القصف يتصاعد على إدلب والمساعدات في خطر

منظمات دولية تحذر من تداعيات الفيتو الروسي الصيني على تدفق المساعدات الدولية التي تعد بمثابة شريان حياة لملايين السوريين.
مقتل 12 سوريا وإصابة العشرات في غارات جوية بطائرات النظام وروسيا
فيتو روسي صيني يهدد بقطع المساعدات على 4 ملايين سوري يقبعون تحت القصف

بيروت - حصد التصعيد العسكري الجديد لقوات النظام السبت المزيد من الضحايا المدنيين في محافظة إدلب، في وقت حذرت منظمات دولية من تداعيات فيتو روسي صيني على وقف مساعدات أممية عابرة للحدود تُعد بمثابة "شريان حياة" لسكان سوريا.

وصعدت قوات النظام وحليفتها روسيا منذ أسبوع وتيرة قصفها في محافظة إدلب وتحديداً ريفها الجنوبي، وقدرت الأمم المتحدة أن عشرات آلاف المدنيين فروا منذ 16 ديسمبر/كانون الأول من منطقة معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أماناً في الشمال.

واستهدفت الطائرات الحربية السورية والروسية السبت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مناطق عدة تمتد من ريف إدلب الجنوبي الشرقي وصولاً إلى الريف الجنوبي الغربي، ما أسفر عن مقتل 12 مدنياً وإصابة أكثر من 36 آخرين بجروح.

وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، وتنشط فيها أيضاً فصائل إسلامية ومعارضة أقل نفوذاً.

ويتزامن القصف مع اشتباكات مستمرة منذ الخميس بين قوات النظام من جهة وهيئة تحرير الشام وفصائل أخرى من جهة ثانية في محيط مدينة معرة النعمان.

وأسفرت الاشتباكات منذ الخميس عن مقتل 57 عنصراً من قوات النظام و82 من الفصائل الجهادية والمقاتلة، وفق المرصد، الذي أشار إلى أن سبعة على الأقل من عناصر قوات النظام قتلوا السبت جراء تفجير انتحاري بسيارة مفخخة شنه أحد عناصر الهيئة شرق معرة النعمان.

ومنذ سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة على كامل المحافظة في العام 2015، تصعد قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشن هجمات برية تحقق فيها تقدماً وتنتهي عادة بالتوصل الى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا.

ورغم التوصّل في آب/أغسطس إلى اتفاق هدنة توقف بموجبه هجوم واسع شنته قوات النظام لأربعة أشهر في إدلب، تتعرض المحافظة منذ أسابيع لقصف ازدادت وتيرته تدريجياً تشنه طائرات حربية سورية وروسية.

وقد تسبب القصف منذ آب/أغسطس مع اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، بمقتل أكثر 284 مدنياً بينهم 76 طفلاً، بالإضافة إلى مئات المقاتلين من الجانبين، بحسب المرصد.

وفي أكتوبر/تشرين الأول أكد الرئيس بشار الأسد في زيارة هي الأولى للمحافظة منذ اندلاع النزاع في العام 2011، أن معركة إدلب هي "الأساس" لحسم الحرب في سوريا.

وتؤوي إدلب ونواحيها نحو ثلاثة ملايين شخص نصفهم تقريباً نازحون من مناطق أخرى. ويعيش عشرات الآلاف في مخيمات عشوائية ويعتمدون في معيشتهم على مساعدات تقدمها المنظمات الإنسانية الدولية.

الفيتو هو قرار رخيص جديد سيدفع ثمنه سكان سوريا الذين يعانون منذ وقت طويل

إلا أن روسيا والصين استخدمتا الجمعة حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لتمديد الترخيص الممنوح للأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا، والذي من المفترض أن ينتهي في العاشر من الشهر المقبل.

وسارعت منظمات عدة للتنديد بالقرار الذي من شأنه في حال تنفيذه أن يقطع طريق مساعدات الأمم المتحدة عن محافظة إدلب، التي تشهد موجة نزوح جديدة نتيجة التصعيد الأخير لقوات النظام.

وقالت منظمة أوكسفام في بيان السبت إن "عائلات ممن هي بأشد الحاجة وبينها من أجبر على النزوح مرات عدة خلال سنوات النزاع، تعتمد بشكل أساسي على المساعدات التي تؤمنها عمليات الأمم المتحدة العابرة للحدود".

وشدّدت على أنه "ليس هناك أي وسيلة واقعية أخرى للوصول إلى مئات الآلاف" من السكان في سوريا.

ويستفيد من المساعدة الانسانية عبر الحدود نحو أربعة ملايين شخص. كما أنها تُعد، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حيوية خصوصاً في ظل تدهور الوضع ميدانياً ومع حلول فصل الشتاء.

ومن جهتها قالت رئيسة مجلس الإدارة في منظمة 'سايف ذي شيلدر' كارولين مايلز الجمعة، "في وقت يتبادل فيه أعضاء مجلس الأمن الاتهامات بدلاً من تجديد شريان حياة ضروري لأطفال سوريا، يقبع مئات الآلاف من سكان إدلب تحت القصف العنيف".

وأضافت أن المساعدات العابرة للحدود هي "الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الكثير من الأطفال والعائلات ممن هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية طارئة".

واعتبرت لجنة الإنقاذ الدولية أن الفيتو هو قرار "رخيص جديد سيدفع ثمنه سكان سوريا الذين يعانون منذ وقت طويل" إلا إذا جرى التراجع عنه قبل العاشر من الشهر المقبل.

وأعرب منظمات محلية أيضاً عن قلقها إزاء الفيتو. وقال مدير الطوارئ في منظمة 'بنفسج' الإغاثية المحلية مأمون خربوط إن "إيقاف المساعدات العابرة للحدود سيؤدي إلى ايقاف عمل العديد من المنظمات المدعومة من الأمم المتحدة".

وأضاف "هذا طبعاً سيتسبب بشلل الجهود الإنسانية في الشمال السوري".