مناورات اميركية للسيطرة على صناعة الغواصات الالمانية

تعكس السيطرة المثيرة للجدل من جانب مجموعة اميركية مستثمرة على شركة لاحواض بناء السفن الالمانية (اتش دي في) المنتجة للغواصات التقليدية من جهة، والمفاوضات مع "نورثروب" التي تقوم بتزويد وزارة الدفاع الاميركية بهذه الغواصات من جهة اخرى، استراتيجية الولايات المتحدة لغزو تقنيات واسواق الدفاع الاوروبية.
وتعتبر شركة بناء السفن "اتش دي في" من اهم المراكز التقنية والتجارية الاوروبية لانتاج الغواصات التقليدية.
وقد استثمرت مجموعة "وان ايكويتي بارتنر" الفرع من "بنك وان" الذي يحتل المرتبة السادسة بين المصارف الاميركية، حوالي مليار دولار لشراء 75% من "اتش دي في" في آذار/مارس الماضي.
وكانت مجموعة "بابكوك" المفلسة اليوم، تملك 50% من هذه الحصص بينما اعترض مساهمون من بينهم رجل المال غي ويسر برات على الصفقة في القضاء.
وتحتل "اتش دي في" المرتبة الاولى في العالم في صناعة الغواصات التي تعمل بمحرك الديزل. ويمكن ان تشهد هذه السوق المربحة جدا اصلا، ازدهارا اكبر بانتاج غواصة"يو-31"، وهي الغواصة الجديدة الصامتة جدا والقادرة على البقاء اسابيع في الاعماق بفضل تقنية ثورية في الدفع.
وتتعلق هذه التقنية الجديدة بمحرك يعمل بالهيدروجين الذاتي الذي يغذي توربينة تنتج الكهرباء التي يتم تخزينها في بطاريات.
كما تحاول الولايات المتحدة اقناع الحكومة الالمانية المتحفظة جدا، بالسماح لشركة"اتش دي في" ببيع تايوان ثماني غواصات "يو-31" في عقد تبلغ قيمته مليار دولار تعبيرا عن احترام تعهدات الرئيس جورج بوش حيال تايبه بتسليمها اسلحة لمواجهة تهديدات الصين.
لكن برلين تريد تجنب اغضاب بكين التي يمكن ان تبعدها لفترة من السوق الصيني المربح جدا الذي تملك فيه المانيا مصالح كبيرة.
ولم تعد احواض السفن الاميركية تنتج غواصات تقليدية منذ نهاية الخمسينات لان سلاح البحرية الاميركية لم يعد يستخدم سوى غواصات نووية.
واكد مسؤول من مجموعة "نورثروب غرومان" الدفاعية الاميركية، احدى الشركتين المنتجتين لغواصات في الولايات المتحدة مع "جنرال دايناميكس"، ان المفاوضات "المكثفة" بين المجموعة الاميركية و"اتش دي في" تذهب "ابعد من بيع تايوان غواصات".
واوضح هذا المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته ان "تقنية الدفع في هذه الغواصات تشكل في الواقع اختراقا بالغ الاهمية" لانه يمكن ان يستخدم في دفع كل انواع السفن العسكرية والمدنية.
واضاف المسؤول نفسه ان "شركتينا تتباحثان من اجل ابرام اتفاق تجاري استراتيجي للتصميم المشترك والانتاج المشترك لتجهيزات في اطار عقود مقبلة".
ويرى كريستوفر فون هوغو الشريك في المانيا لمجموعة "وان ايكويتي بارتنر" ان الشركة الاميركية تريد "استخدام المجموعة الالمانية من اجل تعزيز الصناعة البحرية العسكرية الاوروبية".
وقد بدأ التحرك في هذا الاتجاه. فقد وافقت المفوضية الاوروبية في ايار/مايو الماضي على شراء احواض بناء السفن اليونانية من "اتش دي في". ثم ابرم الايطالي فينكانتياري اتفاقا لشراكة مع الشركة الالمانية من اجل صنع وتسويق غواصات تبلغ قدرتها 700 طن.
وبعيدا عن السوق الاوروبي وبقية انحاء العالم، من الممكن ان تقرر واشنطن استخدام التقنية الالمانية لتزويد اسطولها الخاص.
وكتبت النشرة البريطانية المتخصصة "جينز" ان شراء "بنك وان" ل"اتش دي في" الذي وافقت عليه المفوضية الاوروبية يمكن ان يثير مجددا الجدل حول اعتماد غواصات نووية فقط الذي تدافع عنه البحرية الاميركية منذ اربعين عاما.
وقال الاميرال "سكيب" باومان رئيس "نافال رياكتور اوفيس" ان البحرية الاميركية تبحث في بدائل لتجديد الدفع النووي لغواصاتها.
اما رجل المال ويزر برات القريب من المجمع العسكري الصناعي الاميركي فقد اكد ان وزارة الدفاع الاميركية "مهتمة جدا بالتقنية الالمانية".