وزيران محسوبان على النهضة لتسيير الداخلية والعدل في حكومة الجملي

سفيان السليطي الذي اقترح وزيرا للداخلية عرف بتصريحاته السابقة ضد هيئة الشهيد شكري بلعيد المعنية بقضية "الجهاز السري" للنهضة، والهادي القديري وزير العدل المقترح قاض مقرب من دوائر الحركة الإسلامية.

تونس - أعلن رئيس الحكومة التونسية المكلّف حبيب الجملي الخميس عن تشكيلة حكومته التي ينتظرها التونسيون بعد مرور حوالى شهرين من إجراء الانتخابات.

وقدم الجملي (60 عاما) تشكيلته وغالبيتهم من غير المعروفين لدى الرأي العام خلال مؤتمر صحافي في انتظار أن يحدد البرلمان لاحقا جلسة عامة للمصادقة عليهم.

وضمت الحكومة 28 وزيرا من بينهم أربع نساء وأسندت فيها حقيبة المالية إلى عبدالرحمن الخشتالي والخارجية إلى خالد السهيلي ووزارة العدل للهادي القديري والدفاع للقاضي عماد درويش.

والخشتالي ليس بعيدا عن دوائر الوزارة حيث كان يشغل منصب الكاتب العام لوزارة المالية في حين تولى السهلي منصب سفير تونس لدى الأردن.

وتم تعيين الناطق الرسمي السابق باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي وزارا للداخلية وهو أول اسم مثير للجدل في الحكومة المقترحة بعد أن رفضته عديد الأحزاب وحتى المجتمع المدني، بسبب تصريحاته السابقة ضد هيئة الشهيد شكري بلعيد المعنية بقضية "الجهاز السري" لحركة النهضة والتي ينظر فيها القضاء وعلاقتها باغتيال القيادي اليساري شكري بالعيد.

والاسم الثاني المثير للجدل في حكومة الجملي هو وزير العدل الهادي القديري الذي كان يشغل خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وهو أعلى منصب في القضاء العدلي بتونس.

حكومة الجملي ستكون موضع اختبار عند التصويت في البرلمان بعد اختلاف كبير على تركيبة المشاركين فيها والاشتراطات المسبقة التي وضعت خلال المفاوضات حول حقائب وزارية بعينها

ويرى نشطاء تونسيون عبروا عن رفضهم لتلك التعيينات على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الزج بالقضاة في السياسة يعد ضربة قوية لاستقلالية القضاء في البلاد، محذرين من استخدام القضاء وتطويعه لخدمة أهداف وأجندات سياسية.

والقديري وهو أحد أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين أيضا شغل منصب مدير ديوان وزير العدل نذير بن عمّو سنة 2013 قبل أن يستقيل احتجاجًا  على ما قيل آنذاك إنه "رغبة من الوزير في تطويع هيئة القضاء العدلي".

وتقول مصادر مقربة من بعض الدوائر القضائية في تونس إن القديري مقرب من حركة النهضة.

وكان الجملي قال للصحافيين قبل حوالى 10 أيام "سأشكّل حكومة كفاءات وطنية مستقلّة عن كل الأحزاب ومقياسي هو الكفاءة والنزاهة والقدرة على التسيير".

وبقي رونيه الطرابلسي على رأس وزارة السياحة وهو أكثر وزير يعتبر أبرز الوزراء الذين أثنى التونسيون على عمله في حكومة تسيير الأعمال التي ترئسها يوسف الشاهد.

وقال الجملي في بيان بثه التلفزيون إن حكومته المقترحة تحظى بتأييد الأغلبية في البرلمان المنقسم بشدة والذي انتُخب قبل نحو ثلاثة أشهر.

ومن بين الوزراء يخضع وزيرا الخارجية والدفاع وجوبا للتشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية بحسب الدستور. وقال الجملي إنه تم الاتفاق بشأنهما.

وحسب مصادر تونسية فان وزير الداخلية أكثر اسم لم تتفق حوله لا الرئاسات الثلاث ولا الأحزاب.

وكان رئيس الجمهورية كلّف في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الفائت الحبيب الجملي تشكيل حكومة جديدة ضمن مهلة لا تتجاوز شهرين بعدما أعلن حزب "النهضة" الإسلامي ترشيح هذا الخبير الزراعي لتولّي المنصب.

