مواجهة بالرصاص الحي والقنابل اليدوية في احتجاجات لبنان

قوى الأمن الداخلي تطلق النار على محتجين حاولوا اقتحام مقر محافظة طرابلس وتعلن تعرض عدد من افرادها لهجوم "بقنابل يدوية حربية وليست صوتية أو مولوتوف".
سقوط اول قتيل في احتجاجات طرابلس
سعد الحريري: هناك من يستغل وجع الناس لتمرير رسائل سياسية
حسان دياب يقر بعدم كفاية المساعدات الحكومية في ظل أزمة كورونا
إصابة 226 من المحتجين والشرطة
منظمة العفو تدعو فرنسا الى تعليق تصدير الاسلحة لقوات الأمن اللبنانية

بيروت/طرابلس - اشتبكت قوات الأمن اللبنانية لليلة الثالثة على التوالي في طرابلس مع محتجين غاضبين من الازمة الاقتصادية الخانقة في ظل قرار الإغلاق وحظر التجول المفروض لاحتواء فيروس كورونا. وافادت وسائل إعلام محلية ووكالات انباء عن اطلاق الرصاص الحي على محتجين حاولوا اقتحام مقر محافظ المدينة، في حين أعلنت قوات الامن انها هوجمت بـ"قنابل يدوية حربية".
وتوفي شاب من المحتجين صباح الخميس متأثرا بإصابته خلال الاحتجاجات الليلية في طربلس.
وقالت الشرطة وشاهد إن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع وطلقات مطاطية على محتجين كانوا يقذفون الحجارة وألقوا مقذوفات وأشعلوا النار في سيارة. وأصيب عشرات.
ولم تعلق الشرطة على الفور على ما إذا كان قد تم إطلاق ذخيرة حية. وأظهرت تغطية لوكالة رويترز للأنباء شررا يتساقط على الأرض ربما نتيجة طلقات مرتدة، وسُمع دوي أعيرة نارية.
وهذه ثالث ليلة على التوالي تشهد عنفا في واحدة من أفقر المدن اللبنانية، حيث ثار المحتجون على قرار الإغلاق الصارم الذي يقولون إنه تركهم بلا سبيل لكسب العيش في وضع يشهد انهيارا اقتصاديا.
وفرضت الحكومة حظر تجول كاملا على مدار اليوم في وقت سابق هذا الشهر في محاولة للحد من انتشار كوفيد-19 الذي أودى بحياة أكثر من 2500 شخص بلبنان.
ويحذر العاملون في مجال الإغاثة من أنه في غياب المساعدات أو وصول النزر اليسير منها تزداد المصاعب على الفقراء الذين يشكلون الآن أكثر من نصف السكان. ويعتمد كثيرون على ما يجنونه من العمل اليومي.
ويشكل الانهيار المالي، الذي هوت فيه قيمة العملة المحلية، أكبر خطر على استقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي شهدها على مدى 15 سنة من عام 1975 إلى 1990.

وقال الصليب الأحمر إن مسعفيه عالجوا 67 شخصا على الأقل ونقلوا 35 آخرين للمستشفى. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن 226 من المحتجين والشرطة أصيبوا.
وفي تغريدة على تويتر قالت قوى الأمن الداخلي إنّ عددا من عناصرها تعرّضوا لهجوم "بقنابل يدوية حربية وليست صوتية أو مولوتوف، مما أدّى إلى إصابة 9 عناصر، بينهم 3 ضباط، أحدهم إصابته حرجة".
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إن الإغلاق ضروري لاحتواء الفيروس. وأقر بأن المساعدات الحكومية ليست كافية لتغطية الاحتياجات لكنه قال إنها تساعد في تخفيف الأعباء.
من جهته، لم يستبعد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وجود "جهات تسعى الى تمرير رسائل سياسية" من خلال الاحتجاجات العنيفة في طرابلس. واضاف في تغريدة على تويتر الاربعاء "هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوي الدخل الحدود".
وأثار أسلوب تعامل الحكومة مع مرض كوفيد-19 غضبا في بيروت أيضا حيث بلغت العدوى واحدا من أعلى المستويات في المنطقة وامتلأت الكثير من وحدات الرعاية المركزة.
وشكل المرض عبئا ثقيلا على المستشفيات التي تعاني بالفعل مع نقص الدولار والتي تضرر بعضها بانفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب. واستقالت حكومة دياب بعد الانفجار المروع الذي ألحق الدمار بالكثير من أجزاء العاصمة وأودى بحياة 200 من مواطنيها.
الى ذلك، حثّت منظمة العفو الدولية الخميس باريس على تعليق تصدير أسلحة إلى بيروت ما لم تتعهّد باستخدامها بما يتماشى مع القانون الدولي، مؤكّدة أنّ أجهزة الأمن اللبنانية استخدمت أسلحة فرنسية الصنع لقمع متظاهرين سلميين.
وتحدّثت المنظمة عن "دور مشين" أدّته الأسلحة الفرنسية. وأفادت عن إصابة "ما لا يقلّ عن ألف محتجّ بسبب استعمال القوة بشكل غير قانوني من جانب قوات الأمن اللبنانية التي استخدمت في الكثير من الأحيان أسلحة إنفاذ القانون الفرنسية الصنع، من ضمنها المواد الكيماوية المهيّجة مثل الغاز المسيل للدموع، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي، والقاذفات المتعلّقة بها".
وندّدت المنظمة بعمل قوات الأمن اللبنانية "في أجواء الإفلات من العقاب". وأكّدت أنّه "لم يجر أيّ تحقيق فعّال في الاستخدام غير القانوني للأسلحة ومن بينها تلك المصنوعة في فرنسا، ضدّ المحتجين السلميين، ولم يخضع أيّ فرد من قوات الأمن للمساءلة من جانب السلطات القضائية".
وطرابلس، ثاني كبرى مدن لبنان كانت أصلاً إحدى أفقر مدن البلاد حتّى قبل أن يتفشّى فيروس كورونا المستجدّ وتضطر السلطات لفرض تدابير إغلاق عام في محاولة لوقف تفشّي الجائحة، في إجراءات أدّت إلى تدهور الظروف المعيشية في البلاد.
وبات نصف سكان لبنان الآن يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن الطبقة الحاكمة متّهمة بعدم الاكتراث بمشاكلهم.
ولبنان البالغ عدد سكّانه ستة ملايين نسمة سجّل منذ مطلع العام معدّلات إصابة ووفيات قياسية، بلغت معها غالبية مستشفيات البلاد طاقتها الاستيعابية القصوى. وارتفع عدد الإصابات منذ بدء تفشي الفيروس إلى أكثر من 289 ألفاً و660، بينها 2553 وفاة.