
الإسلاميون يستغلون المشاعر الدينية لإحراج حكومة حمدوك
الخرطوم - يسعى التيار الاسلامي في السودان الى العودة الى المشهد السياسي في البلاد من بوابة استغلال العواطف الدينية واتهام حكومة عبدالله حمدوك بمعاداة المبادئ الدينية.
وتجددت التظاهرات بالعاصمة السودانية الخرطوم، الجمعة، للأسبوع السادس على التوالي، تنديدا بتعديلات قانونية أجرتها الحكومة مؤخرا، وصفها الاسلاميون والمتعاطفون مع التيارات الدينية أنها "تمس الثوابت الإسلامية".
وردد المتظاهرون وهم من المنتمين الى التيارات الدينية والاخوانية شعارات من قبيل: "لا إله إلا الله .. ولا تبديل لشرع الله"، و"لا إله إلا الله .. ولن يحكمنا إلا الله".كما رفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها، "الإسلام دستور الأمة"، و"لا تشريع بلا تفويض".
ويسعى التيار الديني في السودان الى تعويض خسارته دواليب السلطة في عهد عمر البشير وذلك بدغدغة العواطف الدينية في وقت طالبت فيه اطراف سياسية عديدة بتخليص اجهزة الدولة من المتشددين.
وفي 9 يوليو/تموز الماضي، أقرت الحكومة السودانية، تعديلات دستورية تقضي بـ"تجريم ختان الإناث، وإلغاء عقوبة الردة، والسماح لغير المسلمين بتناول الخمور، والسماح للنساء باصطحاب أطفالهن إلى خارج البلاد دون مشاورة الزوج".
وتعد المظاهرات الاحتجاجية، هي السادسة، ضد التعديلات الدستورية التي أثارت جدلا واسعا، لاسيما بين القوى والتيارات السياسية الإسلامية في البلاد، التي وصفتها بأنها "مخالفة للشريعة وتمس التقاليد الإسلامية".
وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح، في تصريحات سابقة، إن "التعديلات القانونية تهدف إلى إزالة المواد المتعلقة بالقيود على الحريات". وهو ما ايدته تيارات يسارية.
التعديلات القانونية تهدف إلى إزالة المواد المتعلقة بالقيود على الحريات
والحكومة الحالية برئاسة عبد الله حمدوك، تعد الأولى في السودان منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، عمر البشير (1989 ـ 2019)، من الرئاسة تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.
والخميس أعلنت الجبهة الثورية السودانية، استئناف نشاطها في تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" (الائتلاف الحاكم) بعد أكثر من عام على تجميد عضويتها فيه.
جاء ذلك في بيان مشترك لقوى الحرية والتغيير، والجبهة الثورية (تضم حركات مسلحة)، اطلعت عليه الأناضول.
وفي يونيو/ حزيران 2019، أعلنت الجبهة الثورية تجميد عضويتها بقوى الحرية والتغيير، احتجاجا على تجاهلها في مفاوضات بين الأخيرة والمجلس العسكري المنحل.
وأفاد البيان، أن "الرؤى توافقت على أن الطريق الصحيح لحل الأزمة الراهنة يبدأ أولا بإجراء إصلاحات بنيوية في تحالف قوى الحرية والتغيير، لتحقيق الأهداف ومنها تكوين أكبر قاعدة شعبية، ووضع خارطة طريق للفترة الانتقالية".
وأوضح أن "ذلك عبر إعادة هيكلة تحالف قوى الحرية والتغيير، ليستوعب أكبر قطاعات من قوى الثورة الموقعة على الإعلان سابقا، والتي ترغب في الانضمام له حاليا".
وأردف أنه "بهذا الاتفاق تؤكد الجبهة الثورية على استئناف نشاطها ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير، وعملها المشترك مع رفاقها في بقية مكونات التحالف، على قيادة مسيرة إصلاح وتطوير الحرية والتغيير".
ويضم إعلان الحرية والتغيير، كلا من "نداء السودان" (المكون من الجبهة الثورية، وأحزاب مدنية)، و"تجمع المهنيين"، وتحالفات "الإجماع الوطني"، و"التجمع الاتحادي"، إضافة إلى قوى المجتمع المدني.
وتأسس هذا التحالف في يناير/ كانون الثاني 2019، وقاد احتجاجات شعبية أجبرت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان من العام نفسه، على عزل البشير.
وبدأت بالسودان في 21 أغسطس/ آب 2019، مرحلة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى إعلان الحرية والتغيير.
لكن الاوضاع الاقتصادية المتردية في السودان دفعت حكومة حمدوك الى القيام بحملة دولية واسعة لرفع اسم البلد من القائمة الاميركية لمكافحة الارهاب وبالتالي عودة الاستثمارات الى السودان.
واتفقت الحكومة الانتقالية بالسودان، مع الإدارة الأميركية، على رفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب، مقابل دفع تعويضات لأسر ضحايا تفجير سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام عام 1998.
وقال وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح، الخميس، في تصريحات لشبكة "سي إن إن"، إن "حكومة بلاده، اتفقت مع الإدارة الأمريكية، على رفع اسم السودان، من قائمة الدول الراعية للإرهاب".

وأضاف صالح، أن ذلك سيأتي "بالتزامن مع دفع تعويضات، لأسر ضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة، في نيروبي ودار السلام عام 1998، على أن يتم دفع مبلغ 330 مليون دولار"، مشيرا إلى أن "الاتفاق متوقف على الدفع".
وفي وقت سابق الخميس، أعلنت الخارجية السودانية، في بيان، قرب التوصل إلى "تسوية مرضية" مع أسر ضحايا تفجير سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا.
وأضاف صالح، أنه "تم الاتفاق مع الإدارة الأميركية، على ضرورة صدور تشريع من الكونغرس، يمنع فتح مثل هذه القضايا ضد السودان مستقبلا في المحاكم الأميركية".
وتابع أن "وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، والذي كان يزور الخرطوم، قبل أيام (الثلاثاء)، أكد للسلطات هناك، أن إزالة السودان من قائمة الإرهاب ستتم مباشرة عقب دفع مبلغ التسوية".
وشهدت سفارتا واشنطن في كل من دار السلام ونيروبي، في أغسطس/ آب 1998، تفجيرات أسفرت عن وقوع مئات القتلى، بالتزامن مع الذكرى السنوية الثامنة لقدوم القوات الأميركية إلى السعودية.
وفي مايو/ أيار الماضي، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية، قرارا يقضى بضرورة دفع الخرطوم، المتهمة بالتواطؤ في تنفيذ تلك التفجيرات، تعويضات مالية لأسر القتلى البالغ عددهم 224.
وفي 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عقوبات اقتصادية كانت مفروضة على السودان منذ 1997، لكنه لم يرفع اسمه من "قائمة الإرهاب" المدرج عليها منذ 1993، لاستضافته زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في 1991.