
بايدن يستعد للنصر وترامب يتمسك بالتشكيك
واشنطن - بدا المرشح الديمقراطي جو بايدن الجمعة على مشارف بلوغ البيت الأبيض إثر تقدّمه في ولاية بنسلفانيا الرئيسية، في وقت بدا أنّ منافسه دونالد ترامب عازم على الاعتراض على حكم الصناديق.
وفي مؤشر على اقتراب بايدن من الفوز على خصمه الجمهوري، قال مستشار اقتصادي كبير للرئيس الأميركي المنتهية ولايته (دونالد ترامب) إنه سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة، حتى إذا لم يبد الرئيس أي علامات على الاعتراف بالهزيمة للمنافس الديمقراطي جو بايدن.
وقال لاري كودلو لشبكة سي إن بي سي التليفزيونية الأميركية اليوم الجمعة "أعتقد أنه سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة"، بعد أن سئل عما إذا كان ضروريا حدوث انتقال سلمي للسلطة كي تظل الأسواق هادئة.
وقال إن "هذه هي الديمقراطية الأكبر في العالم ونحن ملتزمون بحكم القانون وكذلك سيكون هذا الرئيس".
لكن شبكة سي أن أن الأميركية نقلت عن مساعدين مقربين من ترامب قولهم، إنه لا يعتزم الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات في حال وقوعها، مضيفين أنه لم يعدّ بعد "خطاب التنازل" الذي عادة ما يلقيه المرشح الخاسر في الانتخابات الأميركية.
وكان قد صرّح للصحفيين حول ما إذا كان قد أعدّ خطابا خاصا بالفوز بالانتخابات أو خسارتها، بالقول "أنا لم أفكر في خطاب فوز أو تقبل للهزيمة بعد"، مضيفا "آمل في أنني سألقي أحدهما فقط"، في إشارة إلى خطاب الفوز بالانتخابات.
وتشير آخر تطورات الفرز إلى أن حظوظ ترامب بالفوز بولاية ثانية أصبحت ضعيفة مع اقتراب منافسه بايدن من الحصول على 270 صوتا لأعضاء المجمع الانتخابي الكافية لإعلان فوزه.

وبحسب محطة سي ان ان فإنه جرى الجمعة حظر الطيران فوق منزل المرشح الديمقراطي في ويلمنغتون بولاية ديلاوير شرقي الولايات المتحدة، وهو إجراء تتخذه السلطات المختصة استعدادا لإعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية.
وذكرت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية، أن منطقة حظر الطيران يبلغ قطرها ميلا واحدا وهي نشطة الآن حتى صباح الأربعاء القادم.
وقالت إن المجال الجوي تم تقييده مؤقتا فوق مركز 'تشيس' القريب حيث جرى إعداد المسرح لخطاب فوز بايدن المحتمل.
ويأتي ذلك بعيد إرسال وكالة الخدمة السرية في الولايات المتحدة عملاءها إلى مدينة ويلمينغتون استعدادا لفوز بايدن. ومن أهم مهام الوكالة حماية رئيس الولايات المتحدة ونائبه وأسرة كل منهما.
ووسط عدم إعلان أي من وسائل الإعلام الأميركية البارزة فوز مرشح منهما، بدأ الديمقراطيون بالإعلان عن النصر.
واعتبرت الرئيسة الديمقراطية لمجلس الشيوخ نانسي بيلوسي أنّه "من الواضح" أنّ جو بايدن يتجه "للفوز بالبيت الأبيض".
وتابعت أنّ "الرئيس المنتخب بايدن يتمتع بتفويض قوي ليحكم"، مستخدمة العبارة التي تطلق على الفائز في الانتخابات حتى توليه مهامه، في 20 يناير/كانون الثاني 2021.
ووسط تقدّم عمليات فرز الأصوات ببطء شديد، استفاق الأميركيون على انقلاب منحى التنافس بين الرجلين وصار بايدن خلال النهار متقدّما للمرة الأولى منذ الثلاثاء، على ترامب في ولاية بنسلفانيا بنحو 6800 صوت.
وبالنظر إلى تقارب النتائج، لم تعلن أي وسيلة إعلام أميركية بارزة فوز أحد المرشحين في هذه الولاية الواقعة في الشمال الأميركي الصناعي والتي تمنح 20 ناخبا كبيرا وكان ترامب فاز فيها في 2016.
وكان من المتوقع اتساع الفارق بين المرشحين مع تقدّم الفرز للأصوات المرسلة عبر البريد إذ أنّها تأتي لصالح بايدن بنسبة 80 بالمئة.
