دياب يبحث عن خطة لاستعادة الثقة في اقتصاد منهار

رئيس الحكومة اللبناني يعتقد أنه لا تزال هناك سبل للخروج من الأزمة في ظل رفض داخلي وخارجي من التعامل مع سلطة متهمة بموالاة إيران وخدمة مصالح حزب الله.

بيروت - قال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب إنه طلب من الحكومة والقطاع المصرفي الأربعاء إعداد خطة لاستعادة الحد الأدنى من الثقة فيما تواجه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في عقود.
وذكر بيان أنه في اجتماع لمناقشة الوضع المالي والاقتصادي، قال دياب إن الانطباع الأول الذي حصل عليه من المصرف المركزي وجمعية المصارف أنه لاتزال هناك سبل للخروج من الأزمة.
ولا يتوقع ان يخرج لبنان من النفق الذي وضع فيه بسبب اصرار حزب الله على الارتماء في احضان ايران ورهن مستقبل البلاد لماصلح اجنبية 
ولا يتوقع ان تمد السعودية ودول الخليج التي ساعدت لبنان اقتصاديا لعقود يد العون للمساعدة في التخفيف من حدة أسوأ أزمة مالية تواجه بيروت منذ عشرات السنين، وذلك بعد تمادي حزب الله في فرض حكومة حسان دياب المتكونة من لون واحد يخدم أجندات طهران قبل الشعب اللبناني، الذي يطالب منذ منتصف أكتوبر الماضي في احتجاجات غير مسبوقة بحكومة تكنوقراط قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي.
وقال مصدر إقليمي إن السعودية والإمارات لن تتدخلا لمساعدة لبنان المثقل بالديون بسبب نفوذ حزب الله. وكان لبنان قد ظل بلا حكومة فاعلة منذ الاحتجاجات التي دفعت رئيس الوزراء السابق سعد الحريري للاستقالة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان الحريري من الشخصيات اللبنانية النادرة التي تحظى بدعم كبير من المؤسسة الدينية السنية في لبنان، كما خولت له علاقاته الدولية أن يكون السياسي الأبرز الذي يمكنه تخفيف الضغوط الخارجية على لبنان، فهو قادر على تفعيل المساعدات المالية التي تعد بها الدول الأساسية الكبرى من بينها دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات، كما المؤسسات الدولية وفي مقدمها البنك الدولي.
ولا يختلف الموقف الأميركي عن الموقف الخليجي، حيث كشفت مصادر دبلوماسية أميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب وضعت حسان دياب أمام اختبار اثبات عدم تبعية حكومته لحزب الله أولا ثم مدى قدرتها على تنفيذ برامج الإصلاح والشفافية ومكافحة الفساد حتى تقرر إذا كان يستحق الإفراج عن أي مساعدات دولية.

اقرار لبنان لموازنة 2020 لن ينهي ازمة تهدد مستقبل البلد
اقرار لبنان لموازنة 2020 لن ينهي ازمة تهدد مستقبل البلد

وهذا الرفض الخارجي للتعامل مع حكومة يتحكم فيها حزب الله والتوجس من خططه لم يكن مختلفا عن الداخل، حيث كانت العزلة التي ظهر فيها دياب الاثنين وهو جالس في البرلمان لحضور جلسة مناقشة موازنة 2020، لافتة بعد أن قاطعت بعض الأحزاب الجلسة وجرى جدال حول دستوريتها.

وفعلا تم اقرار الموازنة بأكثرية 49 نائبا ومعارضة 13 وامتناع 8 عن التصويت؛ بحضور 70 نائبا من أصل 128 لكن ذلك لن يمنع من استمرار الازمة.
وتكمن المعادلة التي لا يمكن لحزب الله تحقيقها هي إقناع الشارع اللبناني الرافض لسياساته أولا بمشروعه الجدي لمكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه والشروع في اصلاحات اقتصادية واجتماعية تخدم مصالح اللبنانيين، قبل فرض إجراءات تقشف تشمل زيادة الضرائب وخفض الإنفاق والدعم الحكومي من أجل استعادة بعض الثقة بإمكانية إخراج الاقتصاد من شبح الانهيار.
ولبنان في خضم أزمة مالية واقتصادية ناجمة عن عقود من سوء الإدارة وفساد الدولة فضلا عن أزمة سيولة دفعت البنوك إلى فرض قيود غير قانونية على أموال المودعين وتراجع سعر الليرة.
ولم تقدم حكومة دياب بيانها الوزاري بعد ولم تنل الثقة ولم تعد أرقام الموازنة في وقت قال فيه مانحون أجانب إن أي دعم للبنان سيعتمد على تنفيذ إصلاحات طال انتظارها.
ولا تمتلك حكومة دياب رصيدا كافيا يمكنها من تمرير الاصلاحات والشروط الصعبة التي يجب عليها اتخاذها والتي تبدأ بتطبيق إجراءات حازمة لإقناع صندوق النقد الدولي بتقديم الجرعة الأولى من المساعدة من أجل الانتقال بعد ذلك إلى دق أبواب المانحين.
وخلال الأسبوعين الماضيين، شهدت بيروت وبشكل خاص محيط مجلس النواب في وسط العاصمة مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية أسفرت عن سقوط مئات الجرحى.
يذكر أن صندوق النقد أوصى لبنان من قبل باستهداف تحقيق فائض أولي لا يقل عن 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة في خفض الدين العام، الذي يعد حاليا من بين الأعلى في العالم.
كما يطالب الصندوق بتسريع زيادة الإيرادات عن طريق رفع ضريبة القيمة المضافة وإلغاء الاستثناءات الممنوحة لفئات مثل اليخوت المسجلة في الخارج والديزل المستخدم في توليد الكهرباء ومركبات نقل السلع والأفراد.
ومن المطالب الرئيسية أيضا لصندوق النقد الدولي تعزيز محاربة الفساد عن طريق سن قوانين تغطي مجالات مثل الإثراء غير المشروع والإفصاح عن الأصول المملوكة للمسؤولين وتشكيل لجنة للتحقيق في قضايا الفساد وإحالتها إلى القضاء، وهي أول المطالب التي ينادي بها المحتجون منذ انطلاق المظاهرات.