حفاوة بافتتاح أول مدرسة لمرضى التوحد في لبنان
بيروت - لم يكن بوسع عائلة ريكي سركيس البالغ من العمر 10 سنوات أن يلتئم شملها وتعود إلى لبنان إلا بعد إنشاء مدرسة بدوام كامل للأطفال المصابين بالتوحد في مثل حالته.
وتقول سريتة طراد، والدة ريكي، إن فكرة المدرسة ظهرت بعد أن سافرت لسنوات طويلة بحثا عن أفضل بيئة يمكن توفيرها لطفلها المصاب بالتوحد.
وأوضحت طراد وهي شريكة مؤسسة لمدرسة (1.2.3) لأطفال التوحد "أنا من ورى ريكي اضطريت إنه سافر لبرا.. تشخيص كان تشخيص برات لبنان مش بلبنان.. بأميركا.. عشت ثلات سنين ونص بأميركا.. وكملت أربع سنين باقيين بالكويت. هيدا كله كان كرمال (من أجل) ريكي، حياتي انقلبت 360 درجة كرماله.. ولما قررنا إنه كعيلة وبيو لركي بدو يه يرجع علبنان، تولادو يعيشو حدو، طلعنا بمشروع إنه نعمل مدرسة ذات البرنامج إلي كان عام ياخده ريكي بأميركا وبالكويت..."
وعندما آن الأوان لكي يلتئم شمل العائلة أسست طراد وبشير سركيس والد ريكي، مدرسة (1،2،3) لأطفال التوحد في لبنان، التي تطبق نفس البرنامج الذي كان ريكي يتعلمه في المدارس بالخارج.
وهذا البرنامج، الذي يستخدم التحليل التطبيقي للسلوك، مصمم لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولكل طفل برنامج تعليمي فردي خاص به، بما في ذلك النظام الغذائي وكذلك تحديد نقاط القوة والضعف لكل منهم.
ويقول مؤسسو المدرسة الواقعة في ضبية إلى الشمال من بيروت إن المدرسة هي الأولى من نوعها في لبنان ببرنامج تعليمي بدوام كامل يوفر بيئة آمنة وخاضعة لضوابط الإشراف والمراقبة للأطفال المصابين بالتوحد من أجل تنمية وتطوير مهاراتهم.
ويتلقى الأطفال المقيدون بالمدرسة أيضًا علاج تطوير المهارات الوظيفية وعلاج التخاطب وتنمية مهارات اللغة والكلام.
وينتظم بالمدرسة، التي افتتحت الشهر الماضي، ستة أطفال فقط في الوقت الحالي، لكن هناك خططا لاستيعاب المزيد في المستقبل.
واستُقبلت أخبار افتتاح المدرسة بحفاوة من قِبل أولياء الأمور الذين لديهم أطفال مصابون بالتوحد في لبنان، ومن بينهم رانيا صفير مخول، وهي محامية وأم لطفلين.
وترأس مخول، التي يتردد ابنها سيلفيو على المدرسة، منظمة غير حكومية تعد مشروع قانون للبرلمان اللبناني لتوفير الحقوق الأساسية للأطفال المصابين بالتوحد في البلاد.
وتقول مخول "الولد بكون عام ياخد هل علاج كل النهار، يعنه نقول عم يقعد 7، 8 ساعات بالنهار، عم ياخد 7، 8 ساعات هل علاج، هيدا كان شبه مستحيل بلبنان تقدر تأمنه".
وتضيف "آخر احصائية دقيقة بقلك، عندك تقريباً تقريباً 40 الف ولد منصاب بالتوحد، آه بلبنان، لنقل 30 ألف، إذا قلنا 30 ألف، أدي بدك تعمل، كم مدرسه متل 1,2,3 لازملنا، بدا تبلش الدولة تتحرك، في الوقت نفسه نحنا كل واحد منا عم يتحرك ع صعيد فردي"
وتوضح نادين كريكوريان مديرة برنامج المدرسة أن الكثير من الأطفال المصابين بالتوحد يبقون في منازلهم لأن المدارس لا تقبلهم.
وتقول "في كتير من الولاد يلي عندهم توحد عم يبقوا بالبيت، لأنه المدارس ماعم تقبلهم يفوتوا عالمدارس.. وهو ما عنده المهارات (اللازمة لانتظامه بها).. نحنا ببلشو عنا خلينا نقول متل مرحلة انتقالية وأكيد بهل 10 سنين يلي اشتغلت فيها، قدرت شوف التطور إلي بيصير أول شي ببلش الولد يمكن ما بيقدر يقعد بالكرسي أكتر من 5 ثواني بعدين صار بعد كم سنة أو يمكن بنفس السنة بيقعد وبيقدر يطلع ع اللوح وع المعلمة وبيقدر يشارك مع أصحابه.. وبالتالي فان من المهم جدا نحضرهم هلق المهارات يلي يحتاجونها للاندماج مع الجماعة والمجمتع ونظام المدارس الرئيسي".
والتوحد عبارة عن اضطرابات معقدة في نمو الدماغ تظهر في مرحلة الطفولة المكبرة.
وتتميز هذه الاضطرابات بمواجهة الطفل لصعوبات في التفاعل مع المجتمع والتواصل معه، واقتران نمط حياته بأنشطة محدودة.
وللتوحد أسس وراثية قوية، رغم أن جيناته لا تزال معقدة.
وتتفاوت أعراض المرض من معتدلة تتمثل في صعوبة مراس الطفل المصاب الى عجز شديد وتخلف عقلي.
وطفل التوحد يتجنب النظر في وجوه الآخرين كما أنه يجد صعوبة في تفسير إيماءات الوجه والتي تعبر عن مشاعر الحزن أو الفرح أو غيرها.
لا يزال مرض التوحد يواجه غموضاً بالرغم من البحوث الحديثة والتطورات التي قطعت شوطاً كبيراً في مرحلة تشخيص اعراضه وكيفية دمج الطفل المتوحد مع مجتمعه.
ويزداد معدل انتشار اضطرابات طيف التوحد على المستوى العالمي.
في 18 ديسمبر/كانون الاول في العام 2007 أقرّت الأمم المتحدة يوم 2 أبريل/نيسان يوماً عالمياً للتوعية من مرض التوحد.
وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية عام 2016 إلى أن طفلاً واحداً من 160 طفلاً يعاني اضطرابات التوحد.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فان نحو 1% من سكان العالم مصابون بهذا المرض، أي ثمة نحو 70 مليون شخص مصابين بالتوحد في العالم.