ديبي الابن رئيسا مؤقتا لتشاد بعد مقتل والده

تعيين مجلس عسكري للجنرال محمد إدريس ديبي إيتمو بعد مقتل والده ادريس ديبي في مواجهات مع مجموعة من المتمردين على الحدود مع ليبيا، يأتي وسط مخاوف من انفلاتات أمنية أو انقلاب لطمأنة الشركاء الغربيين بأن تشاد لا تزال حليفا مهما في مكافحة الإرهاب
دستوريا كان يفترض أن يتولى رئيس البرلمان رئاسة تشاد مؤقتا
فرنسا تشيد بادريس ديبي كشريك في الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل
باريس وواشنطن تأملان أن لا تخرج الحرب على الإرهاب عن مسارها
إعلان مقتل ديبي أثار موجة من الهلع والنزوح واختناقات مرورية في نجامينا

نجامينا - أعلن المتحدث باسم الجيش التشادي عظيم برمينداو أجونا في بث تلفزيوني اليوم الثلاثاء أن مجلسا انتقاليا يضم مجموعة من كبار ضباط الجيش اختار الجنرال محمد إدريس ديبي إيتمو، ابن ديبي رئيسا مؤقتا للبلاد خلفا لوالده الذي لقي حتفه أمس الاثنين فيما كان يتفقد قواته في مواجهة مع المتمردين.

وقال برمينداو "المجلس الوطني الانتقالي يطمئن الشعب التشادي بأنه تم اتخاذ جميع الإجراءات لضمان السلام والأمن والنظام الجمهوري"، مضيفا أن المجلس العسكري سيقود فترة انتقالية مدتها 18 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وجرى حل الحكومة والمجلس الوطني وفُرض حظر تجول من السادسة مساء حتى الخامسة صباحا.

ولقي الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي حكم البلاد لأكثر من 30 عاما وكان حليفا مهما للغرب في المعركة ضد المتشددين الإسلاميين في أفريقيا، حتفه أثناء تفقده للقوات على جبهة القتال مع المتمردين في الشمال.

وقال برمينداو "المارشال إدريس ديبي إيتنو تولى قيادة العمليات خلال قتال بطولي ضد إرهابيين من ليبيا، مثلما فعل في كل مرة تتعرض فيها مؤسسات الجمهورية لخطر داهم. أصيب خلال القتال وتوفي لدى نقله إلى نجامينا".

وزار ديبي الذي كان كثيرا ما ينضم لجنوده في ساحات القتال بزي التمويه العسكري، القوات على جبهة القتال أمس الاثنين بعد أن تقدم متمردون متمركزون عبر الحدود الشمالية في ليبيا مئات الكيلومترات باتجاه الجنوب صوب العاصمة نجامينا.

ووصل ديبي (68 عاما) إلى السلطة في تمرد عام 1990 وهو أحد أكثر الرؤساء الأفارقة بقاء في السلطة ونجا من عدة محاولات انقلاب وتمرد وقد تُعمق وفاته مشاكل تشاد وحلفائها.

وعلى الصعيد الداخلي، يشهد الجيش انقسامات بينما تكافح المعارضة سنوات من الحكم القمعي.

أما على الصعيد الدولي، فستأمل فرنسا والولايات المتحدة ألا تخرج جهودهما في مكافحة الإرهاب عن مسارها الآن. وقالت باريس إنها فقدت "صديقا شجاعا" وإن تشاد خسرت "جنديا عظيما".

وأُعلنت وفاته غداة إعلانه فائزا في انتخابات رئاسية كانت ستمنحه فترة سادسة في السلطة. وقاطع الانتخابات معظم خصومه.

وعمل ديبي على وضع دستور جديد في 2018 كان سيتيح له البقاء في السلطة حتى عام 2033 رغم أنه تضمن فرض قيود على فترات الرئاسة.

وحصل على لقب مارشال في 2020. وكان قد قال قبل انتخابات الأسبوع الماضي "أعرف سلفا أنني سأفوز مثلما فعلت طوال الثلاثين عاما الماضية".

