السعودية تقرر زيادة قياسية في صادرات النفط

مسؤول في وزارة الطاقة السعودية يعزو الزيادة في صادرات المملكة النفطية إلى انخفاض الطلب المحلي على مشتقات البترول بسبب انخفاض حركة النقل بفعل الإجراءات الاحترازية المُتخذة لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
السعودية ترفع صادراتها النفطية إلى أكثر من 10 ملايين برميل يوميا
حرب الأسعار بين موسكو والرياض لم تهدأ رغم تفشي فيروس كورونا
الطلب على النفط الخام تضرر بشدة من القيود المفروضة على النقل بسبب كورونا
ترامب يبحث تهدئة حرب الأسعار بين السعودية وروسيا

الرياض - قررت السعودية الاثنين زيادة صادراتها النفطية بـ600 ألف برميل يوميا في مايو/ايار لتصل إلى 10.6 ملايين برميل يوميا وهو معدل قياسي، بعدما كانت أعلنت نيتها زيادة الإنتاج إلى طاقته القصوى في خضم حرب أسعار مع روسيا.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الطاقة حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الحكومية إنّ أحد أسباب الزيادة هو "انخفاض الطلب المحلي على مشتقات البترول، جراء انخفاض حركة النقل بسبب الإجراءات الاحترازية المُتخذة لمواجهة انتشار فيروس كورونا".

وتصدّر السعودية نحو سبعة ملايين برميل يوميا، ما يعني أنها ستضخ 3.6 ملايين برميل إضافية في أسواق النفط المشبعة أصلا بفعل التراجع الكبير على الطلب مع اتخاذ دول عديدة إجراءات لمكافحة فيروس كورونا المستجد بينها فرض حظر تجول ووقف رحلات الطيران.

وأضاف أن الزيادة هي أيضا نتيجة "إحلال الغاز الطبيعي المنتج من حقل الفاضلي، محل البترول الذي كان يُستهلك لغرض إنتاج الكهرباء".

وكانت المملكة أعلنت قبل نحو أسبوعين نيتها استخدام الغاز المنتج من معمل غاز الفاضلي للاستعاضة "عن حوالي 250 ألف برميل في اليوم من الاستهلاك المحلي من الزيت"، أي النفط.

وجاء ذلك بعدما أعلنت الرياض أنها ستزيد إنتاجها اليومي من الخام بإضافة 2.5 مليون برميل نفط يوميا بهدف رفع الإنتاج إلى 12.3 مليون برميل في ابريل/نيسان.

وينتج معمل غاز الفاضلي التابع لشركة ارامكو، حاليا 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا، بينما تقول أرامكو أنه سيرتفع إلى 2.5 مليار قدم مكعب خلال الأشهر القادمة.

ومنذ بداية الأزمة الصحية الحالية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، تسجّل الأسواق النفطية تدهورا، تفاقم على إثر حرب أسعار النفط التي تخوضها السعودية وروسيا والتي بدأت بعد فشل الاتفاق على تمديد خفض الإنتاج الشهر الماضي. وتفرض المملكة حظر تجول جزئي وقد أوقفت رحلات الطيران الدولية والداخلية.

وبحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب هاتفيا الاثنين إمكانية التعاون في مكافحة فيروس كورونا المستجد وإجراء مشاورات حول النفط، وفق ما أعلن الكرملين.

ترامب بحث مع بوتين هاتفيا انهيار اسعار النفط وانتشار كورونا
ترامب بحث مع بوتين هاتفيا انهيار اسعار النفط وانتشار كورونا

وقال الكرميلن في بيان إن الرئيسين عبرا عن "قلقهما الكبير حيال مدى انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم". وتسود العالم مخاوف جدية من تداعيات اقتصادية كارثية لانتشار فيروس كورونا.

والأسبوع الماضي دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بوميو السعودية إلى "طمأنة الأسواق النفطية والمالية" في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تلوح في الأفق.

وجاء في تغريدة أطلقها بومبيو تناول فيها محادثة أجراها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "لقد توافقنا على ضرورة التعاون مع كل البلدان من أجل احتواء الجائحة واستقرار أسواق الطاقة".

وعلى الرغم من تفشي فيروس كورونا المستجد الذي يشل الاقتصاد العالمي ويضعف الطلب على النفط، يستمر إنتاج النفط الخام لا سيما في السعودية والولايات المتحدة، ما يضغط على قدرات التخزين التي تكاد تصل إلى أقصى سعة لها.

