واشنطن تعيد رسميا فرض كل العقوبات الأممية على ايران

الولايات المتحدة تتعهد بمعاقبة اي دولة لا تلتزم بالعقوبات في حين وقفت باقي القوى الكبرى ضد الخطوة الاميركية الأحادية.
موسكو: العالم ليس لعبة كمبيوتر أميركية
حظر اميركي إلى ما لا نهاية على الاسلحة
غوتيريش لا يستطيع اتخاذ اي اجراء بسبب "شكوك" في الإعلان الأميركي
أميريكا تفرض عقوبات على أكثر من 24 كيانا وشخصا مرتبطين بالتسلح في إيران

واشنطن - أعلنت الولايات المتحدة من جانب واحد أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران دخلت مجددا حيّز التنفيذ وحذّرت من "عواقب" عدم الالتزام بها..
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان السبت "اليوم، ترحّب الولايات المتحدة بعودة جميع عقوبات الأمم المتحدة تقريبا التي ألغيت في السابق على جمهورية إيران الإسلامية. وأوضح أن العقوبات دخلت رسميا حيّز التنفيذ.
وتعهّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"عواقب" تطال أي دولة عضو في الأمم المتحدة لا تلتزم بالعقوبات، على الرغم من أن واشنطن تبدو وحيدة في اعتبارها أن العقوبات مفروضة.
ومن شأن أي جهة ترى واشنطن أنها غير ملتزمة بالعقوبات أن تحرم من الوصول إلى النظام المالي الأميركي وأسواق الولايات المتحدة.
وأفاد بومبيو "اذا أخفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في القيام بواجباتها بتطبيق هذه العقوبات، فإن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطاتنا الداخلية لفرض عواقب على الجهات التي تقف وراء هذه الإخفاقات وضمان ألا تجني ايران مكاسب من هذا النشاط المحظور من قبل الأمم المتحدة".
وتعهّد بأن يتم الإعلان خلال أيام عن الإجراءات التي ستتخذ بحق "منتهكي" العقوبات.

وقال مسؤول أمبركي كبير إن الولايات المتحدة ستفرض الاثنين عقوبات على أكثر من 24 شخصا وكيانا شاركوا في البرامج النووية والصاروخية والأسلحة التقليدية الإيرانية، مما يعزز عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
من جهتها دانت روسيا الاعلان الاميركي. وأفادت وزارة الخارجية الروسية في بيان "بحكم طبيعتها، لا يمكن لمبادرات وتحرّكات الولايات المتحدة غير الشرعية أن تحمل عواقب قانونية دولية بالنسبة للبلدان الأخرى".
واتّهمت روسيا واشنطن بالقيام بـ"أداء مسرحي" وأصرّت على أن تصريحات الولايات المتحدة "لا تتطابق مع الواقع".
واتهمت واشنطن بـ"محاولة إجبار الجميع على وضع نظارات الواقع الافتراضي" والموافقة على روايتها للأحداث، مضيفة "العالم ليس لعبة كمبيوتر أميركية".
ورأت موسكو أن إصرار واشنطن على موقفها وجّه "ضربة خطيرة لسلطة مجلس الأمن الدولي" وكشف عن "ازدرائها الصريح لقراراته وللقانون الدولي برمّته".
من جانبه، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن الدولي السبت أنه لا يستطيع اتخاذ أي إجراء إزاء الإعلان الأميركي نظرا لوجود "شك" في المسألة.
وقال غوتيريش في رسالة للمجلس اطلعت عليها رويترز "يوجد شك على ما يبدو بشأن ما إذا كانت العملية قد بدأت بالفعل، وشك في ذات الوقت بشأن ما إذا كان إنهاء (العقوبات) لا يزال ساري المفعول".
وأضاف "لا يمكن للأمين العام أن يمضي قدما وكأن مثل هذا الشك غير موجود".
ويقدم مسؤولون بالأمم المتحدة دعما إداريا وفنيا لمجلس الأمن لتنفيذ عقوباته ويعين جوتيريش خبراء مستقلين لمراقبة التنفيذ. وقال الأمين العام إنه لن يتخذ أي إجراء لتقديم هذا الدعم إلى أن يتضح موقف العقوبات الإيرانية.
ويتوقع أن يتطرق ترامب لتفاصيل هذه الإجراءات خلال خطابه المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، والذي يأتي قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر التي يسعى للفوز بولاية ثانية فيها.
لكن تبدو واشنطن وحيدة تقريبا في موقفها حيال هذه المسألة إذ إن جميع القوى الكبرى الأخرى -الصين وروسيا والدول الأوروبية- وقفت في وجه الخطوة.
وجاء في رسالة فرنسية بريطانية ألمانية مشتركة أرسلت الجمعة إلى مجلس الأمن أن "أي قرار أو إجراء بنية إعادة" العقوبات "لن يكون له أي أثر قانوني".
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الأميركيين "أنفسهم يدركون أن هذا (إعادة تفعيل العقوبات) ادعاء باطل".
ويعود هذا الخلاف بين الولايات المتحدة وباقي الدول الكبرى إلى شهر على الأقل. ففي منتصف آب/اغسطس، تعرّضت إدارة ترامب لهزيمة موجعة في مجلس الأمن الدولي عندما حاولت تمديد الحظر على إرسال الأسلحة التقليدية إلى طهران، والذي كان من المفترض أن تنقضي مهلته في تشرين الأول/أكتوبر.