وفي حال فوز نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في بنسلفانيا، فإنّه سيكون الرئيس الـ46 للولايات المتحدة أيا تكن النتيجة في بقية الولايات.
كان من المتوقع اتساع الفارق بين المرشحين مع تقدّم الفرز للأصوات المرسلة عبر البريد إذ أنّها تأتي لصالح بايدن بنسبة 80 بالمئة
كما أنّ نتائج فرز الأصوات في ولاية جورجيا التي لم يفز فيها أي مرشح أو رئيس ديمقراطي منذ 1992، بدأت صباحا تميل صوب جو بايدن، إلى أن ابتعد عن منافسه بأكثر من 1500 صوت.
إلا أنّ الوزير في الولاية براد رافنسبرغر قال انّه "في ظل هامش ضيق إلى هذا الحد، ستتم إعادة فرز الأصوات في جورجيا".
ويحتاج المرشح في السباق إلى البيت الأبيض إلى غالبية من 270 صوتا في الهيئة الناخبة، فيما يحوز بايدن حاليا على ما بين 253 إلى 264 صوتا إذا ما جرى احتساب ولاية اريزونا لصالحه، في مقابل 214 صوتا لترامب.
وبعكس المسار في بنسلفانيا وجورجيا، كان ترامب يستفيد بشكل مباشر في ولاية اريزونا من تمديد عمليات الفرز، إذ كان يلاحق بايدن المتصدر فيها، بما يتهدد المرشح الديمقراطي بخسارة الـ11 ناخبا كبيرا الذين تتيحهم هذه الولاية.
ولكن في مؤشر على أنّ الديمقراطي صار قريبا من تحقيق الفوز الرئاسي، فإنّ الجهاز السري المكلّف بحماية كبار المسؤولين، سيعزز بدء من الجمعة عديد عناصره حول جو بايدن في معقله في ديلاوير.
وكان الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جدد الاتهامات بحصول عمليات تزوير من دون أن يقدم أي دليل عليها.
وقال أمام الصحافيين في البيت الأبيض "إذا أحصيت الأصوات القانونية أفوز بسهولة. إذا أحصيت الأصوات غير القانونية يمكنهم أن يحاولوا أن يسرقوا الانتخابات منا".
وأكد فريق حملته الجمعة أن الانتخابات الرئاسية "لم تنته بعد"، مشيرا إلى أن "التقديرات الخاطئة التي تعلن فوز جو بايدن تستند إلى نتائج بعيدة عن أن تكون نهائية في أربع ولايات".
وبدا الرئيس الـ45 للولايات المتحدة معزولا ضمن حزبه الجمهوري، في ظل اتهاماته بأنه سيكون ضحية "سرقة" الانتخابات.
وقال حاكم نيوجيرزي السابق وحليف الرئيس كريس كريستي عبر محطة ايه بي سي "لم نسمع الحديث عن أي دليل"، محذرا من خطر تأجيج التوتر من دون عناصر ملموسة.
نتائج فرز الأصوات في ولاية جورجيا التي لم يفز فيها أي مرشح أو رئيس ديمقراطي منذ 1992، بدأت صباحا تميل صوب جو بايدن إلى أن ابتعد عن منافسه بأكثر من 1500 صوت
إلا أن ترامب حظي بدعم سناتورين بارزين هما ليندسي غراهام وتيد كروز. وقال الأخير عبر فوكس نيوز "يمكنني أن أقول لكم إنّ الرئيس غاضب، أنا كذلك والناخبون أيضا على ما أعتقد".
وفي المقابل دعا جو بادين الذي أعد خطابا للأمة، إلى الهدوء والصبر. وكتب في تغريدة "لن يسلب أحد منا ديمقراطيتنا لا اليوم ولا مطلقا".
وقبل ساعات من ذلك، أبدى المرشح الديمقراطي ثقته بفوزه القريب خلال كلمة اتسمت بلهجة رئاسية.
وقال بايدن للصحافيين في مسقط رأسه ويلمينغتون بولاية ديلاوير "أطلب من الجميع التزام الهدوء. العملية تسير كما يجب والفرز جار وسنعرف النتيجة قريبا جدا ليس لدينا أدنى شك بأنّه مع انتهاء تعداد الأصوات، سيُعلن فوزنا".
وكان ترامب أعلن في ليلة الانتخابات أنه فاز بالانتخابات وأنه سيحتكم إلى المحكمة الأميركية العليا لكنه بقي مبهما حول الدوافع.
