ألمانيا تخشى وضعا "متفجرا جدا" في الولايات المتحدة
برلين/واشنطن - يخيم القلق على الولايات المتحدة وكذلك على شركائها وحلفائها الأوروبيون في ظل حالة من التوتر تسود الولايات المتحدة على خلفية إعلانات متضاربة لنتائج الانتخابات الرئاسية من المعسكرين الجمهوري والديمقراطي.
وأعربت ألمانيا اليوم الأربعاء عن قلقها "من وضع متفجر جدا" في الولايات المتحدة حيث أعلن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء فرز الأصوات، وفق وزيرة الدفاع الألمانية الأربعاء.
وقالت وزيرة الدفاع آنيغريت كرامب-كارنباور لشبكة "تسي دي اف" إن نتيجة هذه الانتخابات "لم تحسم بعد، لا يزال يجري فرز الأصوات".
وأضافت أن "الوضع متفجر جدا في الولايات المتحدة"، محذرة من "أزمة دستورية" في ذلك البلد. وتابعت "هذا أمر يثير قلقنا جميعا".
وقال وزير المال أولاف شولتز من جهته أنه "علينا جميعا أن نشدد على إجراء انتخابات ديمقراطية بشكل كامل. وهذا يعني أنها تنتهي عندما يتمّ تعداد كلّ الأصوات"، مؤكدا على أهمية الحصول على نتيجة نهائية من "انتخابات ديمقراطية عبر آليات ديمقراطية".
وقال على هامش اجتماع وزاري عبر خدمة الفيديو إن "كل مواطن يجب أن تكون لديه إمكانية التأثير على النتيجة عبر صوته الخاص".
وأشارت وزيرة الدفاع إلى أن العلاقات بين برلين وواشنطن "مرت باختبار صعب في السنوات الأربع الماضية" في ظل رئاسة ترامب، مضيفة "هذه الصداقة أكبر من مجرد مسألة الإدارة الحالية في البيت الأبيض".
وقالت "في المستقبل يجب أن نبذل المزيد من الجهود من أجل مصالحنا الخاصة، في ألمانيا وخصوصا مع الأوروبيين الآخرين".
في السياق نفسه، رأى شولتز وهو مرشح اشتراكي ديمقراطي لمنصب المستشارية في انتخابات العام 2021، أنه "من الواضح كاتحاد أوروبي، لاسيما نظرا للتطوّرات في الولايات المتحدة، أنه لدينا كل الأسباب للتشديد على الساحة الدولية كي تطوّر أوروبا قوّتها الخاصة"، مضيفا "من المهمّ خصوصا في الوقت الحالي أن نجعل أوروبا قوية".
وأكد أن "الولايات المتحدة ستبقى شريكا مهما بالنسبة إلينا، مهما كانت النتيجة النهائية للانتخابات".
وشكك ترامب مجددا في مسار عملية فرز الأصوات قائلا، إن الكفة تميل إلى منافسه جو بايدن بشكل "يثير الريبة". وكتب في تغريدة "إنهم يعثرون على أصوات لصالح بايدن في كل مكان، في بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغين. هذا أمر سيء جدا لبلدنا"، مضيفا "إنهم يعملون بكد لتعويض فارق نصف مليون صوت في بنسلفانيا... نفس الشيء يحدث في ميشيغن وأماكن أخرى".
وأغرق ترامب الأربعاء الولايات المتحدة في المجهول عند إعلان فوزه في الانتخابات فيما لا يزال فرز الأصوات مستمرا وحيث يبدو منافسه الديمقراطي جو بايدن في وضع جيد.
ويسعى الرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى إثارة الشكوك حيال عمليات فرز الأصوات الجارية حاليا في عدة ولايات رئيسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، متحدثا عن تزوير من دون تقديم أي دليل.
وكتب في تغريدة "مساء أمس كنت متقدما في كثير من الولايات الرئيسية" مضيفا "بعد ذلك، بدأت الواحدة تلو الأخرى تختفي بطريقة سحرية مع ظهور بطاقات انتخابية مفاجئة واحتسابها".
والبطاقات التي يتحدث عنها ترامب هي تلك التي وصلت عبر البريد ومن الممكن أن تستمرّ عملية فرزها أياما عدة في بعض الولايات.
