كرنفال فرح في نينوى يحلق بطائر الفينيق الى أعالي السماء!

دورة الشاعر محمود المحروق

كرنفال شعري جميل، شهدته نينوى التاريخ والأمجاد، صدحت فيه حناجر الشعراء بروائع الشعر وجمالية الكلمة وسحر بلاغتها، بمهرجان أبي تمام الخامس للشعر العربي، حيث احتضنت نينوى الحدباء وأم الربيعين، في شهر أبريل/نيسان الخالد، وفي منتصفه، هذه التظاهرة الثقافية الشعرية الفنية الرائعة في التنظيم والاعداد والتي استمرت لثلاثة أيام من 13 – 15 أبريل/نيسان 2018.

مهرجان أبي تمام الخامس للشعر العربي (دورة الشاعر محمود المحروق) رعاه أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية ورئيس تحالف القرار العراقي، الذي كان افتتح معرضا للصور الفوتوغرافية والفن التشكيلي، وأشاد بمضامين لوحاته الرائعة في التعبير عن محنة نينوى وتطلع أهلها إلى المستقبل، قبل ان يلقي كلمته في المهرجان، رحب فيها بحضور هذا الجمع الخير من نخب الثقافة والفن والشعر والابداع، مشيرا الى أن نينوى هي طائر العنقاء الذي عاد يخفق بجناحيه من جديد، ولافتا الى أن أهل نينوى وبعد أن تعذر عليهم استقبال ضيوفهم في أماكن تليق بهم، بسبب حجم الدمار والخراب الذي أصاب بنيتها ومعالمها التاريخية، فإنهم سيتسقبلون ضيوف المهرجان بقلوبهم، معبرا عن شكره وتقديره لهذه النخب المبدعة التي شاركت في هذا الكرنفال الجميل والعرس الشعري الرائع بمهرجان أبي تمام.

كان حضور الأمين العام للادباء والكتاب العراقيين الشاعر الكبير إبراهيم الخياط والكلمة الرائعة التي ألقاها في المهرجان وقصيدة الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري التي تغنى بها عام 1980 بحق نينوى أم الربيعين والقائها من قبله في المهرجان، وأشادته بشاعر نينوى محمود المحروق، ومكانة الشاعر الابداعية الكبيرة، مناسبة لإظهار أهمية محافظة نينوى عبر التاريخ وما تحظى به من مكانة، مشيرا الى أن انعقاد هذا المهرجان الكبير في هذا التوقيت الذي يحمل أكثر من رسالة، كما كان لحضور وزير الثقافة الأسبق مفيد الجزائري وأدباء مثقفين عراقيين وعرب كبارا له طعم خاص لدى أهل نينوى الذين احتفوا بضيوفهم بما يليق بهم.

وهنا لا بد وأن نستذكر أروع ما قاله أبي تمام في فتح عمورية:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ** في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ ** في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ** بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لا في السَّبْعَة الشُّهُب

أَيْنَ الروايَة بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا ** صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ

كما يذكرني الشاعر الكبير الراحل نزار قباني حين صدح يناشد أبا تمام بمهرجان شعري حضره في نينوى قبل سنوات، وهو يغرد:

أبا تمام أين تكون.. أين حديثك العطر؟

وأين يد مغامرة تمتد في مجاهيل وتبتكر؟

أبا تمام أرملة قصائدنا.. وأرملة هي الألفاظ والصور

فلا ماء يسيل على دفاترنا..

ولا ريح تهب على مراكبنا..

ولا شمس ولا قمر..

أبا تمام: إن الناس بالكلمات قد كفروا..

وبالشعراء قد كفروا..

فقل لي أيها الشاعر؟؟

لماذا الشعر حين يشيخ..

لا يستل سكينا .. وينتحر؟

تحية لنينوى الشموخ والعطاء احتضانها هذا المهرجان الشعري الكبير. وقد أحيت ذكرى شاعرها ومبدع كلمتها أبا تمام الذي قال عنه شعراء العرب الكثير ونهلوا من بلاغته ما يعد مفخرة لكل طامع الى العلا أو ركوب سلالم المجد.

وأنت يا أبا تمام، ها قد عدت من جديد .. وقد أبت نينوى الشموخ والكبرياء، إلا أن تصدح حناجر شعرائها بهيبتك وجلالك أيها الشاعر الكبير. وها أنت تعانق سماء المجد العراقي في أبهى صوره، في مهرجان تم الإعداد له في ظروف قاسية، لكنه أثبت نجاحا منقطع النظير.

شكرا لكل الجهود الخيرة التي أعدت لهذا المهرجان والتظاهرة الكرنفالية حيث امتزج الفن مع الشعر، لرسم معالم الجمال والابداع الشعري، والتنظيم الرائع الذي ظهر به، ونال تقدير الجميع، وأدت الى كل تلك النجاحات الكبيرة التي حققها المهرجان، والرسالة البليغة التي تركها في نفوس أبناء نينوى، في ظرفهم العصيب، وهم يرون أن ألق مدينتهم قد عاد في عرسها البهي، بمهرجان أبي تمام، شاعر البطولة والأصالة والامجاد وسحر البيان والبلاغة في أسمى معانيها.