لا بوادر حل لازمة جزيرة ليلى بين المغرب واسبانيا

مدريد - من كزافييه بارون
اسبانيا قامت برفع علمها على جزيرة ليلى بعد طرد الجنود المغاربة

لم يترك تبادل الاتهامات بين الرباط ومدريد بعد التدخل العسكري الاسباني في جزيرة ليلى (او جزيرة برخيل بالاسبانية) الصغيرة مجالا بعد للتحدث عن بدء الخروج من الازمة الناشئة بين البلدين.
واعلنت وزيرة الخارجية الاسبانية آنا بالاسيو الخميس ان بلادها على استعداد لسحب قواتها التي عادت الاربعاء الى جزيرة ليلى اذا ما تعهدت الرباط بالعودة الى الوضع الذي كان قائما قبلا.
وقالت "يجب ان يكون هذا الوضع القائم جديا مع ضمانات، اي انه اذا ما خرجت اسبانيا من الجزيرة، فلن يعود اليها المغرب"، مضيفة ان تعهدا من جانب العاهل المغربي الملك محمد السادس سيكون كافيا.
ويضع المغرب من جهته الانسحاب الفوري للقوات الاسبانية من جزيرة ليلى التي تقع في مضيق جبل طارق شرطا مسبقا للبدء باي محادثات مع مدريد.
وفي رسالة وجهتها الاربعاء الى مجلس الامن الدولي، طالبت الرباط "بانسحاب فوري لقوات الاحتلال الاسبانية المنتشرة في جزيرة ليلى".
وجاء في الرسالة "وحده هذا الانسحاب سيتيح امام المغرب واسبانيا استئناف الحوار بهدف اعادة علاقات التعاون والصداقة وحسن الجوار".
وتعتبر اسبانيا ان جزيرة ليلى تستفيد منذ 40 عاما من "وضع وافق عليه المغرب واسبانيا وتقضي بنوده بالا تقوم لا الحكومة الاسبانية ولا الحكومة المغربية باحتلال الجزيرة" التي تبلغ مساحتها 13.5 هكتارا.
وتتهم اسبانيا المغرب بانه انتهك من جانب واحد الوضع القائم بارساله 12 شرطيا الى الجزيرة في الحادي عشر من تموز/يوليو.
واعلن وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى مساء الاربعاء ان العمل العسكري الاسباني في جزيرة ليلى "بمثابة اعلان حرب".
وقال الوزير المغربي في تصريح للصحافيين ان تدخل القوات الاسبانية في جزيرة ليلى "يتعارض مع الشرعية الدولية" ويعتبر "عملا مستنكرا يوازي اعلان حرب".
واكد بن عيسى ان اتفاقا رسميا تم التوصل اليه مساء الثلاثاء مع اسبانيا قبيل اطلاق العملية العسكرية الاسبانية، وينص على انسحاب "مشروط" للجنود المغربيين من الجزيرة بعد وساطة الولايات المتحدة، وهو الامر الذي نفته مدريد.
واوضح الوزير ان المغرب عرض سحب جنوده "شرط" الحصول على "ضمانة سريعة" بان اسبانيا "لن تطأ ارض هذه الجزيرة على الاطلاق". واكد بن عيسى ان هذا الشرط "حظي بموافقة" اسبانيا.
لكن بالاسيو نفت صباح الخميس وجود مثل هذا الاتفاق، مضيفة ان "اسبانيا كانت ترغب في التوصل الى اتفاق وعدم القيام بهذه العملية".
واعتبرت ان "الحل الجيد" يتمثل بالتعاون بين الحرس المدني الاسباني واجهزة الدرك المغربية لمعالجة المشكلات في مضيق جبل طارق كقضية تهريب المخدرات والهجرة غير المشروعة.
وامام هذه الازمة، سعت كل من مدريد والرباط وراء الحصول على تضامن دولي. فحصلت اسبانيا على دعم الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي، فيما يعتمد المغرب على جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي.
ومن جانبها دعت الولايات المتحدة اسبانيا والمغرب الى تجنب نزاع مسلح في خلافهما. واعربت واشنطن عن الامل في العودة الى الوضع الذي كان سائدا قبل ان يقرر المغرب اقامة مركز مراقبة في الجزيرة غير المأهولة، كما اعلن المتحدث باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر.
وفي ذات السياق دعت تونس كلا من المغرب واسبانيا الى "توخي الحوار والتفاوض" حول نزاعهما بشأن جزيرة ليلى (برخيل بالاسبانية)، وذلك في بيان لوزارة الخارجية التونسية نشر في تونس.
وجاء في البيان "انطلاقا من اواصر الاخوة والتضامن التي تجمع تونس والمملكة المغربية الشقيقة، واستنادا الى علاقات الصداقة التقليدية التي تربطها والمملكة الاسبانية وامام تصاعد مظاهر التوتر المؤسف بين البلدين الجارين، فان تونس لتعرب عن عميق انشغالها ازاء هذا الوضع".
واضاف ان تونس "تناشد البلدين ان يتمسكا بتوخي الحوار والتفاوض كسبيل امثل لتجاوز كل ما من شانه ان يساهم في تعكير مناخ العلاقات التاريخية والتقليدية التي تجمعهما والتي استندت دوما الى احترام اصول حسن الجوار والتعاون البناء الذي ما انفك يطبع علاقات الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط".
واشار بيان وزارة الخارجية التونسية الى "الحرص والتطلع المشترك لتعزيز الفضاء المتوسطي الذي تصبو اليه شعوب ودول الضفتين على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في كنف استتباب السلام والامن والاستقرار للجميع".
وتبقى القوة العسكرية الاسبانية المنتشرة في جزيرة ليلى وعلى طول السواحل المغربية في مكانها مع عدد من الفرقاطات والطرادات التي تجوب السواحل المحيطة بسبتة ومليلية، وهما الجيبين الاسبانيين في الاراضي المغربية، وبجزر المنطقة التي تخضع للسيادة الاسبانية.
وكاجراء امني، ارسلت اسبانيا تعزيزات من الحرس المدني ورجال الشرطة الى سبتة ومليلية حيث عادت حركة عبور الاشخاص والبضائع باتجاه المغرب الى طبيعتها صباح الخميس بعد وضع قيود عليها طيلة يوم الاربعاء.
وتمر العلاقات الاسبانية المغربية بازمة منذ اكثر من سنة مع استدعاء الرباط لسفيرها في مدريد في تشرين الاول/اكتوبر الماضي.
ويتناول الخلاف بين البلدين خصوصا مسالة الصيد البحري والهجرة غير المشروعة والنزاع حول الصحراء الغربية ذلك ان المغرب يعتبر ان مدريد تؤيد جبهة بوليساريو.
يذكر ان اسبانيا هي الشريك التجاري الثاني للمغرب بعد فرنسا، وقد وقع البلدان في 1991 معاهدة صداقة وتعاون.