هل سهلت تركيا دخول متطرف سوري إلى فرنسا

وقوع إسلام علوش القيادي السابق في جيش الإسلام في قبضة السلطات الفرنسية يسلط الضوء على الدور التركي في تصدير الإرهاب من مناطق التوتر إلى دول أخرى.
اسلام علوش ملاحق في جرائم حرب بينها خطف وتعذيب سوريين
جيش الاسلام يطالب فرنسا بالافراج عن اسلام علوش
القضاء الفرنسي يحقق في دخول سلفي جهادي الى فرنسا والتحاقه بمعهد للأبحاث

باريس - وجه القضاء الفرنسي الاتهام إلى اسلام علوش القيادي الكبير السابق في جماعة 'جيش الإسلام' السلفية السورية يقبع في السجن منذ اعتقاله قبل أيام، وسط توقعات بأن تكون تركيا لعبت دورا في مساعدته لدخول الأراضي الفرنسية بعد أن اتضح حصوله على تأشيرة من القنصلية الفرنسية في اسطنبول.

وتسلط هذه التطورات مجددا الضوء على الدور التركي في تصدير الإرهاب من مناطق التوتر إلى دول أخرى بينها دول الاتحاد الأوروبي وشمال إفريقيا على غرار إرسال الرئيس التركي مرتزقة من المتشددين السوريين إلى غرب ليبيا.

وثمة الكثير من الأسئلة التي تحوم حول كيف حصل مجدي مصطفى نعمة الملقب بـ"إسلام علوش" على تأشيرة دخول إلى فرنسا؟ وكيف تمكن المتهم من قبل القضاء الفرنسي بـ"أعمال التعذيب والتواطؤ" و"جرائم الحرب" و"التواطؤ في حالات الاختفاء القسري"، من التسجيل في معهد الأبحاث الفرنسية مع برنامج "ايراسموس بلوس" والحصول على تأشيرة قانونية؟

ووقع إسلام علوش منشق عن الجيش السوري النظامي والتحق بجيش الإسلام  الذي سيطر على الغوطة الشرقية لفترة طويلة، في فخ السلطات الفرنسية بعد أن توجه إلى فرنسا بهدف إكمال دراساته العليا.

وطالب الفصيل السوري الاسلامي الذي يتبنى فكر السلفية الجهادية السلطات الفرنسية بالافراج عن القيادي السابق فيه، مشيرا إلى أنه استقال منه وأنه لم يعد ينتمي لجيش الاسلام.

وإسلام علوش من مواليد 1988 نقيب في القوات المسلحة السورية التي انشق عنها وأصبح متحدثا باسم الجماعة السلفية "جيش الإسلام".

وأعلن في يونيو/حزيرن 2017 أنه سيستقيل ويستعيد اسمه الحقيقي. وطالبت الجماعة بإطلاق سراحه السبت الماضي زاعمة أنه قطع كل العلاقات معها.

وكان جيش الإسلام إحدى أهم جماعات المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في منطقة دمشق ولا سيما الغوطة الشرقية بعد بدء الحرب في عام 2011. وشارك في محادثات جنيف في عام 2015  والتي انتهت بالفشل.

ويقول فابريس بالانش عالم الجغرافيا المتخصص في سوريا في جامعة ليون 2 "هذه المجموعة كانت تسيطر على نقاط التفتيش التي مرت من خلالها المساعدات الإنسانية إلى الغوطة وجمعت ضرائبها على الطريق".

ويشير حساب السوري على موقع فيسبوك إلى التحاقه بجامعة في بودابست عام 2018 ثم تخرجه من جامعة آيدين في إسطنبول في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

ويعتبر بالانش أن هدف هذا الرجل هو "إعادة إنتاج نفسه ليكون في موقع مهم مع خلفية جامعية كي يكتسب مصداقية أكثر من السابق". وقال مصدر قضائي إن مجدي مصطفى نعمة موجود في فرنسا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

وتم تسجيله كطالب في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي في جامعة إيكس مرسيليا (جنوب شرق فرنسا) التابع للمركز الوطني للبحث العلمي.

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس أن نعمة حصل من القنصلية الفرنسية في إسطنبول على "تأشيرة إقامة قصيرة تصدر على أساس ملف كامل بعد تحقيق للخدمات الوزارية المختصة". هذا النوع من تأشيرة شنغن صالح لمدة 90 يوما.

وقال مصدر مقرب من الملف إن نعمة "لم يكن معروفا بالنسبة لجهاز الاستخبارات في وزارة الداخلية". لقد كانت لديه تسع هويات مختلفة.

ويؤكد مركز أبحاث العالم العربي والإسلامي إن السوري وصل ضمن البرنامج الأوروبي "إيراسموس بلوس". ولم يعلق البرنامج على هذه المعلومات.

ويقول مدير هذا المركز ريشار جاكمون "بعد الربيع العربي، أعاد مئات النشطاء الشباب من هذه البلدان تحويل رأس المال السياسي الذي اكتسبوه خلال سنوات النضال إلى مشاريع دراسات أو أبحاث في العلوم الاجتماعية"، مضيفا أنه لم يعرف ماضي نعمة.

وأضاف أنه عندما يحصل المرشح على تأشيرة "فإنني أعتبر حينها أن الخدمات القنصلية قد قامت بوظيفتها وأنه شخصية مرغوب فيها".

وشدد على أنه "غالبا ما تكون ملفات بعض الأشخاص مثيرة جدا للاهتمام لأن بإمكانهم نقل ما يعرفونه إلينا".

لكن كريس دويل مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني في لندن يقول إن السوري تم منعه من الدخول إلى جامعة بريطانية كبيرة وأنه فوجئ بغياب التدقيقات المعتادة في فرنسا.

وتساءل "كم شخص مثله يحاول الدخول إلى الاتحاد الأوروبي وبدء حياة جديدة كأكاديمي ، رغم ماضيه الغامض بشأن ما فعله على الجبهات".

ويشتبه في قيام المتحدث الرسمي السابق لجيش الإسلام بخطف المحامية والصحافية السورية رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة في 9 ديسمبر/كانون الأول 2013 مع اثنين من مساعديهما. ولم يتم العثور عليهم من وقتها.

في يونيو/حزيران من العام الماضي، تم تقديم شكوى ضد عناصر في 'جيش الإسلام' لارتكابهم "أعمال تعذيب و جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب" في الغوطة.

وتم دعم المبادرة بشكل خاص من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام.

وأوضحت كليمانس بكتارت محامية الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن عمل هذه الهيئات سمح بوضع هيكلية قيادية لجيش الإسلام. وقد أبلغت هذه المنظمة غير الحكومية في 10 يناير/كانون الثاني السلطات القضائية عنه، مؤكدة أنه "من المثير للدهشة" أن يحصل هذا الشخص على تأشيرة دخول.