باريس وبروكسل تهددان بعقوبات على ساسة لبنان ما لم يتفقوا

دراسة فرنسا والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على الساسة اللبنانيين تأتي بعد رسالة موقعة من المجتمع المدني حضت ماكرون على تجميد الأصول المالية المشبوهة للمسؤولين، بينما تضغط فرنسا لدفع الطبقة السياسية في لبنان للاتفاق.
فرنسا تحث الاتحاد الأوروبي على إعداد ورقة خيارات لحل الأزمة اللبنانية
فرنسا تعتقد في نهج العقوبات وسيلة للضغط على الساسة للبنانيين لحل الأزمة
لودريان: ندرس مقترحات ملموسة ضد نفس الأشخاص الذين تخلوا عن الصالح العام من أجل مصالحهم
ساسة لبنان ينعمون بالرخاء بينما يعاني المواطنون أسوأ الظروف

باريس/بروكسل - تعكف فرنسا والاتحاد الأوروبي على إعداد مقترحات قد تسفر عن تجميد أصول وفرض حظر سفر على ساسة لبنانيين لدفعهم للاتفاق على حكومة لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي.

كان انفجار ضخم في مرفأ بيروت قد دمر أحياء بأكملها في العاصمة اللبنانية في أغسطس/آب، ولم يجر بعد تشكيل حكومة لتحل محل الحكومة التي استقالت بعد الحادثة، وذلك في وقت تركت فيه عقود من المحسوبية والفساد وسوء الإدارة البلاد على شفا الإفلاس.

وقادت فرنسا الجهود لمساعدة لبنان، لكنها لم تنجح بعد في دفع الفصائل الطائفية العديدة من بينها حزب الله على الاتفاق على حكومة، ناهيك عن الشروع في إصلاحات قد تسمح بتدفق مساعدات أجنبية.

ومع امتلاك العديد من كبار الساسة اللبنانيين منازل وحسابات مصرفية واستثمارات في الاتحاد الأوروبي وإرسالهم أبنائهم للدراسة في جامعات أوروبية فإن سحب هذه الامتيازات قد تكون وسيلة للضغط.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان لنواب البرلمان يوم الثلاثاء "يجري إعداد مقترحات ملموسة ضد نفس الأشخاص الذين تخلوا عن الصالح العام من أجل مصالحهم الشخصية"، مضيفا "إن لم يضطلع الساسة بمسؤولياتهم، فلن نتردد في الاضطلاع بمسؤولياتنا".

وقال دبلوماسيان إن فريق لو دريان يدرس كيف يمكن للاتحاد الأوروبي إعداد عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول.

وأكد دبلوماسي كبير بالاتحاد الأوروبي في بروكسل أن لودريان طلب أيضا من مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم 22 مارس/آذار العمل على إعداد ورقة خيارات.

وتأتي الضغوط الفرنسية بعد يوم من دعوات لبنانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إصدار أوامر بتجميد الأصول المالية المشبوهة للمسؤولين اللبنانيين في فرنسا.

وحضت رسالة مفتوحة الثلاثاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على تجميد الأصول المشبوهة للمسؤولين اللبنانيين في فرنسا، بهدف تفكيك "مافيا سياسية اقتصادية" أغرقت لبنان في الأزمات والبؤس.

وقال محللون إن عقوبات مثل تجميد الأصول قد تكون الوسيلة الأكثر فعالية لباريس من أجل الضغط على الطبقة السياسية في لبنان، وان لم تشر فرنسا علانية حتى الآن الى استعدادها لمثل هذا الإجراء.

وقالت الرسالة التي وقعتها أكثر من 100 شخصية لبنانية من المجتمع المدني ونُشرت في صحيفة لوموند الفرنسية، إن على ماكرون إصدار تعليمات "من أجل تطبيق الآلية القانونية لتجميد الأصول المشكوك في مصدرها التي يملكها في فرنسا قادة سياسيون واقتصاديون لبنانيون".

وأضافت أن "المافيا السياسية والاقتصادية مسؤولة عن البؤس والجوع وانعدام الأمن الذي يعاني منه الكثير من اللبنانيين".

الشارع اللبناني سئم الأوضاع السيئة
الشارع اللبناني سئم الأوضاع السيئة

المساعدة مطلوبة

قال الدبلوماسي "إن الفرنسيين يسعون لإشراك الأوروبيين في القضية اللبنانية. هذا أمر لا يمكنهم إنجازه بمفردهم أو، على الأقل، جهودهم الفردية لم تنجح حتى الآن".

وأضاف قائلا "لم يجر بحث العقوبات بشكل مباشر، لكن إذا كانت (العقوبات) وسيلة لتغيير النهج فإنه لا يمكن استبعادها. لبنان يحتاج لحكومة فاعلة".

وتحظى الفكرة ببعض الدعم في لبنان ذاته حيث يزداد غضب المواطنين في ظل انهيار مستوى المعيشة في الوقت الذي يتناحر فيه الزعماء.

ويشهد الشارع اللبناني حالة من الغضب المتصاعد بسبب استمرار تدهور الأوضاع نحو الأسوأ بينما سئم اللبنانيون رخاء الطبقة السياسية، فلا هم اتفقوا على تشكيل حكومة ولا استجابوا لدعوات الشارع بالرحيل.

سيكون لعقوبات الاتحاد الأوروبي ثقل عملي وخطير على الساسة اللبنانيين لأنهم يتواجدون في أوروبا كثيرا

وقال وزير الثقافة السابق غسان سلامة بعدما شارك في التوقيع على الرسالة "سيكون لعقوبات الاتحاد الأوروبي ثقل عملي وخطير على الساسة اللبنانيين لأنهم يتواجدون في أوروبا كثيرا".

لكن الدبلوماسيين قالا إن باريس لا تزال قلقة ولم تحدد الأهداف بعد. وقال الدبلوماسيان أيضا إن وضع مثل هذا النظام قد يستغرق وقتا.

وقال دبلوماسي ثالث "ينبغي أن تكون (العقوبات) متسقة فيما يخص الأشخاص المستهدفين إذا كانوا يرغبون في أن تحدث أي تأثير، وأن يأخذوا في الاعتبار الواقع في لبنان".

وفرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على ثلاثة سياسيين بارزين متحالفين مع جماعة حزب الله المسلحة التي تدعمها إيران والتي تملك نفوذا كبيرا في لبنان.

وقال دبلوماسيان إن الاتحاد الأوروبي سيتخذ أيضا قرارا بشأن ما إذا كان سيستهدف حزب الله وسبل استهدافه.

وقال مصدر سياسي لبناني كبير "الفرنسيون نقلوا الرسالة إلى المسؤولين هنا بشأن إمكانية فرض عقوبات...لكنها تفتقر للقوة حتى الآن".

ويقف حزب الله حجر عثرة أمام تقديم الدعم المالي الدولي إلى لبنان المتأزم، فيما تصنف دول غربية وخليجية الجماعة الشيعية على لائحة التنظيمات الإرهابية وتخشى أن أي تمويل يصل بيروت قد يساهم في تمكين نصرالله وجماعته.