الشارع يدعو إلى وحدة لبنان والتيار الحر يناشد الرئيس

أنصار عون يستبقون مظاهرات "أحد الوحدة" التي تطالب الطبقة السياسية بالرحيل ومحاسبة الفاسدين، بدعم التيار الوطني الحر.
احتجاجات بعد الظهر لتسريع تشكيل الحكومة ومحاسبة الفاسدين
البنك المركزي الإماراتي يدرس تقديم مساعدة للبنان
البيت الأبيض يعلق المساعدات الأميركية الأمنية للبنان

بيروت - احتشد عدد من مناصري التيار الوطني الحرّ حزب الرئيس اللبناني ميشال عون، على طريق القصر الجمهوري، الأحد للتعبير عن دعمهم له قبل ساعات من تظاهرات مناهضة للسلطة الحاكمة يتوقع تنظيمها بعد الظهر في وسط بيروت.

واستبق منذ ليل السبت والصباح الباكر اليوم الأحد، مؤيدو التيار العوني خروج الآلاف من اللبنانيين الشارع، تلبية لدعوة للمشاركة في احتجاجات حاشدة ، في العاصمة بيروت وعدد من المحافظات الجنوبية تحت شعار "أحد الوحدة" لتشكيل حكومة مستقلة.

واستفز مهرجان أنصار عون المتظاهرين الذين يعتصمون منذ 18 يوما مطالبين الطبقة السياسية بالرحيل ومحاسبة الفاسدين منهم.
وبدأ المتظاهرون الاحتشاد في ساحات الاعتصام في بيروت وفي طرابلس وصيدا، ظهرا لاستكمال الحراك الشعبي مطالبين بـ"إسقاط النظام" والتسريع بتشكيلِ حكومة من التكنوقراط بعد أربع أيام من استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري استجابة لضغوط الشارع.

يأتي ذلك استجابة لدعوة أطلقتها كيانات احتجاجية في أرجاء لبنان، تحت عنوان "أحد الضغط" و"أحد الوحدة"، لزيادة الضغط الشعبي حتى تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، مطالبين برحيل كل رموز السلطة الراهنة، وليس الحكومة فقط، وإجراء انتخابات مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين.
وأعلن منظمّو التحرّك الاحتجاجي في جل الديب من محافظة جبل لبنان انضمامهم إلى اعتصام ساحة الشهداء وسط بيروت مطالبين ببدء الاستشارات النيابية لتأليف حكومة جديدة فورًا.

واستحدث نشطاء في مدينة طرابلس عاصمة الشمال التي فاجأت اللبنانيين بانتفاضتها اللافتة منذ بداية الاحتجاجات، مجموعة من الخيم بهدف نشر التوعية بين المواطنين بشأن "الخطوات الدستوريّة لمسار الثورة".

وفي ساحة رياض الصلح بوسط بيروت، حاول مناصرو التيار الوطني الحر الانضمام إلى المحتجين والمعتصمين رافعين هم أيضا الأعلام اللبنانية وأعلاما برتقالية ترمز إلى حزب الرئيس، كما حملوا نفس شعارات المحتجين، لكن بأهداف مغايرة بدت مناشدة لعون ولزعيم التيار الحر جبران باسيل الذي كان أول وزير (الخارجية) طالب المحتجون برحيله عن الحكومة.

وأفاد شهود أن الحشود امتدّت على مسافة تقارب الكيلومترين حيث ارتدى البعض اللون البرتقالي فيما حمل آخرون صور الرئيس البالغ 84 عاماً وأخرى لباسيل.

ورُفعت لافتة كُتب عليها "نحن هنا جنرال لا نتركك ما دمنا على قيد الحياة"، في إشارة إلى الرئيس عون الملقب بالجنرال منذ أن عُيّن قائداً للجيش عام 1984.
وكان التيار الوطنيّ الحرّ (التابع لرئيس الجمهوريّة) قد دعا أنصاره لـ"مهرجان الوفاء والدعم" تأييدًا لعون بعد أن تراجعت البيئة الحاضنة للتيار الحر وانضمت إلى المحتجين في الشارع منذ بداية الاحتجاجات.

وانتقد نشطاء وإعلاميون لبنانيون خروج عدد من المناصرين للتيار الحر إلى الشوارع لدعم "أشخاص" في وقت دعي فيه المتظاهرون إلى "الوحدة" لتحقيق مطالبهم وانقاذ "الوطن" من السياسيين الفاسدين.

وكتبت ناشطة لبنانية على تويتر "ملاحظة بالعين المجردة: في ساحات لبنان يُرفع العلم اللبناني فقط  في بعبدا ، يُرفع علم التيار الوطني الحر".

وقال الإعلامي إياد أبو شقرا على تويتر "مشاهد ومقابلات تظاهرة العونيين مخجلة لأي لبناني يحترم نفسه. أمثال هؤلاء يستحيل أن يكونوا "شركاء" في الوطن!  أمثال هؤلاء يحولون الأوطان إلى مزارع! أقبح نماذج التبعية والطائفية والتعصب وعبادة الفرد!".

ومنذ انطلاق الاحتجاجات، لم تستثنِ هتافات وشعارات المتظاهرين زعيماً أو مسؤولاً، لا سيما باسيل. ويتعرض فريق الرئيس لانتقادات واسعة بالمحسوبية والصفقات المشبوهة على حساب الخزينة وعدم تنفيذ أي من الوعود لتأمين حاجات الناس الأساسية.