في الواقع باشر محاموه عدة إجراءات قضائية على مستوى الولايات مطالبين مثلا بإعادة احتساب الأصوات في ويسكونسن.
ويرى الديمقراطيون أن هذه الشكاوى لا أساس لها إلا أنها قد تؤخر تأكيد النتائج عدة أياما لا أو أسابيع.
وفي الوقت نفسه، أوقفت شرطة فيلادلفيا رجلين بعدما علمت أنه كان يجري الإعداد لهجوم مسلح على مركز لفرز الأصوات ما يعكس التوتر الشديد في بلد منقسم للغاية.
وبدا الإحراج واضحا في صفوف الحزب الجمهوري الجمعة إثر اتهامات أطلقها دونالد ترامب بلا دليل حول عمليات تزوير شابت الانتخابات الرئاسية، فبينما تبقي شخصيات وازنة على دعمها له، تعلو أصوات أخرى تنديدا بما اعتبرته إستراتيجية تضليل إعلامي "خطيرة" للرئيس المنتهية ولايته والذي صار قاب قوسين أو أدنى من خسارة البيت الأبيض لصالح منافسه جو بايدن.
وصباح الجمعة في الولايات المتحدة، قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا بات تومي عبر قناة 'سي بي اس'، إنّ "خطاب الرئيس مساء أمس أزعجني جدا لأنه أدلى بمزاعم خطيرة للغاية من دون تقديم أي دليل"، مضيفا "لا علم لي بأي عملية غش كبيرة".
وعبر تويتر، ندد النائب عن تكساس ويل هارد بما وصفه بتكتيك "خطير وسيء"، داعيا إلى إتمام فرز الأصوات كلها.

كما غرّد زميله المنتقد دوما لترامب آدم كينزينغر "توقف عن ترويج المعلومات التضليلية الفاقدة للمصداقية. انقلب الأمر إلى جنون تام".
وفي بيان أقل حدة ولكنّه يعبّر عن عدم الرضا، أعلن ميت رومني أنّ "فرز كل صوت مبدأ في صلب الديمقراطية. غالبا ما تكون هذه العملية طويلة ومحبطة للمرشحين"، مضيفا "إذا كانت ثمة اتهامات بمخالفات، فسيكون هناك تحقيقات وسيتخذ القضاء قراراته في نهاية المطاف".
ونأى غالبية النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بأنفسهم عن القضية واعتمدوا الحذر تجنبا لاستعداء الرجل الذي سيظل رئيسا حتى 20 يناير/كانون الثاني على الأقل، ويمكن أن يبقى له تأثير كبير على التيار المحافظ حتى في حال هزيمته.
وبين هؤلاء زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي ذكّر بأمر بديهي. وقال "كل اقتراع قانوني يجب أن يحتسب. كل ورقة مقدّمة بطريقة غير مشروعة، يسقط عنها ذلك. على كل الأطراف التقيّد بهذه العملية. والمحاكم قائمة لتطبيق القانون وحلّ الخلافات". وهو بالتالي لم يعترف بوجود عمليات تزوير.
كارل روف، المستشار السابق للرئيس جورج دبليو بوش الذي فاز بانتخابات العام 2000 عقب مواجهة قضائية في ولاية فلوريدا، أشار من جانبه إلى أن عمليات تزوير وغش بخصوص مئات آلاف بطاقات الاقتراع في ولايات مختلفة، تحتاج إلى مكيدة جديرة بأفلام جيمس بوند لكي تحصل.
وبحذر، أخذت بعض الأسماء الكبيرة في الحزب الجمهوري مسافة من هذه القضية.
وفي هذا الصدد، فإنّ السناتور ماركو روبيو الذي كان منافسا لترامب في الانتخابات التمهيدية لحزبهما في 2016 قبل أن ينضم إلى مؤيديه على غرار غالبية أعضاء الأحزاب، لم ينتقد الرئيس الأميركي، وإنّما فضّل التذكير بسلسلة من المبادئ الديمقراطية.
ولكنّه غرّد أيضا اقتباسا من العهد القديم من دون التعليق "الرجل اللئيم، الرجل الأثيم، يسعى باعوجاج الفم. الأمثال 6:12".
وبدا هؤلاء غير راغبين بإلحاق الضرر بمستقبلهم. فخلافا لترامب، كان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون في موقف جيد للحفاظ على غالبيتهم وسلطتهم في يناير/كانون الثاني، الشهر الذي من المرتقب أن يتم خلاله تسليم السلطة.