البرهان يطلع مجلس السيادة السوداني على لقائه بنتنياهو
الخرطوم - عقد الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي الثلاثاء اجتماعا مع المجلس الحاكم لاطلاعه على ما جرى في اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن أن اللقاء تناول تطبيع العلاقات بين البلدين، ما اعتبرته أحزاب سودانية "طعنة" للشعب الفلسطيني و"سقطة اخلاقية ووطنية"، فيما رحبت واشنطن بالخطوة.
وقال نتنياهو مساء الثلاثاء، إن "تل أبيب حصلت على إذن من السودان للسماح للطائرات المدنية الإسرائيلية بالتحليق فوق أجوائه"، في إعلان لم تؤكده الخرطوم. ونقلت قناة 'كان' الرسمية عن نتنياهو قوله إن "لم يتبقى لتنفيذ هذه الخطوة سوى بعض الأمور الفنية والتقنية"، من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
ولقد كانت هذه الخطوة مفاجئة لمجلس الوزراء الانتقالي السوداني، علما أنه أول لقاء من نوعه على هذا المستوى بين البلدين اللذين هما نظريا في حالة حرب.
ومساء أمس الاثنين، أعلنت الحكومة السودانية أنه لم يتم إخطارها أو التشاور معها بشأن اللقاء بين البرهان وبنيامين نتنياهو في أوغندا.
ونشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته في بيان عبر تويتر قال فيه إن نتنياهو التقى االبرهان في مدينة عنتيبي الأوغندية يوم الاثنين، واتفقا على "بدء تعاون يقود نحو تطبيع العلاقات بين البلدين".
وقال فيصل محمد صالح وزير الإعلام السوداني، المتحدث باسم الحكومة في بيان مقتضب "تلقينا عبر وسائل الإعلام خبر لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي البرهان بنتنياهو في عنتبي بأوغندا".
وأضاف "لم يتم إخطارنا أو التشاور معنا في مجلس الوزراء بشأن هذا اللقاء"، و"سننتظر التوضيحات بعد عودة رئيس مجلس السيادة".
وعلى عكس ردود الفعل التي غلب عليها النقد والرفض أيّد رئيس حزب الأمة السوداني، مبارك الفاضل المهدي، الخطوة التي قام بها البرهان واصفا لقائه مع نتنياهو بـ"الجرئ والشجاع، ويمهد لرفع العقوبات الأميركية عن البلاد".
وقال المهدي في تصريحات صحفية الثلاثاء إن لقاء البرهان ونتنياهو "خطوة جريئة وشجاعة، تخدم المصلحة السودانية في رفع العقوبات الأميركية، وفي مقدمتها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
واعتبر أن الخطوة ستفتح الطريق لإعفاء ديون السودان وإعادة علاقات السودان بمؤسسات التمويل الدولية لتمويل التنمية الاقتصادية، وتحقيق السلام في السودان، والاستفادة من التقنيات الزراعية الإسرائيلية في تطوير قطاع الزراعة والري في البلاد، وفق تعبيره.
وأضاف "لقد كنت السياسي السوداني الذي صرح قبل سنتين بأن التطبيع مع إسرائيل تقرره مصالح السودان أولا".
وأشار أن الكثير من الدول العربية طبّعت مع إسرائيل، وأن العداء وحالة الحرب قد انتهت باتفاق أوسلو وتحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى طاولة المباحثات.
وقال مكتب نتانياهو في بيان الاثنين إن السودان يسير في "اتجاه إيجابي جديد" وأنه أطلع مايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة على الموقف.
وأضاف أن "البرهان يحاول المساعدة على تحديث بلاده من خلال إخراجها من عزلتها وإعادتها إلى الخريطة الدولية".
وفعلا شكر بومبيو مساء الاثنين البرهان في تغيردة على تويتر على "مبادرته لتطبيع العلاقات مع إسرائيل" بعد لقاءه نتنياهو، كما وجه له قبل يوم من ذلك اللقاء دعوة لزيارة الولايات المتحدة.
وغرد بومبيو "مناقشة بناءة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الجنرال البرهان. لقد أكدنا على رغبتنا المشتركة في تحسين المشاركة الفعالة للسودان في المنطقة ودوليا والعمل على إقامة علاقة ثنائية أميركية - سودانية أقوى وأكثر صحة".
وقال بيان للخارجية الأميركية إن بومبيو أجرى اتصالا هاتفيا مع البرهان الإثنين.
وما زالت الولايات المتحدة الأميركية تضع السودان على لائحتها للدول التي تصفها بأنها "راعية للإرهاب" وهو موروث من نظام البشير الذي استضاف زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامه بن لادن في الفترة من عام 1992 إلى 1996.
والتزم السودان على مدى عقود بالمقاطعة العربية لإسرائيل بسبب احتلالها الأراضي الفلسطينية وجراء معاملتها للفلسطينيين.
وجاء لقاء البرهان ونتنياهو المفاجئ في وقت يتصاعد فيه الرفض العربي والإسلامي لخطة أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، للتسوية في الشرق الأوسط، وتُعرف إعلاميًا بـ"صفقة القرن".
وتتضمن خطة ترامب إقامة دولة فلسطينية في صور "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لإسرائيل.
ورفضت كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي خطة ترامب، باعتبار أنها "لا تلبي الحد الأدنى من حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة، وتخالف مرجعيات عملية السلام".
وباستثناء مصر والأردن، اللتين ترتبطان مع إسرائيل بمعاهدتي سلام، لا تقيم أية دولة عربية أخرى علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل.
وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات مساء الاثنين إن "هذا اللقاء طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني وخروجاً صارخاً عن مبادرة السلام العربية في وقت تحاول فيه إدارة ترامب ونتانياهو تصفية القضية الفلسطينية.
وتباينت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد للقاء باعتباره يصب في مصلحة السودان الغارق في أزمة اقتصادية بسبب العقوبات الأميركية عليه، ورافض له كونه يمثل مقايضة إسرائيلية مقابل دعم مفقود لصفقة القرن.
وكتب مغرد على تويتر "أؤيد قرار البرهان الاجتماع مع نتنياهو. نحن الفلسطينيون نقيم علاقات مع الإسرائيليين ونتعايش معهم واقعيا ولا توجد حالة حرب ولا حل للقضية إلا بالسلام والمفاوضات بالتالي ليس طبيعيا أن نطلب من اخواننا العرب عكس ما نفعل".