ادريس ديبي كان حليفا مهما للغرب في مكافحة الجماعات الاسلامية المتطرفة في منطقة الساحل الافريقي
ادريس ديبي كان حليفا مهما للغرب في مكافحة الجماعات الاسلامية المتطرفة في منطقة الساحل الافريقي

وكان يواجه حالة من الاستياء الشعبي المتزايد بسبب إدارته للثروة النفطية في البلاد كما تعامل بحدة مع خصومه، لكن ديبي حصل على 79 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التي أُعلنت نتائجها أمس الاثنين.

وقال مراسل لرويترز في نجامينا إن الناس انتابتهم حالة من الفزع بعد انتشار الأنباء عن وفاته، في ظل خشيتهم من أن يندلع القتال في المدينة. وفر كثيرون إلى المشارف بينما شهدت الشوارع اختناقا مروريا.

واعتبرت الدول الغربية ديبي حليفا في الحرب على الجماعات الإسلامية المتطرفة ومنها جماعة بوكو حرام النيجيرية في حوض بحيرة تشاد، والجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل الأفريقي.

واتخذت فرنسا من العاصمة التشادية نجامينا مركزا لعملياتها لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. وأعلنت تشاد في فبراير/شباط نشر 1200 جندي إضافة إلى 5100 جندي فرنسي في المنطقة.

وأشادت الرئاسة الفرنسية بديبي وأكدت دعمها لاستقرار تشاد وسلامة أراضيها. وفي بيان، أشارت إلى تشكيل المجلس العسكري بقيادة نجل ديبي، لكنها قالت إنها تأمل في عودة سريعة وسلمية للحياة المدنية.

وقال ناثانيال باول مؤلف كتاب تاريخ التدخل العسكري الفرنسي في تشاد إن وفاة ديبي قد تفجر حالة شديدة من عدم اليقين في البلاد، مضيفا "الإسراع بإعلان تشكيل مجلس عسكري وتنصيب ابنه محمد رئيسا للدولة يشير إلى استمرار النظام".

وتابع "يهدف ذلك على الأرجح إلى تجنب أي محاولة للانقلاب من داخل المؤسسة الأمنية وإلى طمأنة الشركاء الدوليين لتشاد خاصة فرنسا وكذلك الولايات المتحدة، إلى أنه ما زال بإمكانهم الاعتماد على البلاد وعلى إسهامها المستمر في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل".

وقال دبلوماسي إقليمي إن اختيار نجله رئيسا مؤقتا للبلاد يمثل إشكالية لأن رئيس البرلمان كان من المفترض أن يتولى الرئاسة عند وفاة ديبي، مضيفا "هذا في حد ذاته يعد انقلابا. كان يعد ابنه منذ فترة".

وأثارت أعمال المتمردين في الآونة الأخيرة القلق بالفعل في واشنطن وعواصم غربية أخرى. وهاجم مقاتلو جبهة التغيير والوفاق في تشاد التي تتخذ من ليبيا مقرا لها نقطة حدودية يوم الانتخابات ثم تقدموا مئات الكيلومترات جنوبا عبر الدولة الشاسعة، لكن يبدو أن الجيش التشادي أبطأ تقدمها على بعد 300 كيلومتر من نجامينا.

وأقر المتمردون أمس الاثنين بأنهم تكبدوا خسائر يوم السبت لكنهم قالوا إنهم عادوا إلى التحرك يومي الأحد والاثنين.

وكان ديبي يحب زيارة القوات على الخطوط الأمامية. وانضم إلى الجيش في سبعينات القرن الماضي عندما كانت تشاد تخوض حربا أهلية طويلة. وتلقى تدريبا عسكريا في فرنسا وعاد إلى تشاد في عام 1978 وقدم دعمه للرئيس حسين حبري وأصبح في نهاية المطاف القائد العام للقوات المسلحة.

واستولى على السلطة عام 1990 وقاد جيشا للمتمردين في هجوم استمر ثلاثة أسابيع انطلق من السودان المجاور للإطاحة بحبري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.