كيف تفكر تفكيرا علميا؟

كتاب "العلم والتفكير العلمي" يؤكد أن العلم والتفكير العلمي هو ما يحتاجه كل إنسان حتى يفهم العالم من حوله.
العلم والتفكير العلمي عبارة عن خليط من الحقائق والمفردات والأفكار العلمية
في مقدور أي شخص أن يجمع المقالات التي تتناولها الثقافة النانوية والهندسة الوراثية والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها
عالمنا المعاصر يتصف بالتغير السريع والتطور الهائل في مجال العلم والتكنولوجيا

القاهرة ـ من حازم خالد

يؤكد كتاب "العلم والتفكير العلمي" أن العلم والتفكير العلمي هو ما يحتاجه كل إنسان حتى يفهم العالم من حوله، ويحاول مؤلفه د. علي راشد توضيح مفهوم العلم والتفكير العلمي بدون الدخول في مقاربات علمية، بأن العلم والتفكير العلمي هو خليط من الحقائق والمفردات والأفكار العلمية، فالعلم والتفكير العلمي ليست من الأمور التي يتخصص فيها الخبراء، ولكنها المعلومات الأكثر عمومية.
ويؤكد المؤلف أنه في مقدور أي شخص أن يجمع المقالات التي تتناولها الثقافة النانوية والهندسة الوراثية والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها، وتجميع هذه المقالات بشكل مفهوم وقراءتها أو إعدادها للقراءة، فإن هذا الشخص يكون مثقفا علميا، وبهذه الطريقة فإنه بوسع أي شخص أن يصبح مثقفا علميا، وفقا لمعايير القرن الواحد والعشرين، أن يكون مثقفا ثقافة علمية بأن يكون على إطلاع على ما ينشر من أخبار حول أحدث الاكتشافات العلمية، وأن ينضم لدوائر النقاش العام حول مثل هذه الاكتشافات، بدون أن يكون متخصصا في مثل هذه الفروع الحديثة من العلم.
ويذهب المؤلف إلى أن مثل هذا الاطلاع من جانب الأشخاص العاديين على ما يتعلق بأخبار العلوم الحديثة، هو أحد الأدوات التي يمكن من خلالها محو الأمية العلمية التي قد تعاني منها بعض المجتمعات، بالإضافة إلى أن هذا الاطلاع من جانب الأشخاص العاديين على المعرفة العلمية بشكل عام يعطي الفرصة للمجتمع ليصبح أكثر ثراء وقدرة على التطور المعرفي.
العلم والتكنولوجيا

انعدام الثقة في البحث العلمي، والتقليل من جدوى الحلول العلمية، وعدم تقدير العلميين، وانقطاع معظم المتعلمين عن تحصيل العلم بمجرد تخرجهم في الجامعات أو حصولهم على درجاتهم العلمية الأولى

إن عالمنا المعاصر يتصف بالتغير السريع والتطور الهائل في مجال العلم والتكنولوجيا، وكان للتغير السريع والأخذ بالاتجاه العلمي على نطاق واسع، بالإضافة إلى التطبيع العلمي لنتائج هذا التقدم العلمي في مختلف مجالات الحياة بشكل عام، فالمجتمع العالمي المعاصر يعيش حاليا ثورة علمية وتكنولوجية ضخمة، حيث يعيش المجتمع العلمي المعاصر تحولات تكنولوجية كبيرة، كما أن التدفق في المعلومات العلمية وتطبيقاتها لخير البشرية أحد العوامل التي تجعل هذه التحولات التكنولوجية تحدث بصورة يومية تقريبا، وهو ما زاد من وتيرته التطور السريع في مجالات الاتصالات من خلال شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، والتفاعل السريع بين جميع المهتمين في العلوم حول العالم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي التي تحولت لمنصات لتبادل الأفكار والمعلومات وليس للتواصل الاجتماعي فقط.
ويستشهد المؤلف في هذا الإطار بما يحدده أحد أشهر علماء الاجتماع الأميركيين وهو سيمور مارتن، من أن هناك خمسة معايير يقاس على أساسها التقدم العلمي في المجتمعات الحديثة، وهي المعايير التي تتعلق بالجوانب التكنولوجية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية، فالمعيار التكنولوجي، يعني أن تكنولوجيا المعلومات مصدر القوة الأساسية، ويحدث انتشار واسع لتطبيقات المعلومات والمكاتب والمصانع والمؤسسات التعليمية والمنازل وغيرها.
والمعيار الاجتماعي، يؤكد دور المعلومات والتكنولوجيا كوسيلة للارتقاء بمستوى المعيشة، وذلك من حيث السكن والتغذية والصحة والاتصالات، والتعليم، والترويح، كما يتصل ذلك بانتشار الوعي والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، ويتاح للأشخاص العاديين مصادر معلومات كافية وعلى مستوى عال من الجودة.
كما أن المعيار الاقتصادي، يبرز المعلومات والتكنولوجيا كعامل اقتصادي أساسي، سواء كمورد اقتصادي، أو كصورة من صور الخدمات، أو سلعة، أو حتى مصدر من مصادر توليد الوظائف الجديدة، سواء الوظائف المرتبطة بالمعلومات والتكنولوجيا بشكل مباشر أم بشكل غير مباشر، أو حتى غير مرتبطة بهذا القطاع.
ولاشك أن المعيار السياسي له دوره المؤثر، حيث تؤدي حرية نشر المعلومات، وأيضا الوصول للمعلومات لتشجيع الأشخاص العاديين على المشاركة السياسية والتفاعل مع الأحداث العامة، وذلك من خلال مشاركة أكبر من قبل الجماهير في الأحداث العامة وزيادة معدل إجماع الرأي عليه.
ويظهر دور المعيار الثقافي، التقدم العلمي في شكل تنوع في المجالات الثقافية كافة وتطورها، مع الاعتراف بالقيم الثقافية للمعلومات، مثل احترام الملكية العقلية والحرص على حرمة البيانات الشخصية، والصدق الإعلامي، والأمانة العلمية، وذلك من خلال ترويج هذه القيم من أجل الصالح القومي وصالح الأفراد على حد سواء.

