إيران تتوجس من هجوم أميركي قبل رحيل ترامب
طهران - تتوجس إيران من أن تتعرض لهجوم أميركي مباغت قبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2021 على ضوء تحميل ترامب طهران المسؤولية عن هجوم صاروخي استهدف مجمع السفارة الأميركية في بغداد قبل أيام وعلى اثر اجتماع عقد أمس الأربعاء على أعلى مستوى حضره كبار المسؤولين الأميركيين في مجلس الأمن القومي بحث خيارات متنوعة للردّ على الهجمات التي تستهدف المصالح والقوات الأميركية في العراق.
كما تأتي المخاوف الإيرانية بعد أن أعلنت البحرية الأميركية يوم الاثنين الماضي أنها نشرت غواصة نووية في مياه الخليج وأرفقت بيانها بصور تظهر عبور الغواصة يو إس إس جورجيا تي مضيق هرمز في عرض جديد للقوة حيال إيران.
وحذرت طهران اليوم الخميس الرئيس ترامب من أي "مغامرة" قبل مغادرته البيت الأبيض، نافية في الوقت ذاته اي صلة لها بالهجوم على السفارة الأميركية.
وقال ترامب الأربعاء إنه سيحمّل "إيران المسؤولية" في حال شن هجوم يتسبب بمقتل أميركيين في العراق، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية في بغداد بطائرة مسيرة في الثالث من يناير/كانون الماضي وهو الهجوم الذي قتل فيه أيضا أبومهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يضم فصائل شيعية مسلحة موالية لطهران.
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر الخميس أن دونالد ترامب "يستخدم صورة لا قيمة لها لاتهام إيران"، مضيفا أن الرئيس المنتهية ولايته "سيتحمل المسؤولية الكاملة عن أي مغامرة" يقوم بها.
واتهم ظريف الرئيس الأميركي "بتعريض مواطنيه للخطر في الخارج" ومحاولة تحويل "الانتباه عن الإخفاقات الكارثية" في مواجهة كوفيد-19 في الولايات المتحدة.
وأمر ترامب بشن هجوم بطائرة بدون طيار في أوائل يناير/كانون الثاني 2019 لاغتيال الجنرال سليماني مهندس إستراتيجية إيران الإقليمية في بغداد والمشرف على العمليات الإيرانية في الخارج وعلى الميليشيات متعددة الجنسيات التي تصفها واشنطن بأنها أذرع إيرانية ومنها الحشد الشعبي والحوثيون وحزب الله اللبناني.
وردا على ذلك أطلقت طهران صواريخ على قواعد عسكرية عراقية تضم جنودا أميركيين.
وتصاعد التوتر من جديد بين الطرفين مع اقتراب الذكرى الأولى لعملية تصفية سليماني والمهندس وقبل أسابيع قليلة من رحيل ترامب الذي قاد حملة "الضغوط القصوى" ضد إيران خلال فترة ولايته.
واستهدفت عشرات الهجمات لا سيما الصاروخية منها، مصالح أميركية في العراق هذا العام. وأعلنت مجموعات صغيرة غير معروفة مسؤوليتها عن العديد منها، لكن خبراء قالوا إنها مجموعات موالية لإيران.
وقال مسؤولون عراقيون وغربيون مؤخرا إنهم يعتقدون أن طهران تحاول الحفاظ على الهدوء خلال الفترة المتبقية لترامب. وقد سارعت ميليشيات عراقية مرتبطة بإيران للتنديد بالهجوم الصاروخي على السفارة الأميركية معتبرة أنه جاء في وقت غير مناسب.
وكانت طهران قد أوعزت لتلك الميليشيات بالتهدئة في انتظار تولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن منصبه في 20 يناير/كانون الثاني وهو الذي أعلن عزمه العودة للاتفاق النووي للعام 2015 الذي انسحب منه ترامب في مايو/ايار 2018.
كان ترامب قد قال على تويتر أمس الأربعاء إن الصواريخ التي سقطت في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد يوم الأحد في هجوم استهدف السفارة الأميركية جاءت من إيران و"نحن نسمع أحاديث عن هجمات أخرى على الأميركيين في العراق".
وأضاف "نصيحة ودية لإيران: إذا قُتل أميركي واحد فسوف أحمل إيران المسؤولية. عليكم أن تفكروا في الأمر".
وفي تغريدة أخرى، كتب ظريف على تويتر "في المرة الماضية، دمرت الولايات المتحدة منطقتنا بسبب افتراءاتها المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل وأهدرت سبعة تريليونات دولار وتسببت في سقوط 58976 من الضحايا الأميركيين"، في إشارة إلى غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، مضيفا "سيتحمل ترامب المسؤولية كاملة عن أي مغامرة يقوم بها وهو في طريقه للخروج".
وقال الجيش العراقي إن "جماعة خارجة عن القانون" هي المسؤولة عن الهجوم الذي سبب خسائر مادية طفيفة.
وكانت إيران اكثر المستفيدين من الحصار الذي فرض على العراق لسنوات وحقق لاحقا بعد غزو العراق مكاسب لم تكن لتحققها لولا الاطاحة بنظام صدام حسين.
ويتولى السلطة في العراق منذ 2003 نخبة من السياسيين الشيعة الموالين لطهران كما تتمتع الأحزاب الشيعية بنفوذ واسع في الساحة العراقية وشكلت ميليشيات مسلحة تعاظم نفوذها وتسليحها خاصة في 2014 بعد فتى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على نحو ثلث مساحة البلاد في ظرف وجيز.
ويبدو حديث ظريف عن تدمير العراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل التي ثبت زيفها، مخاتلة وخداع سياسي يحاول أن يظهر إيران كمن كان يرفض الغزو الأميركي للعراق.