إعلام أردوغان يعاير قطر ويطالبها بمحاسبة الجزيرة

الصحيفة التركية الموالية لأردوغان تطالب شبكة الجزيرة القطرية بمحاسبة المسؤولين عن فضح ممارسات الجيش التركي ضد المدنيين والأكراد خلال الهجوم في شمال سوريا.

أنقرة - شنت صحيفة ديلي صباح التركية، في افتتاحيتها اليوم الاثنين، هجومًا لاذعا على قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنكليزية، باعتبارها تمثل "تهديدا للتحالف التركي-القطري"، في أول إشارة على انشقاق قريب محتمل بين البلد العربي الذي يعيش عزلة بين جيرانه وشريكه التركي.

وتشدقت ديلي صباح المؤيدة لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في افتتاحيتها الاثنين تحت عنوان "الجزيرة إنكليزية: تهديد للتحالف التركي-القطري"، بـ"المزايا الاقتصادية والدعم العسكري الذي تقدمه أنقرة للدوحة" في وقت يمر اقتصادها بضائقة مالية كبيرة بسبب عزلتها مع جيرانها بعد المقاطعة الرباعية لها منذ أكثر عامين.

وقالت الصحيفة التركية إن "تركيا وقطر شريكان استراتيجيان وقد نقل البلدان منذ عام 2015، علاقاتهما السياسية والاقتصادية والعسكرية إلى مستوى متقدم، حيث استثمرت قطر مليارات الدولارات في تركيا فيما ساعدت الشركات التركية الدوحة في الاستعداد لكأس العالم 2022.

وركزت ديلي صباح على الدور الذي لعبه أردوغان لانتشال أمير قطر من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تهدد بلاده بسبب مقاطعة جيرانه الخليجيين منذ يونيو/حزيران 2017.

وكتبت أن "أردوغان ألقى بثقله وراء الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عندما قاطعت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر ودول أخرى هذا البلد الخليجي الصغير". 

وأضافت أن "أمير قطر، الذي يمتلك قصرًا عثمانيًا بقيمة 90 مليون دولار على ضفاف مضيق البوسفور، رد الجميل لتركيا العام الماضي عندما تعرضت الليرة لانهيار كبير، ما عزز هذا التحالف القوي الذي يبدو الآن أنه بات مهددًا من الداخل"، في إشارة إلى قناة الجزيرة.

وقالت إن قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنكليزية تنشر دعاية معادية لتركيا بانحيازها للأكراد واتهمتها "بالترويج لأخبار مفبركة تصور الإرهابيين المعروفين والهاربين من القانون على أنهم ناشطون مضطَّهدون تحت ذريعة الصحافة المستقلة والموضوعية".

تركيا تتشدق بالدور الذي لعبه أردوغان لانتشال أمير قطر من الأزمة الاقتصادية الحادة بعد مقاطعة جيرانه الخليجيين لبلاده

وانتقدت الصحيفة التركية انضمام القناة القطرية إلى وسائل الإعلام الغربية التي كانت تفضح ممارسات الجيش التركي ضد الأكراد في شمال سوريا خلال العملية العسكرية التي أطلقها أردوغان ولاقت تنديدا دوليا وعربيا.

وأضاف التقرير أنه بالإضافة إلى الفشل في التمييز بين الأكراد السوريين وحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا منظمة "إرهابية"، فإن "قناة الجزيرة اتهمت تركيا، دون تقديم أدلة، بترحيل اللاجئين السوريين".

يذكر أن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو شكر أمس الأحد الشيخ تميم، على الدور التي لعبته قطر في دعم الهجوم التركي شمالي شرق سوريا، رغم الإدانات الدولية الكبيرة التي لحقت العملية العسكرية.

وتشهد العلاقات التركية القطرية تناغما سياسيا في الأهداف والاستراتيجيات التي تثير في مجملها انتقادات دولية طالت سياسة البلدين ووصلت حتى إلى فرض عقوبات اقتصادية.

ولطالما اتفق البلدان في وجهات النظر تجاه كثير من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما قضايا الشرق الأوسط، حيث اختارت الدوحة المضي قدما في دعم أنقرة حتى وإن خالفت القانون الدولي، مغردة بذلك خارج سرب جيرانها ومحيطها العربي الذي يحتكم في قضايا المنطقة منطق احترام سيادة الدول وحقوق الشعوب وأمنها.

واصطفت قطر كعادتها عكس المواقف العربية إلى جانب حليفتها تركيا خلال هجومها على أراضي الشمال السوري، لكن يبدو أن تقارير الجزيرة التي كشفت اعتداءات الجيش التركي والمقاتلين المتشددين الذي ضمهم إليه خلال العملية الأخيرة ضد الأكراد، على المدنيين والممارسات الوحشية ضد سياسيين أكراد، لم يعجب الحكومة التركية.

وحذرت الصحيفة التركية من خطورة ما قامت به القناة القطرية، مشددة على أن الحياد عن "منطق المعاملة بالمثل" يعرض علاقة الدوحة وأنقرة إلى "خطر الانهيار".

وقالت "في ضوء تورط الجزيرة إنكليزية في حملة التشهير ضد تركيا، لا تتوقع قطر أن تجد دعما من الشعب التركي ضد الدول، التي يمكن لتركيا أن تستعيد تعاونها معها بسهولة"، في إشارة إلى قدرة أنقرة عن التخلي على حليفتها في صورة عدم انحيازها لمواقفها ودعمها.
ووصفت ديلي صباح ما قامت به "الجزيرة إنكليزية" بالـ"خيانة"، مشددة على أن تمويل القناة يأتي من حكومة قطر، في تلميح واضح إلى ضرورة محاسبة بعض المسؤولين فيها عن تعريض الشراكة التركية القطرية إلى الخطر وتقويضها.
واختتمت الصحيفة التركية افتتاحيتها بأن "مستقبل الشراكة التركية-القطرية على المحك"، داعية الشبكة لاتخاذ "الخطوات اللازمة للتخلص من جميع الأفراد الذين يسعون إلى إفشال هذا التحالف من وراء غطاء الصحافة المستقلة قبل فوات الأوان، لأن تركيا ليس لديها أي مصلحة لحماية الدوحة دون مقابل".