الصفدي وافق على رئاسة الحكومة رغم رفض اللبنانيين
بيروت - قال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الجمعة إن وزير المالية السابق محمد الصفدي وافق على تولي رئاسة الحكومة المقبلة في حالة فوزه بتأييد القوى السياسية الأساسية، لكن الشارع اللبناني لم يقتنع بمرشح النظام السياسي الذي يلقى احتجاجات تطالبه بالرحيل.
وقال باسيل لتلفزيون (إم.تي.في) إن "عملية تعيين الصفدي رئيساً للوزراء يجب أن تبدأ يوم الاثنين وإن من المرجح تشكيل حكومة جديدة بشكل عاجل بعد أن اتفقت جميع الأطراف الرئيسية على ضرورة التحرك بسرعة".
وأضاف "أؤكد أننا تواصلنا مع الوزير الصفدي وهو وافق على تولي رئاسة الحكومة في حال حظي اسمه بموافقة القوى السياسية الأساسية المشاركة في الحكومة".
وأثار تكليف الوزير السابق برئاسة الحكومة اللبنانية غضب الشارع اللبناني واستهجانه، في ظل استمرار الاحتجاجات التي انطلقت منذ نحو شهر، مطالبة بإسقاط الطبقة السياسية بالكامل، متهمين إياها بالفساد وبالعجز عن حل الأزمات المعيشية.
وسرعان ما رد المتظاهرون في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي على القرار، متهمين السلطات بعدم أخذ الوضع على محمل الجد.
وتناقل الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للصفدي كتب عليها "هل تستهزئون بنا؟". وتظاهر العشرات ليلاً في بيروت وطرابلس (شمالاً) احتجاجاً على تسميته.
وفي طرابلس قال جمال بدوي (60 عاماً) "يثبت طرح محمد الصفدي لرئاسة الحكومة أن السياسيين في السلطة يعيشون في غيبوبة عميقة وكأنهم في كوكب آخر خارج نبض الشارع".
واعتبر الأستاذ الجامعي سامر أنوس (47 عاماً) أن الصفدي "جزء أساسي من تركيبة هذه السلطة، وله مشاركة مباشرة في الفساد والاعتداء على الأملاك البحرية"، مضيفاً "الصفدي لا يلبي طموحات الانتفاضة الشعبية في لبنان".
وقال مصدر مطلع على تفاصيل الاجتماع الذي جمع بين رئيس الحكومة المستقيل وممثلين عن جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من ايران وحليفتها الشيعية حركة أمل، إن "الحريري لم يبد أي اعتراض على ترشيح الصفدي".
وقال مصدر ثان وهو شخصية بارزة قريبة من حركة أمل وحزب الله، إن "الاتفاق من حيث المبدأ على ترشيح الصفدي ظهر في هذا الاجتماع".
وكانت مصادر مطلعة أفادت الجمعة إن "الأحزاب اللبنانية الثلاثة الكبيرة اتفقت على اختيار محمد الصفدي وزير المالية السابق لمنصب رئيس الوزراء، مما يشير إلى إحراز تقدم نحو تشكيل حكومة جديدة في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة.
واستقال سعد الحريري من رئاسة الحكومة في 29 أكتوبر/تشرين الأول أمام موجة لم يسبق لها مثيل من الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة التي يتهمها المحتجون بالمسؤولية عن الفساد المستشري في الدولة وإغراق لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت في الفترة بين عامي 1975 و 1990.
وجاء التوافق على اختيار الصفدي خلال اجتماع عقد في وقت متأخر الخميس بين الحريري وهو سياسي سني بارز وممثلين عن جماعة حزب الله الشيعية التي تدعمها إيران وحليفتها الشيعية حركة أمل.
وكانت هذه الأنباء قد أوردتها في بادئ الأمر قناة تلفزيون إل.بي.سي.آي وقناة إم.تي.في.
وذكر مصدر مطلع على الاجتماع أن الحريري لم يبد أي اعتراضات على اختيار الصفدي مضيفا أن أعضاء البرلمان من تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري سيختارون الصفدي في عملية رسمية من المتوقع أن تبدأ قريبا.
ويبلغ الصفدي من العمر 75 عاما وهو رجل أعمال بارز من مدينة طرابلس ذات الأغلبية السنية وعضو سابق بالبرلمان. وسبق أن تولى حقائب المالية والاقتصاد والتجارة.
وستواجه الحكومة المقبلة تحديات جسيمة.
فسوف يتحتم عليها الحصول على دعم مالي دولي ينظر إليه على أنه ضروري لتخفيف الأزمة الاقتصادية والتعامل مع التحدي الذي تمثله حركة احتجاجية واسعة النطاق ترغب في إزاحة الحرس القديم من السلطة.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية التي تتصاعد منذ فترة في لبنان منذ بدء الاحتجاجات. وفرضت البنوك قيودا على التحويلات للخارج وعلى سحب الأموال بالدولار الأميركي.
عمل مع حكومتي ميقاتي والسنيورة
كان الحريري قد قال إنه لن يعود لرئاسة الوزراء إلا في وجود حكومة من المتخصصين والتي يعتقد أنها ستكون في وضع أفضل للفوز بمساعدات وإنقاذ لبنان من الأزمة.
ومن أجل ذلك يعقد الكثير من الاجتماعات المغلقة مع الأحزاب الأخرى.
وفي حين أرادت جماعة حزب الله وحركة أمل عودة الحريري لرئاسة الوزراء فإن الجماعتين الشيعيتين والرئيس ميشال عون وهو حليف لحزب الله يصرون على أن تضم الحكومة كلا من التكنوقراط والسياسيين.

وتسيطر جماعة حزب الله والجماعات المتحالفة سياسيا معها على أغلبية المقاعد في البرلمان. وتصنف الولايات المتحدة جماعة حزب الله منظمة إرهابية.
ويتعين أن يجري الرئيس ميشال عون وهو مسيحي ماروني مشاورات رسمية مع أعضاء البرلمان بشأن اختيارهم لرئيس الوزراء. ويجب أن يعين الشخص الذي يحصل على معظم الأصوات.
ولا يزال الحريري يتولى تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
وشغل الصفدي منصب وزير المالية في افترة من 2011 إلى 2014 في حكومة نجيب ميقاتي.
وفي عام 2008 أصبح وزيرا للاقتصاد التجارة في حكومة فؤاد السنيورة الذي كان مدعوما من الغرب. وشغل المنصب مجددا في حكومة برئاسة الحريري عام 2009.
وكان الصفدي عضوا بتحالف 14 آذار بقيادة الحريري والذي تشكل بعد اغتيال رفيق الحريري والد سعد في عام 2005.
وتم اختيار الصفدي عضوا بالبرلمان للمرة الأولى في طرابلس عام 2000 لكنه لم يشارك في الانتخابات الأخيرة. وشغلت زوجته فيوليت الصفدي منصب وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب في حكومة الحريري.