حكومة السراج تتودد للشركات الأجنبية لكسب دعم مالي وسياسي
طرابلس - قال علي عبدالعزيز العيساوي وزير الاقتصاد الليبي في حكومة الوفاق إن شركة "توتال" الفرنسية وشركات أجنبية أخرى بدأت تجديد تراخيص أعمالها لدى الحكومة التي مقرها طرابلس بهدف مواصلة العمل في البلاد.
وتأتي تصريحات العيساوي في سياق تنتهجه حكومة فايز السراج لتهدئة مخاوف الغرب من أنها ستسعى لتعليق عمل شركات النفط وشركات بقطاعات أخرى مع خوضها صراعا للبقاء في مواجهة هجوم يشنه الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر ضدها لانتزاع السيطرة على طرابلس من قبضة الميليشيات الموالية لها.
وفي مايو/أيار، علقت وزارة الاقتصاد عمل "توتال" و39 شركة أجنبية أخرى، قائلة إن تراخيصها انتهت قبل أن تمنحها فترة سماح لمدة ثلاثة أشهر لطلب تراخيص جديدة.
ويرى بعض الدبلوماسيين والمحللين أن هذا التحرك هو ضغط سياسي يهدف إلى تعزيز الدعم في الخارج لمواجهة الهجوم الذي يشنه الجيش الليبي ضد الوفاق.
ونفي العيساوي وجود دافع سياسي وراء هذا التحرك قائلا إن بعض الشركات تعمل دون ترخيص منذ فترة طويلة.
وقال "هناك شركات تعمل على تجديد تراخيصها في ليبيا" حاليا، مضيفا أن "توتال" من بينها.
وأضاف أنه إذا لم تُجدد التراخيص، فإن هناك الكثير من شركات النفط التي ستستحوذ على حقول النفط في 24 ساعة قائلا إن المنافسة شديدة.

ومن بين الشركات الأخرى المُطالبة بتجديد تراخيصها شركة صناعات الطيران "تاليس" الفرنسية وشركة الهندسة الألمانية سيمنس وشركة معدات الاتصالات ألكاتيل-لوسنت، المملوكة حاليا لنوكيا الفنلندية، ومايكروسوفت. و"توتال" هي الأكثر انكشافا إذ لديها عمليات نفطية في ليبيا.
كما قال العيساوي إن إنتاج ليبيا النفطي يبلغ نحو 1.25 مليون برميل يوميا، بما يتماشى مع المستويات المعلنة في السابق.
ومع محاصرة الجيش الليبي لقوات حكومة الوفاق والميليشيات الموالية لها في طرابلس، تستمر أنشطة الأعمال في معظم أجزاء العاصمة ومدن الساحل الغربي للبلاد.
وقال العيساوي إن الموانئ والواردات تسير على نحو طبيعي، مضيفا أن ليبيا تملك احتياطيات قمح تكفي لأربعة أشهر.
ويتمثل الأثر الأكثر وضوحا للصراع في ارتفاع أسعار بعض الأغذية، مثل الخضروات، إذ تقع المزارع إلى الجنوب من طرابلس حيث تدور المعركة.
وقال العيساوي إن حكومة الوفاق، التي تسيطر على منطقة محدودة بخلاف المنطقة الكبيرة للعاصمة، لن تتحمل ديونا جديدة لتمويل الحرب، إذ أنها ستلتزم بخطط خلو ميزانية 2019 من العجز.
وتحصل طرابلس على إيرادات من صادرات النفط والغاز، وقروض بلا فائدة من البنوك المحلية للبنك المركزي، ورسوما إضافية بنسبة 183 بالمئة على تعاملات العملات الأجنبية التي تتم بأسعار الصرف الرسمية.
ويتوقع بعض المحللون أن تضطر حكومة السراج لجمع دين جديد إذا استمرت حرب السيطرة على طرابلس.

ومع هيمنة فصائل مسلحة على ليبيا، ارتفعت فاتورة أجور القطاع العام إذ جرى إلحاق المقاتلين بوظائف في القطاع العام لضمان ولائهم.
وامتنع العيساوي عن ذكر تكلفة إنفاق الحكومة على جهود الحرب، لكنه قال إن التكاليف الإنسانية قد تزيد عن ملياري دينار (1.4 مليار دولار).
وسيوقف المسؤولون بعض مشاريع التنمية. وقال العيساوي "هذه كارثة بالنسبة للبلد بالكامل وستؤثر على النمو".
ويرفض الجيش الليبي الذي يدعمه البرلمان إجراء محادثات سلام مع السلطة في طرابلس قبل تطهيرها من الميليشيات والإرهابيين.
وقال عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي الذي يتخذ من مدينة طبرق بشرق البلاد مقرا له، إن "عملية تحرير طرابلس ليست عملية عسكرية سهلة"، مشيرا إلى أن إجراء محادثات مع حكومة الوفاق لن يتم إلا بعد 'تحرير العاصمة من الإرهاب".
وأضاف في مقابلة مع رويترز في القاهرة في وقت متأخر الأربعاء "أولا العاصمة يسكنها أكثر من مليوني ليبي وهذه المجموعات المسلحة تتمترس بالأشخاص وبالمباني وموجودة في المباني. من يريد الإسراع، أولا هي عملية عسكرية لم تكن سهلة، الجيش عنده خطة معينة وعنده تراتبية ونظام. من يريد الإسراع هو في الحقيقة يدفع بالجيش إلى أن يقع في ورطة تدمير المباني والإضرار بالمدنيين".
ورفض صالح أي اقتراح بانسحاب الجيش الوطني الليبي أو الموافقة على وقف إطلاق النار. وقال "لكن العملية العسكرية يجب أن تحسم. الحل السياسي يجب في كل الأحوال أن يأتي حتى بعد تحرير العاصمة الليبية. الحوار لم يكن فيه فائدة بسبب التدخل الخارجي".
وقال أيضا "إذا كان هناك من هو قادر على إخراج هذه الجماعات بسلام، فإن الجيش سيرجع إلى ثكناته وتشكل حكومة وحدة وطنية وكل شيء لكن لن يستطيع السيد (فائز) السراج أن يأمر هذه الجماعات بالخروج من العاصمة".
وما زالت الأمم المتحدة عاجزة عن التفاوض على وقف لإطلاق النار. ودعت فرنسا، مثل دول أوروبية أخرى، لوقف إطلاق النار لكنها أيضا تدعم حفتر في سعيه لقتال المتشددين الإسلاميين في البلاد.