماية جديدة بشكل متزايد".
وتضع كبرى شركات صناعة السيارات مثل جنرال موتورز وديملر-كرايسلر علامات متطورة تبدو ثلاثية الابعاد عند تسليط الضوء عليها، على قطع غيار سياراتهما لدرجة يصعب تقليدها.
ويتم طبع طبقة تحتية على علب الادوية، لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. وتخلط شركات تصميم الملابس المعروفة منتجاتها بعطور خفيفة لا يمكن شمها إلا بواسطة أجهزة معملية خاصة.
وتسمح المعلومات المخفية في وسائل الامان غالبا بالتوصل إلى بيانات حول مصانع تقليد المنتجات. والقاسم المشترك بين كافة وسائل الحماية هو أنها مصممة بغرض حماية الشركات وليس حماية المستهلك.
وبدأت عمليات قرصنة البرمجيات بواسطة الانترنت قبل فترة طويلة وأدت إلى اندلاع المعارك الاولى، ومنها على سبيل المثال المعركة الدائرة حول موقع نابستر لتبادل المواد الموسيقية على الانترنت والذي اشترته مجموعة بيرتلسمان الالمانية الاعلامية.
لكن الطريقة التقليدية للتهريب لم تفقد شيئا من بريقها على ما يبدو، فقد ضبط مسئولو الجمارك في مطار فرانكفورت مؤخرا أكثر 25 ألف قرص مدمج مقلد مسجل عليها موسيقى هندية.
وتقدم كبرى شركات الاستشارات القانونية الدولية أيضا خدماتها في إطار المعركة ضد قراصنة المنتجات.
وينصح ايكارت سي هيل المحامي المختص بالقضايا الجنائية الشركات التي تضررت بعدم الانتظار لحين الحصول على تعويضات من خلال رفع دعاوى مدنية، ولكن يتعين عليها أيضا أن تلجأ فورا إلى أساليب أخرى يجيزها القانون الجنائي الالماني لمصادرة ما حققه الجناة من أرباح.