وبين العرض الوفير وركود الطلب، يمكن أن يصل فائض النفط العالمي إلى 10.6 ملايين برميل يوميا، بحسب خبراء.

وواصلت أسعار النفط تراجعها الاثنين مع استمرار تفشي فيروس كوفيد-19 ليبلغ سعر نفط برنت أدنى مستوى وصله في نهاية 2002 وينخفض نفط غرب تكساس الوسيط عدة مرات إلى ما دون العتبة الرمزية البالغة 20 دولارا.

وبلغ سعر برميل نفط برنت بحر الشمال تسليم مايو/أيار 22.28 دولارا، وهو مستوى لم يشهده منذ أكثر من 17 عاما، ليخسر أكثر من 10 بالمئة مقارنة بإغلاق يوم الجمعة.

في نيويورك، انخفض البرميل الأميركي لخام غرب تكساس الوسيط للشهر نفسه عدة مرات دون مستوى 20 دولارا مقتربا من 19.46 دولارا للبرميل الذي وصله في 20 مارس/اذار.

ومنذ بداية العام، تراجعت أسعار النفطين المرجعيين تقريبا إلى الثلث. وقال محللون في شركة 'جي بي سي إينرجي' إن هذا التراجع "يعكس الوعي المتزايد بأن الطلب على النفط ينهار، ربما أكثر بكثير من نسبة 20 بالمئة التي توقعناها في ابريل/نيسان ومايو/أيار".

وتضرر الطلب على النفط الخام بشدة من جراء الأزمة الصحية والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدول لوقف انتشار الوباء العالمي، وحدت بشكل كبير من حركة البضائع والمسافرين.

الطلب على النفط الخام تضرر بشدة من جراء الأزمة الصحية والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدول لوقف انتشار الوباء العالمي والتي حدت بشكل كبير من حركة البضائع والمسافرين

ولاحظ يوغن فاينبرغ من 'كوميرسبنك' أن "السياق الحالي هو أسوأ ما يمكن توقعه. تتم مراجعة وخفض تقديرات الطلب بشكل يومي تقريبا، بينما في جانب العرض لا توجد أي بادرة على اتجاه نحو المصالحة بين السعودية وروسيا".

فالبلدان اللذان هما بين أكبر ثلاثة منتجين للنفط الخام مع الولايات المتحدة يخوضان حرب أسعار منذ فشل مفاوضاتهما في بداية شهر مارس/آذار في إطار اتفاقية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشريكاتها في ما يعرف باسم تحالف أوبك+.

وتلتزم بموجب هذه الاتفاقية دول أوبك وعشر دول حليفة على رأسها روسيا حتى نهاية الشهر بالقيود الطوعية بالحد من إنتاج النفط الخام.

ونفت الرياض الجمعة وجود محادثات جارية مع موسكو لإعادة التوازن إلى السوق، حسبما أفاد المحلل لدى 'آر بي سي' آل ستانتون، على الرغم من ضغوط واشنطن الأسبوع الماضي.

واتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالفعل بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الثلاثاء، طالبا منه "طمأنة أسواق الطاقة والمال" في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التي ترتسم.

وقال الكرملين الاثنين إن الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين ناقشا الوضع الراهن للسوق العالمية للنفط واتفقا على اجراء "مشاورات روسية اميركية حول الموضوع بين وزيري الطاقة".

وذلك لأن أول "ضحايا الخلاف" بين موسكو والرياض هم على الأرجح المنتجون الأميركيون، وفق المحلل لدى 'أواندا' كريغ إيرلام، موضحا أن "منتجي النفط الصخري يتعرضون لضغوط كبيرة" عند المستوى الحالي للأسعار.

ويختلف سعر التكلفة بين شركة وأخرى، لكن وفقا للمحللين لدى 'جي بي مورغان تشيز' يكلف إنتاج البرميل نحو 45 دولارا في حوض ميدلاند في تكساس ونحو 55 دولارا في حوض ديلاوير وهذا أعلى بكثير من الأسعار الحالية.

وقال إيرلام "حتى وإن واصلت الولايات المتحدة ضخ كميات قياسية تقريبا من النفط، فإن أحدث البيانات من منصات النفط تشير إلى أنها قد لا تستمر لفترة أطول بكثير".