العلم والتفكير العلمي
المعيار التكنولوجي

واعتبر المؤلف أن المعايير السابقة هي معايير التقدم العلمي، لكنه اعتبر في نفس الوقت أن هناك سمات للمجتمعات المتخلف علميا، وهذه السمات تشمل :
-  غياب الروح العلمية: ويتضح ذلك في مظاهر اجتماعية، مثل انعدام الثقة في البحث العلمي، والتقليل من جدوى الحلول العلمية، وعدم تقدير العلميين، وانقطاع معظم المتعلمين عن تحصيل العلم بمجرد تخرجهم في الجامعات أو حصولهم على درجاتهم العلمية الأولى، بالإضافة إلى بدائية الحوار وعدم احترام حدود التخصص العلمي والمهني.
-  قتل الروح الابتكارية لدى النشء: وحيث يتم ذلك في المجتمعات من خلال تقييد حرية التفكير والحركة لدى النشء، وتثبيط همم المبتكرين والمبدعين والتحقير من جهودهم، وسيطرة متوسطي الذكاء وأنصاف الموهوبين على المراكز القيادية الحساسة في الدولة.
-  قصور خدمات المعلومات: وذلك سواء لقلة المتاح منها، أو قلة الطلب على هذا المتاح من قبل الطلاب الباحثين أو من أصحاب المهن المختلفة، وعدم استغلال المعلومات المتوافرة في عملية اتخاذ القرارات، وحيث يتم اتخاذ هذه القرارات بشكل فوقي أو بطريقة عفوية غير مدروسة.
-  تضخم البيروقراطية: وهي سمة غالبة على المجتمعات غير المتقدمة علميا، حيث تميل المؤسسات في هذه المجتمعات إلى تقديس البيروقراطية والالتزام بسلسة الإجراءات الحكومية قبل اتخاذ أي قرار، حتى لو أدى ذلك لعدم تحقيق الأهداف المنشودة.
-  الانفصام الثقافي: الذي تظهر ملامحه من خلال التعارض بين التخصصات العلمية والفنية، والعلوم الإنسانية، وحيث يتعذر الحوار أو تبادل المعرفة بين المتخصصين في كل تخصص من هذه التخصصات.
-  ضعف النشر: وخاصة فيما يتصل بالنشر حول الإنتاج العلمي، ويتصل بذلك تراجع معدلات إصدار الكتب والمجلات العلمية والمهنية، مع ضعف حركة الترجمة.
-  الاعتماد على الخبرة الأجنبية: ويحدث هذا نتيجة عدم الثقة في الخبرة الوطنية، سواء في مراحل التصميم أو التطوير أو التشغيل.
يذكر أن كتاب عنوان الكتاب: "العلم والتفكير العلمي"، للدكتور د. علي راشد، تقديم د. رؤوف وصفي، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 118 صفحة من القطع المتوسط .(وكالة الصحافة العربية).