وفي المقابل قالت جين أومالي ديلون مديرة حملة المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن اليوم الأربعاء إنه ماض على طريق الفوز بالانتخابات مع توقع الحملة فوزه في ولايات ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا الحاسمة.
وأضافت أن المرشح الديمقراطي سيحصل على أكثر من 270 من أصوات المجمع الانتخابي في وقت لاحق اليوم الأربعاء. وأبلغت الصحفيين بأنها تعتقد أن بايدن فاز بالفعل في ويسكونسن ومن المتوقع فوزه أيضا في نيفادا. وفي هذه التطورات يهيمن التوتر والغموض على الولايات المتحدة.
وأعلن مستشار في حملة بايدن أنّ الرئيس المنتهية ولايته (دونالد ترامب) قد يواجه "هزيمة محرجة" في حال لجأ إلى المحكمة العليا قبل انتهاء فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
وقال القاضي السابق بون بووير "قد يواجه واحدة من أكثر الهزائم المحرجة لرئيس أمام أعلى محكمة في البلاد" في حال طلب عدم احتساب بطاقات اقتراع فرزت بعد موعد الاقتراع.
وأعلن مركز 'إديسون' للأبحاث المختص في مراقبة الانتخابات الأميركية تقدم للمرشح الديمقراطي على منافسه الجمهوري، من حيث أصوات المجمع الانتخابي.
وأوضح أن بايدن اقتنص 227 من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 213 لترامب حسب التوقعات الخاصة بتوزيع 440 صوتا من أصل 538 حتى الساعة 17:10 من اليوم الأربعاء بتوقيت غرينيتش.
وقد أمضى مئات من أنصار جو بايدن ليلة الانتخابات الرئاسية في وسط واشنطن وهم واثقون من فوز المرشح الديمقراطي، لكنهم قلقون من أن يقوم دونالد ترامب بالطعن في النتائج.
ومنذ بعد ظهر الثلاثاء، تجمع مئات الأشخاص في وسط العاصمة في موقع "بلاك لايفز ماتر بلازا" (ساحة حياة السود مهمة) الذي أصبح رمزا للمعارضة لترامب في محيط البيت الأبيض وتحول إلى حصن منيع.

وفي هذا الشارع الشهير الذي غيرت اسمه البلدية الديمقراطية بعد وفاة الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد في مايو/ايار على يد شرطي أبيض، نافست الحفلات الموسيقية الشعارات السياسية لجزء من المساء.
ورفع علم كبير كتب عليه "ترامب يكذب طوال الوقت" أمام السياج الذي يمثل المحيط الأمني حول البيت الأبيض
لكن خلال المساء بدا أن عدة ولايات أساسية وخصوصا فلوريدا تميل لمصلحة الملياردير الجمهوري ما أدى إلى توتر.
وبدلا من الأجواء الاحتفالية، ساد توتر غذته انتقادات متبادلة بين أنصار قلائل لدونالد ترامب والعديد من الناشطين المناهضين للعنصرية، في رمز واضح للانقسام العميق في البلاد.
وقال تامي جيرجينتي (51 عامأ) وهو موظف مدني متقاعد "نحن هنا لدعم جو بايدن والمرشحة لمنصب نائب الرئيس معه كامالا هاريس، على أمل أن نحتفل بذلك"، مضيفا وهو يبتسم "لكنني أعتقد أن جو بايدن يمكنه الفوز الليلة أو غدا أو بعد غد".
وأدلى حوالي مئة مليون ناخب بأصواتهم قبل يوم الانتخابات وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة. في واشنطن معقل الديمقراطيين يخشى كثيرون ألا يعترف دونالد ترامب بهزيمته في حال فوز بايدن. وقد أعلن فوزه وقال إنه سيلجأ إلى المحكمة العليا.
وقالت كريستين كونزي (28 عاما) التي حملت لافتة كتبت عليها عبارات دعم لبايدن وهاريس "لم أبدأ بالاحتفال بعد" على الرغم من أن "الأجواء إيجابية ويسودها تفاؤل".
وأضافت هذه السيدة التي تقيم في فيرجينيا جنوب العاصمة وصوتت عبر البريد "جئت لأنني أفضل أن أكون هنا على أن أبقى في المنزل ينتابني القلق"، موضحة أنها "قلقة لأنه حتى إذا فاز جو بايدن، فإن دونالد ترامب لن يعترف بهزيمته لأنه شخص يستبد به الغرور".
