الإبل العربية: سفن صحراء لا يشق لها غبار

على الرغم من التطورات التقنية الهائلة ووسائل المواصلات الحديثة فان دور الجمل ذلك الحيوان الاليف ظل مهما ومازال "سفينة الصحراء" لانه من الوسائل الضرورية لقاطني أعماق الصحاري الشديدة الجفاف في الجزيرة العربية.
ويعد الجمل من افضل الحيوانات التي لازمت الانسان في كل الظروف وقاست ما قاساه حيث تندر الخضرة ومياه الشرب واليه يعود الفضل في نقل المنتوجات والسلع التجارية بين شعوب وقبائل تفصل بينها آلاف الكيلومترات.
والجمال موضع اهتمام كبير قديما وحديثا للحفاظ على أصالتها تماما كما الجياد العربية الشهيرة وهي تصلح للسباق وبواسطتها قام العرب بفتوحاتهم المعروفة وانتصروا على الفرس والروم، كما ان الهدايا الثمينة والرسائل كانت تحمل على ظهوره عبر آلاف الكيلومترات، وهو ما حمل كبار شعراء الجاهلية العرب على تخليده في معلقاتهم التي أبرزت اوصافه محاسنه.
ويجمع الخبراء على ان الجمل العربي هو الاكثر أصالة وجمالا وحفاظا على التقاليد والعادات وهو الوحيد الذي استطاع ان يتأقلم مع قساوة المناخات الصحراوية منذ ما يزيد على 1200 سنة حتى اليوم.
ذكرت في القرآن
ولا أدل على اهمية الجمل أنه ذكر في القرآن الكريم وفي السور الكريمة "الانعام" الآية (138) وسورة آل عمران(14) والاعراف(40) والنساء (119) والمائدة (1) وفاطر (28) وغافر (79) ومحمد (12) والغاشية الآية (17).
فهو اذا ولدته أمه أسموه "سليل" واذا مشى وتحرك قيل "رشح" واذا بلغ من العمر تسعة اشهر أو ثمانية فهو "أفيل" واذا بلغ سنة سمي "فصيلا وفطيما" وعندما تصبح الابل شابة يطلق عليها "قعود".
واستأثرت الابل دون سائر أنواع الحيوانات بالكثير من الامثال العربية منذ ان تلدها أمها وهي توصف سواء في مشيتها أو في طباعها أو إنتاجها وحلبها وعلاجها وأصواتها وسيرها وحدائها ورعيها وسقيها كما تمثل بالاداوت المتصلة بها.
وتروى كتب التاريخ والامثال العربية كثيرا من الأمثال التي التصقت بهذا الجمل، ففي لؤمه وحقده قيل "احقد من جمل" وفي غيرته "أغير من جمل" وفي سيره "يركب الصعب من لا ذلول له".
اشهر النوق
ومن اشهر النوق التي عرفت بالتاريخ وساهمت في الحروب "ناقة البسوس" التي تسببت في حرب البسوس التي استمرت اربعين عاما بين بني تغلب وابناء عمومتهم من بني بكر.
كما ان ناقة النبي صالح (عليه السلام) كانت سببا في القضاء على قوم ثمود عندما قتلوها.
ولعل أشهر النوق على الاطلاق هي ناقة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) واسمها "القصواء" وقد أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين دخل المدينة بتركها "لأنها مأمورة" حتى وصلت دار أبى أيوب الانصاري رضي الله عنه فبركت ونزل الرسول وصاحبه أبو بكر في ضيافته.
منافعها عديدة
وللابل منافع جمة ومن أهمها استخدامها لنقل الاثقال وقطع المسافات البعيدة، وهي من أفضل الحيوانات لقطع هذه المسافات.
ويعتبر الحليب من أهم منتجات الابل ولا تقل جودته عن حليب الابقار وهو غني بالمكونات الاساسية والضرورية لتغذية الانسان فيحتوي على 86.6 % من الماء و13.4 % جوامد كلية و4.33 % دهونا و4.03 % بروتينا 4.21 % لاكتوز.
ويعد لحم الابل من أهم المنافع الاقتصادية نظرا الى الكميات الكبيرة من اللحوم التي توفرها الابل للاستهلاك مما يجعل تجارة الابل بهدف ذبحها وتسويقها للذبح تجارة رائجة رابحة.
وتصاب الإبل بعدد من الأمراض ومنها (الجرب) وهو مرض معد يظهر بشكل قروح والتهابات جلدية، وهذا المرض يقتضي عزل البعير المصاب لكي لا يعدي غيره.
ومن الامراض الموسمية مرض (الذبابة) وهو ينتقل بواسطة الذبابة في فصلي الربيع والصيف اضافة الى مرض (الاسهال) الذي يصيب الصغار بصورة خاصة وقد يؤدي الى نفوقها اذا لم تعالج.
جمل القرن الواحد والعشرين مهمل
وفي العصر الحديث قل الاهتمام بالجمال نظرا للاستعاضة عنها بوسائل النقل الحديثة من طائرات وقاطرات وسيارات بالاضافة الى ان الانسان استعاض عن لحومها بأكل لحوم الضأن والدجاج والاسماك وغيرها.
الجمل العربي
ويتفرع الجمل العربي الى فرعين: الاول عادي ويضم عددا كبيرا من القطعان التي تربى للحومها ولنقل الاحمال اما الفرع الثاني فيعرف بالجمل العربي الاصيل.
ويغلب على للجمل العربي اللون الاسمر العسلي، اضافة الى الجمال لبيضاء التي تعرف باسم المغاتير وهناك الجمال السوداء من كلا الفرعين.
ويفضل مربو الجمال الجمال النوق التي يفوق عدد الذكور بثلاث مرات.
وفي الكويت هناك عدة انواع منها الوضحة والصفراء والشكحة والزرقاء التي تتميز بصغر رأسها وقصر ذيلها وطول الشعر وضعف العظام وقلة الحليب الذي يتميز بحلاوة مذاقه عن حليب الابل الجنوبية وهناك الابل الجنوبية وتتميز بكبر الرأس وحدة البصر وطول البوز "الفم" مع ارتخاء الشفة السفلى وطول الذيل وكثافة وبره وغزارة إنتاجها من الحليب بالاضافة الى الابل الهجين وهو الخليط الذي يجمع صفات الابل الشمالية والجنوبية.
ومن انواع الابل كذلك المجاهيم وتتصف بلونها الاسود وحجمها الكبير ورأسها الكبير وإدرارها العالي من اللبن والجودية وهي من الابل التي تتصف بكونها متوسطة الحجم مستطيلة الرأس طويلة القامة وطويلة الرقبة وكبيرة الاذنين، ومن الابل كذلك ابل الخوار وهي ذات رأس صغير واقدام كبيرة وبطن كبير وهي كالاحمر الخفيف والاصفر والمفضل منها ذو اللون الابيض والتي تسمى (المغاتير) وهي صبورة على الظمأ وسهلة الرعي.(كونا)