وتعليقا على إعادة واشنطن فرض كل العقوبات الأممية على طهران، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني اليوم الأحد في خطاب بثه التلفزيون إن الولايات المتحدة تواجه الهزيمة في تحركها.

وأضاف "أميركا تقترب من هزيمة مؤكدة في تحركها لإعادة فرض العقوبات... أميركا واجهت هزيمة وقوبلت برد فعل سلبي من المجتمع الدولي وحلفائها التقليديين... الشعب الإيراني لن يرضخ أبدا للضغط الأميركي. إيران سترد ردا ساحقا على البلطجة الأميركية".

ورفضت إيران الخطوة الأميركية التي وصفتها بأنها "باطلة وغير قانونية". ووصفت وزارة الخارجية الإيرانية جهود واشنطن بأنها "غير مجدية"، مضيفة أن "النهج الأميركي ينطوي على تهديد كبير للسلم والأمن الدوليين وتهديد غير مسبوق للأمم المتحدة ومجلس الأمن".

وقالت في بيان "تؤكد إيران أنه إذا قامت الولايات المتحدة بشكل مباشر أو بالتعاون مع عدد من حلفائها، بأي تحرك يتماشى مع هذه التهديدات، فإنها ستواجه رد فعل جاد وأنها يجب أن تتحمل جميع عواقبه الخطيرة".

وندد بومبيو بشدّة بفرنسا وبريطانيا وألمانيا متهما إياها بـ"الانحياز إلى آيات الله" الإيرانيين. وفعّل في 20 آب/أغسطس آلية "سناب باك" المثيرة للجدل التي تهدف لإعادة فرض كافة العقوبات على إيران بعد شهر.
ورُفعت هذه العقوبات عام 2015، عندما تعهّدت طهران بموجب الاتفاق الدولي بشأن برنامجها النووي، بعدم السعي لحيازة السلاح النووي.
إلا أن ترامب يعتبر هذا الاتفاق الذي تفاوض بشأنه سلفه الرئيس باراك أوباما غير كاف وسحب الولايات المتحدة منه عام 2018 وأعاد فرض وحتى تشديد العقوبات الأميركية على إيران.
وحاليا، تصر الولايات المتحدة على أنها لا تزال شريكة في الاتفاق الذي انسحبت منه، وذلك بهدف إعادة تفعيل آلية "سناب باك".
وتعترض كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن تقريباً على إمكانية استفادة واشنطن من هذا الوضع، وبالتالي لم يستجب مجلس الأمن للمسعى الأميركي.
لكن إدارة ترامب تتصرف وكأنه أُعيد فرض العقوبات الدولية على طهران، فيما يواصل المجتمع الدولي التصرّف وكأن شيئا لم يكن.
وتشدد واشنطن على أنه تم تمديد الحظر على الأسلحة "إلى ما لا نهاية" وأن العديد من الأنشطة المرتبطة ببرامج إيران النووية والصاروخية باتت الآن هدفا لعقوبات دولية.
لكن قد يتواصل ارتفاع منسوب التوتر في حال نفّذت الولايات المتحدة بالفعل تهديدها بفرض عقوبات ثانوية على الجهات التي لا تلتزم بالتدابير الجديدة بحق إيران.