أما الشابتان سوزان رايان ولورين ساندرز وهما كاتبتان من نيويورك فهما تريدان الانتظار قبل الاحتفال بفوز مرشحهما. وقالت ساندرز "لن نغادر الشارع حتى نعرف أن دونالد ترامب وافق على الذهاب بسلام".
وفي مكان غير بعيد في ساحة ماكفرسون، تابع عشرات الأشخاص ليلة الانتخابات أمام شاشة عملاقة تنقل ما تبثه شبكة "سي ان ان".
وقالت سابينا روجرز (42 عاما) وهي من سكان واشنطن إنها كانت قلقة لأنها شاهدت ظهور نتائج الولايات، مضيفة "أعتقد أن جو بايدن سيفوز بالتصويت الشعبي لكن لا شيء أكيد بسبب نظام الهيئة الناخبة" وكبار الناخبين في الولايات الرئيسية الضرورية للفوز.
وتخشى سابينا روجرز قبل كل شيء أن "يحاول الجمهوريون الاستفادة من النظام" لتأخير النتائج أو التأثير عليها.
ومصدر القلق الآخر الذي تم تناقله على وسائل التواصل الاجتماعي لبضعة أيام هو العنف الذي قد يندلع بعد إعلان النتائج.

وفي نهاية المساء بدأ مئات من الناشطين المناهضين للفاشية الذين ارتدوا ملابس سوداء ووضعوا كمامات أو أقنعة مسيرة في المدينة، مرددين "لا عدالة ولا سلام" أو هتافات معادية للشرطة.
وجاب الموكب شوارع العاصمة الخالية من دون وقوع حوادث تذكر رغم التوترات مع الصحافة وبين المتظاهرين.
وتمت حماية معظم المباني في وسط المدينة بوضع ألواح من الخشب على واجهاتها لتفادي الأضرار المحتملة وظلت قوة شرطة كبيرة متمركزة فيه طوال المساء.
وفي بورتلاند (ولاية أوريغون)، أحرق متظاهرون أعلاما أميركية وساروا في شوارع المدينة ينشدون أغاني احتجاجية ويحملون بنادق هجومية، فيما خيم توتر شديد على ليلة الانتخابات التي لم تشهد مع ذلك أعمال عنف في المدينة الواقعة شمال غربي البلاد.
وكان الجيب الليبرالي في ولاية أوريغون قد استعد لاحتمال وقوع اشتباكات مسلحة بعد أشهر من التجمعات الانقسامية التي شارك فيها نشطاء يساريون وميليشيات يمينية وشرطيون فدراليون نشرتهم إدارة ترامب.
وفيما أعلن ترامب فوزه في الانتخابات في وقت مبكر من الأربعاء، على الرغم من استمرار فوز الأصوات في عدد من الولايات الرئيسية، تجمع نشطاء خارج محكمة بورتلاند الفيدرالية - مركز الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الصيف.
وقال أحد المتظاهرين يبلغ من العمر 20 عاما "نحن لا نحبذ أيا من المرشحين - لقد صوتت بشكل مخجل لبايدن - ولكن إذا حصل ترامب على أربع سنوات أخرى، فسيصاب الناس بالجنون"، في حين كان يجري إحراق علمين أميركيين أمام المبنى.
وردد كثيرون أمام المحكمة شعارات مناهضة لترامب وكذلك رئيس بلدية بورتلاند تيد ويلر الذي يبغضه المتظاهرون الذين يحتجون على ممارسات الشرطة وقد أعيد انتخابه الثلاثاء، بينما رقص آخرون وتمايلوا على أنغام موسيقى الهيب هوب الصاخبة.
وحذر مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) من احتمال وقوع اشتباكات مسلحة في بورتلاند مرتبطة بالانتخابات، لكن لم تكن هناك مؤشرات على نشاط ليلي انتخابي من قبل جماعات يمينية متطرفة مثل "براود بويز".
وبحلول الساعات الأولى من يوم الأربعاء، لم تكن الشرطة قد تعرضت للمتظاهرين الذين شارك بعضهم في وقت سابق في مسيرة سلمية ضمت 400 شخص نظمتها حركة حياة السود مهمة حول شرق بورتلاند.