فتوى اخوانية للضغط على الحكومات من بوابات المساجد

القرة داغي يفتي بـ'وجوب' إعادة فتح المساجد ولو تعارضت الفتوى مع أراء جمهور رجال الدين والمحاذير الصحية والكلف الاقتصادية الاضافية.
الشحن العاطفي الديني الأداة المفضلة لدى الاخوان
الاخوان يقدمون توجيهات طبية للمصلين دون سند علمي
مطلوب رجال أمن واجهزة لقياس الحرارة عند كل مسجد!

في خضم عاصفة كورونا التي تلف العالم بأسره وسيطرة الحكومات على المشهد، وجد الاسلاميون وخصوصا جماعة الاخوان انفسهم في موقف ضعف بسبب غيابهم التام عن مسار الاحداث وفقدان القدرة على التأثير.
لكن قرارات اغلاق المساجد ووقف العبادات الجماعية، ظلت تمثل المنفذ الوحيد لجماعة الاخوان في الوصول الى المتعاطفين معها عبر أذرعها المختلفة في العالم العربي.
وفي بداية الأزمة، هيمن على وسائل الاعلام الاخوانية والمؤيدة للاخوان خطاب مشحون بالعاطفة حول اغلاق المساجد. ولم يكن في مقدور الجماعة آنذاك الا الصمت وتوجيه الانتقادات للاجراءات الحكومية.
ومع تخفيف القيود على الحركة واستئناف الانشطة الاقتصادية في العديد من البلدان، اختارت الجماعة التركيز من جديد على المساجد، وأخذت على نفسها فتوى شرعية بـ"وجوب" فتح المساجد للمصلين.
وضجت صفحات الاخوان على مواقع التواصل بخطاب رافض لاغلاق المساجد واجراء مقارنات بين تخفيف القيود على الانشطة الاقتصادية والاجتماعية وإبقائها بالنسبة للمساجد.
كل هذا كان في مواجهة الفتاوى الصادرة عن المراجع الدينية الكبرى للاسلام السني وابرزها هيئة كبار العلماء في السعودية والجامع الأزهر الى جانب العشرات من الفتاوى الرسمية على امتداد العالم الاسلامي.
هذا الاسبوع، قال الامين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القرة داغي "في ظل انفراج الوباء في بعض الدول والحمد لله نفتي بضرورة فتح المساجد والجوامع في كل البلاد والمدن والقرى التي تسمح فيها السلطات الصحية بالتجمع العام وفقا للقواعد الصحية".
وجاءت هذه الفتوى من الاتحاد الذي يمثل واجهة الاخوان المسلمين، مغلفة بتفاصيل دقيقة حول التباعد البدني بين المصلين بدعوى الحرص على سلامتهم لكنها في نفس الوقت تفرض اعباء اضافية على الحكومات التي لم تلتقط انفاسها بعد من تواتر الخسائر المرافقة لهذه الجائحة.
القرة داغي يريد رجال أمن لتنظيم الدخول والخروج واجهزة لقياس الحرارة عند كل مسجد، الى جانب تعقيم المسجد والمصلين والعاملين.
ووضع القرة داغي "ضوابط" اخرى لم يُعرف اصلها العلمي او الطبي، مثل "دخول 30% من الطاقة الاستيعابية للمسجد والالتزام بمسافة الفصل في حدود متر ونصف بين المصلين".
كما وضع القرة داغي قواعد للصلاة نفسها: اختصار القراءة والاكتفاء بأداء الصلوات دون الجلوس بعدها للوعظ.
اذن، المهم اعادة فتح المساجد أو بالأحرى مجرد الضغط باتجاه فتحها رغم الاختلاف مع جمهور رجال الدين والتعارض مع تدابير الصحة والسلامة وفرض كلف مالية إضافية.
لكن لماذا المطالبة باعادة فتح المساجد رغم كل ذلك؟
جماعة الاخوان غالبا ما تسعى الى الاشتباك مع الخطاب الديني الرسمي في سياق الاعتبارات السياسية وتوجيهات التنظيم الدولي للجماعة وأيضا حيثما كان ذلك مفيدا لها في ترميم شعبيتها المتضائلة.
كما يستهدفون بناء قاعدة رافضة لاغلاق المساجد ويضعون انفسهم في مقدمتها.
ولا يغادر الاخوان دائرة التعبئة العاطفية حتى في زمن الوباء الذي يستمع فيه الناس الى الخطاب العلمي الطبي ويريدون النجاة بحياتهم.