'جربة ترسم' تضفي جمالا وحياة على شارع مهجور

لتنشيط السياحة

جربة (تونس) - كان شارعًا مهجورًا في جزيرة جربة السياحية التونسية (جنوب شرق) تسود الظلمة معظم أرجائه ويهاب السكان مجرّد المرور منه.

ثم أصبح معرضًا فنيًا مفتوحًا يحتوي على لوحات تشكيلية كبيرة رسمها فنانون تشكيليون من 9 دول.

وقامت جمعية \"ابسكوز\" (غير حكومية) بتنظيف وتهيئة الشارع الواقع وسط الجزيرة، ثم دعت الفنانين إلى رسم لوحات على الجدران المتداعية للشارع الذي لا يحمل اسمًا، وإنما يُعرف بالشارع الموازي لفندق \"المالطية\".

والجهد المبذول جاء في إطار تظاهرة \"جربة ترسم\"، التي أقيمت في مدينة حومة السوق بـ\"جزيرة الاحلام\"، الأسبوع الماضي، على مدى 3 أيام.

وقالت أحلام الحاجي، المنسقة العامة لهذا الحدث، إنها \"تظاهرة بيئية بالأساس، فقد أعدنا تهيئة هذا الشارع المهجور\".

وتابعت: \"استدعينا فنانين تشكيليين من مختلف البلدان، على غرار فرنسا وبلجيكيا وانكلترا والمغرب، ليضعوا لمساتهم الفنّية على جدران الشارع الرابط بين فنادق تشكو التهميش، رغم تواجدها وسط المدينة\".

وهذه الفنادق عبارة عن طوابق من غرف صغيرة، فوق بعضها، استعملها سكان الجزيرة في السابق كمتاجر، لعرض منتجاتهم الفلاحية وبيعها.

أماكن أثرية

وقالت سنية غرياني، إحدى منظمات التظاهرة: \"منذ البداية أبدى الفنانون رغبتهم في القدوم إلى جربة\".

وأردفت: \"بالنسبة لهم تعتبر هذه التظاهرة فريدة، إذ وجدوا أنفسهم للمرة الأولى يرسمون على أماكن أثرية، بينما اعتادوا الرسم على البنايات الكبرى\".

وتحوّلت الجدران المتهرئة في هذا الشارع إلى محامل للفنانين لرسم لوحاتهم التي تنوعت وامتزجت فيها مختلف الأشكال الفنية.

داخل هذا المعرض المفتوح تم رسم 16 لوحة فنية، اختلفت قياساتها، وتناولت مواضيع عديدة مستمدة من ثقافة جزيرة جربة، فضلًا عن أعمال صور لعمال وأطفال صغار.

في إحدى اللوحات تحضر المرأة الجربية مرتدية \"الفوطة\" (لباس تقليدي)، بريشة الفنانة المغربية نادية الغرياني.

وعلى الجدار الواحد يمكن أن تجد أكثر من لوحة فنية، يتجاور فيها الخط العربي مع الفن المعاصر، وخاصة المدرسة التجريدية المعروفة برسم الشخصيات باستعمال الأشكال الهندسية.

كما توجد أعمال فنية أخرى ملتصقة بالحائط باستعمال الخيوط والحصيرة، وهو بساط أصفر يستعمله خاصة أهالي الجنوب التونسي.

رموز تونسية

أحد المشاركين في هذه التظاهرة الفنية هو الفنان التشكيلي الفرنسي، ويلي فريشارد حاول تجميع كل الأنواع الفنية في لوحة واحدة مع إدخال رموز تونسية، مثل \"يد فاطمة\" أو \"الخمسة\" (رمز يتخذ شكل اليد) أو السمكة، وهي رموز يعتقد التونسيون أنها تطرد الحسد والشر.

وقال إن \"جميع الفنانين يعملون بشكل فردي أو ثنائي، وحاولت أن أعمل مع المجتمع الجربي، الذي كان حاضرًا في هذا العمل الفني\".

وتابع: \"حاولت تجسيد شخصيات الفنان التشكيلي بيكاسو عبر الألوان التي كان يستعملها، وكذلك موندريون (فنان تشكيلي هولندي) وهي خاصة بالألوان الحمراء والصفراء الدالة على الفرحة عند الصغار، مع إضافة الرموز التونسية، التي قرأت بأنها من الموروث التقليدي التونسي\".

إعادة الحياة

في جهة أخرى من هذا الشارع أتم الفنان التونسي، أشرف عبدالعظيم لوحته التي اختار لها اسم \"النسّاج\"، وقد استمد تفاصيلها من طبيعة النشاط القائم في هذا المكان، وخاصة من خلال عدد من العاملين في قطاع النسيج.

هذه اللوحة تُجسد شيخًا من جزيرة جربة يقوم بضفر ألياف الحصير، وتنقسم اللوحة الى جزئين، أحدهما باللون الأبيض والأسود، والآخر اختلطت فيها الألوان بشكل مكثّف.

وقال عبدالعظيم عن عمله: \"من خلال انقسام اللوحة إلى جزئين على مستوى الألوان أردت الإشارة إلى أن هذه المهنة أصبحت تصارع من أجل البقاء ووجب الحفاظ عليها\".

ويأمل القائمون على هذه التظاهرة أن تعيد الحياة إلى هذا الشارع وللسياحة، وتفتَح المتاجر التي أغلقت في السابق بسبب حالة الكساد.