
حرب دبلوماسية تدفع واشنطن وبكين لمواجهة أسوأ
بكين - دخلت العلاقات المتوترة بين الصين والولايات منعطفا خطيرا ينذر بالمزيد من التصعيد بعد أن دشنت أكبر قوتين في العالم حربا دبلوماسية بتبادل إغلاق القنصليات في خطوة جاءت على وقع تراكمات أزمة ما إن تهدأ حتى تتفجر مجددا.
وندد وزير الخارجية الصيني وانغ يي الثلاثاء بتسبب الولايات المتحدة "بمواجهة بشكل متهور" بعدما أمر الطرفان بإغلاق قنصليتي بلديهما، لكنه دعا إلى "تواصل عقلاني" بين القوتين.
وحذّر في اتصال أجراه بنظيره الفرنسي جان ايف لودريان من أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين "قد تسقط في هاوية المواجهة" داعيا المجتمع الدولي إلى مقاومة "أي خطوة أحادية أو محاولة للهيمنة"، بحسب مضمون المكالمة الذي نشرته وزارة الخارجية.
وتدهورت العلاقات بين بكين وواشنطن في الأسابيع الأخيرة إذ أُمرت القنصلية الأميركية في شينغدو بإغلاق أبوابها الاثنين ردا على إغلاق البعثة الصينية في هيوستن بولاية تكساس.
واعتبر وانغ أن "استفزاز الولايات المتحدة المتهور الذي من شأنه التسبب بمواجهة وانقسام يعد انفصالا تاما عن الواقع الذي يشير إلى أن مصالح الصين والولايات المتحدة متكاملة إلى حد بعيد".
وأضاف أن على الطرفين "التواصل في شكل عقلاني... وعدم السماح إطلاقا لبعض العناصر المناهضين للصين بإلغاء عقود من التواصل والتعاون الناجح".
وأنزل العلم الأميركي في مقر قنصلية الولايات المتحدة في شينغدو الاثنين مع دخول موظفين رسميين صينيين المبنى بعدما أغلقت بكين البعثة في خطوة انتقامية تذكر بالحرب الباردة.
وتدهورت العلاقات بين واشنطن وبكين في الأسابيع الأخيرة في ظل خلاف متصاعد بين البلدين، إذ أمرت السلطات الصينية بإغلاق قنصلية شينغدو ردا على أمر مماثل صدر في الولايات المتحدة تجاه القنصلية الصينية في هيوستن في ولاية تكساس.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية الصينية أن "السلطات الصينية دخلت لاحقا من المدخل الأمامي وسيطرت عليها (القنصلية)". وأغلقت القنصليتان بعد 72 ساعة من صدور الأوامر.
وأفاد متحدث باسم الخارجية الأميركية بأن الدبلوماسيين العاملين في القنصلية وأفراد عائلاتهم سيغادرون الصين بحلول 27 أغسطس/اب.

وأظهر تسجيل مصوّر نشرته السفارة الأميركية في الصين الاثنين على موقع "ويبو" للتواصل الاجتماعي عناصر من قوات المارينز الأميركية ببزات رسمية وهم ينزلون العلم الأميركي من أمام القنصلية ويقومون بطيّه، قبل تسليمه للقنصل العام جيم موليناكس.
وارتفع منسوب التوتر الدبلوماسي بين القوتين اللتين اتهمت كل منهما الأخرى بتعريض أمنها القومي للخطر.
وأظهرت تسجيلات مصورة بثتها وسائل الإعلام الصينية الرسمية مسؤولين أثناء وصولهم إلى القنصلية على متن حافلة صغيرة وتوجههم إلى المبنى.
وأعقبهم عدد من العمال الذين ارتدوا بزات واقية من فيروس كورونا المستجد ونظارات وهم يحملون معدات تعقيم.
وشوهد شخصان يرتديان قفازات بيضاء اللون وهما يغطيان لافتة تدل على القنصلية الأميركية على جدار خارج المبنى بغطاء رمادي كبير.
وتجمّع حشد الاثنين خارج البعثة المغلقة حاليا بينما اصطحبت الشرطة رجلا لوح بلافتة وعلمين صينيين وهو يهتف "ليحيا الحزب الشيوعي الصيني".
وفي عطلة نهاية الأسبوع، شوهدت شاحنات لنقل الأمتعة تدخل إلى المقر بينما جرّ عمال نظافة أكياس قمامة سوداء كبيرة من القنصلية. والسبت، شوهد عمال يزيلون شعار الولايات المتحدة من واجهة المبنى.
وقالت السفارة الأميركية في بكين عبر "ويبو" "اليوم نودع القنصلية الأميركية في شينغدو. سنشتاق إليكم إلى الأبد".
مسؤولون في واشنطن يشيرون إلى جهود غير مقبولة تقوم بها القنصلية الصينية في هيوستن لسرقة أسرار شركات أميركية وأبحاث طبية وعلمية
وفي بيان منفصل، أفاد القنصل العام بأن بعثته كانت تقدم خدمات لأكثر من 200 مليون شخص في جنوب غرب الصين ومنطقة التيبت وأنها منحت "آلاف" التأشيرات يوميا للطلبة والسياح الصينيين.
وكانت قنصلية شينغدو تعنى بشؤون منطقة جنوب غرب الصين والتي تضم التيبت. ويتّهم الكثير من أهالي التيبت الحكومة المركزية باضطهادهم دينيا ومحاولة طمس ثقافتهم.
وأصرت بكين على أن إغلاق القنصلية كان "ردا مشروعا وضروريا على الإجراءات غير المنطقية التي اتّخذتها الولايات المتحدة"، بينما اتهمت موظفين في البعثة بتعريض الأمن والمصالح الصينية للخطر.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين للصحافيين إن بعض الموظفين الأميركيين في قنصلية شينغدو "انخرطوا في أنشطة خارج صلاحياتهم وتدخلوا في شؤون الصين الداخلية وعرّضوا أمن ومصالح الصين للخطر".
وأشار مسؤولون في واشنطن إلى جهود غير مقبولة تقوم بها القنصلية الصينية في هيوستن لسرقة أسرار شركات أميركية وأبحاث طبية وعلمية.
وارتفع منسوب التوتر بين القوتين الاقتصاديتين بشأن عدة ملفات بينها التجارة وطريقة تعامل بكين مع تفشي فيروس كورونا المستجد وقانون هونغ كونغ الجديد للأمن القومي بينما حذّر مسؤولون أميركيون من "طغيان" الصين.
وغادر آخر الدبلوماسيين الصينيين قنصلية هيوستن الجمعة الماضي. وأعلنت بكين السبت أن عناصر أميركيين دخلوا "بالقوة" قنصلية هيوستن التي وصفتها بأنها ضمن "أملاك صينية وطنية".
وحذّرت في بيانها من أن "الصين سترد بالشكل المناسب والضروري" على ذلك.
وحذّرت صحيفة "غلوبال تايمز" في افتتاحية الاثنين من أن "القرن الـ21 سيكون أكثر ظلمة واضطرابا من حقبة الحرب الباردة... إذا كانت واشنطن عازمة على دفع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في الاتجاه الأسوأ"، متوقعة أن يتسبب التوتر بـ"كارثة غير مسبوقة".