ورغم تأكيدات النهضة بأن رئيس الحكومة المكلف سيكون مستقل إلا أن أغلب الأحزاب والشارع التونسي لا يثق في ذلك، حيث أكد نشطاء على فيسبوك من بداية المشاورات أن وزارتا الداخلية والعدل لن تكونا خارج قبضة النهضة.

وكتبت الناشطة والحقوقية نزيهة رجيبة على صفحتها على فيسبوك تعليقا على حكومة الجملي "لا استقلالية ولا قرع بوطزينة... هذي حكومة النهضة وقلب تونس... وهوما مسؤولين على نجاحها او فشلها... وهذي طبيعة الأشياء بعد الفوز في الانتخابات... التحزب ما يقتصرش على حمل #بطاقة انخراط... والأبله هو اللي يحاول استبلاه الناس".

وسادت حالة من الارتباك الأربعاء بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بعد أن أعلن الجملي انتهائه من تشكيل الحكومة دون الكشف عن أسماء الوزراء المشاركين فيها، لكنّ رئاسة الجمهورية سارعت إلى القول إنّ هذه التشكيلة ليست نهائية وإنّ المشاورات بشأنها لا تزال جارية.

وزاد الغموض أكثر بعد تسريب قائمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تبين أنها تشبه كثيرا القائمة التي أعلن عنها فعلا الجملي وسط صمت رسمي عن المسؤول عن ذلك التسريب.

وتزامنا مع كشف الجملي عن أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة المقترحة أعلنت الرئاسة التونسية عن توجيه مراسلة إلى البرلمان قصد تنظيم جلسة للتصويت عليها.

وأفاد بيان من الرئاسة التونسية أنه "عملا بأحكام الفصل التاسع والثمانين من الدستور، أمضى رئيس الجمهورية قيس سعيّد رسالة موجهة إلى السيد راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب، بعد أن تسلم القائمة التي عرضها عليه الحبيب الجملي المكلف بتكوين الحكومة."

ويمهد هذا عمليا تحديد تاريخ لتنظيم جلسة عامة لمنح الثقة لحكومة الجملي الذي شارك في حكومتين سابقتين بصفة "تكنوقراط مستقلّ" وشغل كاتب دولة سابق لدى وزير الفلاحة (2011-2014) لكنه عرف لدى التونسيين بأنه محسوب على النهضة.

ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كلف سعيّد الجملي بتشكيل الحكومة، بعد أن رشحته حركة النهضة الإسلامية التي تصدرت نتائج الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفشل الجملي في مفاوضاته مع الأحزاب السياسية للمشاركة في حكومته بشروط النهضة ما اضطره لإعلان اختياره "حكومة تكنوقراط " خالية من الوزراء المتحزبين.

وستوضع "حكومة التكنوقراط" موضع اختبار عند التصويت في البرلمان بعد أن اختلفت الأحزاب الممثلة فيه على تركيبة المشاركين فيها والاشتراطات المسبقة التي وضعت خلال المفاوضات حول حقائب وزارية بعينها.

ولم تتضح بعد مواقف الأحزاب الكبرى بشكل نهائي من الحكومة المستقلة، لكن النهضة أعلنت الأربعاء عن تحفظها حول الحكومة المقترحة، فيما قال حزب "قلب تونس" الليبرالي، والذي حل ثانيا في الانتخابات، إنه يرفض قطعيا الحكومة المقترحة.

لكن الجملي قال في البيان الذي بثه التلفزيون الحكومي إن حكومته المقترحة تحظى بتأييد الأغلبية في البرلمان المنقسم بشدة والذي انتُخب قبل نحو ثلاثة أشهر.

وقال الجملي إن حكومته ستركز على الاقتصاد وهو موضوع استعصى على جميع الحكومات في تونس منذ ثورة 2011 التي فتحت أبواب البلاد أمام الديمقراطية.

وسيحدد رئيس البرلمان، رشيد الغنوشي وهو أيضا رئيس حركة النهضة (52 مقعد من أصل 217)، موعد تصويت البرلمان على الحكومة.

ولم تسعف المهلة الدستورية الأوليّة التي منحها الدستور للجملي إتمام مهمته التي تم تمديدها شهراً إضافياً.

وحسب الفصل 89 من الدستور التونسي وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.