البابا يدعو السياسيين للتجرد من الأنانية لمواجهة كورونا
الفاتيكان - دعا البابا فرنسيس الأحد إلى وقف إطلاق نار "فوري وشامل" في النزاعات الجارية في العالم لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد خلال قداس عيد الفصح وهو أهم المناسبات المسيحية، بكاتدرائية القديس بطرس، وحيدا دون حضور جمهور، في ظل القيود المفروضة للحد من انتشار الوباء.
وتضرع البابا في رسالته بمناسبة عيد الفصح من أجل أن "يتحلى الذين يتحملون مسؤولية في النزاعات، بالشجاعة لتأييد الدعوة إلى وقف إطلاق نار فوري وشامل في جميع أنحاء العالم".
وقال البابا في رسالته التي تلاها في كاتدرائية القديس بطرس الخالية من المصلين في ظل الحجر المنزلي "تغيرت حياة الملايين فجأة خلال هذه الأسابيع". وأضاف أن الوقت قد حان ليتجرد السياسيون والحكومات من "الأنانية" ويتخذوا تحركات حاسمة ومنسقة لمساعدة الشعوب على اجتياز الأزمة واستئناف الحياة العادية في نهاية المطاف.
وتمنى الباب فرنسيس "تخفيف العقوبات الدولية التي تمنع البلدان الخاضعة لها من توفير الدعم المناسب لمواطنيها"، ودعا إلى التضامن الدولي "من خلال خفض إن لم يكن إلغاء الديون التي تلقي بثقلها على ميزانيات الدول الأكثر فقرا".
ودعا إلى التضامن في وجه تفشي الفيروس التاجي الذي حصد إلى حد الآن حياة 109 آلاف و133 شخصاً على الأقل في العالم، متوجها بأفكاره إلى "كل الذين تضرروا مباشرة جراء كورونا".
وقال إن "عدوى الأمل" ينبغي أن تكون الدرس المستفاد من "قيامة العزلة" هذا العام وأثنى على الأطباء والممرضين وغيرهم ممن يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين وامتدح من يمارسون أعمالهم لضمان استمرار الخدمات الضرورية.
وأضاف في كلمته "لا وقت الآن للامبالاة لأن العالم بأسره يعاني ويحتاج إلى الوحدة في مواجهة الوباء". وأردف قائلا "اللامبالاة والأنانية والشقاق والغفلة كلمات لا نود سماعها في هذا الوقت. نريد محو هذه الكلمات إلى الأبد".
أبدى البابا قلقا خاصا على مستقبل أوروبا قائلا إن من المهم ألا تكتسب الخصومة التي كانت موجودة قبل الحرب العالمية الثانية زخما من جديد نتيجة للوباء.

وتتباين مواقف دول الاتحاد الأوروبي إزاء سبل مساعدة اقتصاد القارة على التعافي إذ تسعى إيطاليا وأعضاء آخرون في منطقة اليورو إلى إصدار سندات باليورو يدعمها الجميع لكن ألمانيا وهولندا ودولا أخرى تعارض هذا.
وقال فرنسيس "يواجه الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي تحديا تاريخيا لن يعتمد عليه مستقبله هو فحسب بل مستقبل العالم بأسره".
وفي العادة يعطي البابا عند الظهر بركته "للمدينة والعالم" من القصر الرسولي، خاصا بالذكر في كل مرة مناطق النزاعات في العالم. لكن التزم هذه السنة بالحجر المفروض في إيطاليا والفاتيكان، وبقي في كاتدرائية القديس بطرس برفقة عدد ضئيل من الأشخاص، فيما يتابع المسيحيون الطقوس عبر شبكة "موندوفيجن" أو على الإنترنت.
وعبر فرنسيس عن تعاطفه مع من لم يتسن لهم توديع الأحبة بسبب القيود ولم يتسن لهم ممارسة شعائرهم كما ينبغي وكل من يتوجسون خيفة من مستقبل غامض.
وفي عظة ألقاها مساء السبت في الكاتدرائية عشية عيد الفصح قال البابا إن "الظلمة والموت لن ينتصرا" مؤكدا أن عيد الفصح هو "إعلان رجاء".
وأضاف "كلّ شيء سيكون على ما يرام، نقولها بإصرارٍ في هذه الأسابيع، متمسّكين بجمال إنسانيّتنا (...) لكن مع مرور الأيّام وتزايد المخاوف، فإنّ أكبر الآمال قد يتبخَّر".
لكنه شدد على أنّه "يمكننا ويتوجّب علينا أن يكون لدينا أمل" على الرغم من "الأيّام الحزينة".
وكان البابا الأرجنتيني ضمّ صوته مؤخّرًا إلى نداء الأمم المتحدة من أجل وقف فوري لإطلاق النار في مختلف مناطق النزاعات، بهدف حماية المدنيّين من فيروس كورونا المستجدّ.
وقال في عظته السبت في كاتدرائية القديس بطرس التي لم يحضرها سوى حوالى عشرة مصلين "دعونا نسكت صرخة الموت، كفى حروبا! فليتوقف إنتاج الأسلحة وتجارتها، لأننا بحاجة إلى خبز وليس إلى بنادق".

وتحاط احتفالات عيد الفصح منذ سنوات بتدابير أمنية لمنع وقوع اعتداءات، وهي تتزامن عادة مع تدفق كثيف للسياح إلى روما. لكن هذه السنة، تبقى شوارع المدينة مقفرة تماما فيما كلفت قوات الأمن تعزيز انتشارها ودورياتها لردع سكان العاصمة الإيطالية عن الخروج من منازلهم.
وفي القدس، لأول مرة منذ أكثر من قرن، تبقى كنيسة القيامة التي تعتبر من أقدس المواقع لدى المسيحيين، مغلقة أمام الجمهور طوال عيد الفصح في إسرائيل، وسيقام فيها قداس لهذه المناسبة بدون أن يحضره مصلون.
وتلتزم الكنيسة الكاثوليكية بالتعليمات التي تحظر التجمعات الدينية، ويتبارى الكهنة للخروج بحلول مبتكرة تسمح بمواصلة الطقوس ولو معدلة.
وعرض كهنة كاثوليك في أكابولكو المنتجع الساحلي الشهير في جنوب المكسيك الخميس على المؤمنين الاعتراف بدون الخروج من سياراتهم لتفادي انتقال العدوى.
من جهتها طلبت رعية في شمال مانيلا من المؤمنين إرسال صور لهم ولأفراد عائلاتهم عبر البريد الإلكتروني، وتم تعليق ألف منها على مقاعد الكنيسة.
وأوضح الأب مارك كريستوفر دو ليون في مدينة أنجيليس "هذه الصور تمثل الناس الذين يتابعون القداس مباشرة عبر الإنترنت والذين نشعر بحضورهم".
لكن في بعض الولايات الأميركية، دعت بعض الكنائس البروتستانتية أتباعها إلى التجمع لتقديم صلوات مع اقتراب عيد الفصح، متحدية النصائح الداعية إلى لزوم الحيطة والحذر.
وفي بلغاريا، ستفتح الكنائس الأرثوذكسية أبوابها في عيد الفصح الذي يصادف بعد أسبوع على عيد الفصح لدى الكاثوليك والبروتستانت، إذ ترفض الحكومة كما الكنيسة فرض حجر منزلي صارم على السكان.