وكتب ناشط لبناني "أسوء قرار اتخذه التيار العوني هو التمايز عن لبنان اليوم و التفرّد بحراك حزبي بدأ العد العكسي".

وكان جبران باسيل وهو صهر عون، قد تعرض لانتقادات كبيرة من قبل المحتجين ورددت هتافات ضده.

والتيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه باسيل وعون حليف لحزب الله الشيعي الذي يطالب المحتجون أيضا برفع يده عن لبنان ونزع سلاح الميليشيات التابعة له، وقد استأثرا بالنصيب الأسد في الحقائب الوزارية في حكومة الحريري المستقيلة.

واختلف الحريري سابقا مع باسيل خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات الضرورية لسد الفجوة في المالية العامة للدولة والتقرب من نظام بشار الأسد.
وشكل حزب الله الموالي لإيران تحالفه مع التيار الوطني الحر عام 2006 وحصل على صديق مسيحي يتمتع بالنفوذ في وقت شهد إعادة تشكيل الوضع السياسي اللبناني نتيجة انسحاب قوات الحكومة السورية التي هيمنت على البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية من 1975 إلى 1990.
وخلال توليه منصب وزير الخارجية تحدث باسيل في منتديات دولية مثل جامعة الدول العربية للدفاع عن حزب الله وعن حيازته للأسلحة.
وتوجد في لبنان ثلاث رئاسات هي رئاسة الجمهورية ويتولاها مسيحي ماروني، ورئاسة الحكومة ويتولاها مسلم سُني، ورئاسة مجلس النواب (البرلمان) ويتولاها مسلم شيعي.

وكانت تصريحات باسيل قد أثارت جدلا في لبنان منذ أشهر، حيث أصبحت تغريداته على موقع تويتر مستفزة للبنانيين الذين اتهموا وزير الخارجية بالفساد وبمحاولة الاستئثار بالحكم استعدادا للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بحكم قرابته من الرئيس ميشال عون إضافة إلى اتهامه بالتبعية لحزب الله الذي يسيطر على الحكومة.

وكتب ناشط لبناني على تويتر "تظاهرة بعبدا اليوم هي مش كرمال دعم عون. هي كرمال توزير باسيل ضد إرادة الشعب اللبناني الردّ بكون الساعة ٤ بساحة الشهداء لاقونا".

وعلق ناشط آخر على خروج مناصري التيار إلى الشوارع لدعم عون "مختصر المشهد اليوم: الصبح في مظاهرة لمبايعة شخص (جربناه - بأقل تقدير - 11 سنة بالسلطة وشفنا وين صرنا) ولتوريث زعامته للصهر...  وبعد الظهر في مظاهرات بكل المناطق لبناء وطن ولمحاسبة (واسترجاع المال العام المنهوب) من كل المسؤولين وكل "الزعماء" وأكيد بيناتهم الصهر".

وتسبب الحراك الشعبي بشلل كامل في البلاد على مدى أسبوعين شمل إغلاق المصارف والمدارس والجامعات وقطع طرق رئيسية في مناطق عدة. لكن الجمعة، عادت الحياة إلى طبيعتها تدريجياً مع إعادة فتح المصارف وبعض المدارس أبوابها.

وتعرض الاقتصاد اللبناني لسنوات من الاضطرابات الإقليمية وتباطؤ تدفقات رأس المال مما وضع ضغوطا على احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.

وفي وقت قال فيه محافظ مصرف الإمارات المركزي إن البنك يدرس تقديم مساعدات للبنان وإنه سيرفع توصية إلى قيادة الدولة الخليجية، أعلنت مصادر أميركية إن واشنطن تعتزم تعليق المساعدات الأمنية المخصصة للبنان، بما فيها حزمة بـ105 ملايين دولار مخصصة للجيش اللبناني، إلى أجل غير مسمى.

وسئل المحافظ مبارك راشد المنصوري الصحفيين عما إذا كانت الإمارات قد قدمت معونة للبنان منذ زيارة رئيس وزراء اللبناني الشهر الماضي فأجاب "قررنا إجراء دراسة وتقديم توصية للقيادة في ضوء التطورات الأخيرة".

وأضاف المنصوري أنه لا يوجد اتفاق على أمور محددة وأنه يأمل أن يتحسن الوضع في لبنان الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية بين 1975 و1990.

وفي الشهر الماضي، قال الحريري حين ذاك إن الإمارات تعهدت باستثمارات ومساعدات مالية للبنان لكن شيئا لم يتبلور.

ونقلت شبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأميركية اليوم الأحد، عن مصدر مطلع أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب علقت المساعدات الأمنية المخصصة للبنان، بما فيها حزمة بـ105 ملايين دولار مخصصة للجيش اللبناني، إلى أجل غير مسمى.

وأوضح المصدر أن وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين لم تُطلعا على قرار تعليق المساعدات هذا.

ورغم المخاوف من انهيار الاقتصاد اللبناني، قال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية إنه "لن يكون هناك إنقاذ للبنان إلى حين تطبيق الإصلاحات".

وأضاف "كان يتوجب عليهم القيام بإصلاحات، وكان لديهم وقت طويل للقيام بذلك وبطريقة ما لم يتمكنوا من القيام بذلك".