"أرشيف الشارخ" للمجلات الأدبية والثقافية العربية في حلة جديدة
الكويت ـ يعاني الباحث من صعوبة الوصول الى أبسط المعلومات المتعلقة بالإنتاج الفكري العربي. ففي العقود الأخيرة ساعدت تكنولوجيا المعلومات في إمكانية البحث والوصول إلى المعلومات بشكل سهل وسريع، إلا أن ذلك لم يوظف في خدمة الإنتاج الفكري العربي باستثناء بعض المشاريع التجارية وبعض المبادرات الفردية الهادفة إلى نشر المعرفة وحفظ التراث العربي والإسلامي.
أرشیف الشارخ هو اليوم مبادرة فريدة من نوعها تسهل الوصول الفوري، ومن دون اي مقابل، إلى محتوى ما لا یقل عن 238 مجلة أدبية وفكرية صادرة في 23 بلدا عربيا منذ بدايات عصر النهضة، منتصف القرن التاسع عشر حتى أطراف القرن الواحد والعشرين. تجمیع وإتمام أعداد تلك المجلات لم يكن بالمهمة السهلة بل كان نتيجة عمل جاد وسعی لا يسأم استمر لأكثر من عشر سنوات تم فيها تجميع الأعداد بطرق مختلفة من مكتبات شخصیة في أكثر الأحيان.
الهاجس الأساسي وراء قيام هذا المشروع كان جمع شتات الثقافة العربية المعاصرة. ففي غياب أي هيئة عربية رسمية أو قرار عربي واعي يرعى ذلك، كان القرار العملي بتطوير الأرشيف بمجهود شخصي. أخذ محمد الشارخ، الكاتب ورجل الأعمال الكويتي، مؤسس شركة صخر، على عاتقه الشخصي ونفقته الخاصة هذه المهمة، مستعينا بطاقم من الأخصائيين. وبفضل هذه الجهود أصبح القارىء اليوم على تواصل فوري مع مجلات وأفكار العقود االتي خلت بعد أن كانت منسية ومصفوفة على رفوف مكتبات بعيدة ومشتتة.
ويلاحظ زائر الموقع السهولة والوضوح في طريقة عرض المجلات، البحث في الفهارس كما الوصول إلى النص كاملا. يتيح الموقع قراءة المقالات على شكل صور ولم يتم تحويلها إلى نصوص لأن عملية ال OCR لا تنجح بدقة في حالات الورق القديم؛ لذا كان التركيز على مساعدة المستخدم بالطرق المتوفرة، وهي البحث في فهارس المجلات.

ومؤخرا تم تتويج محمد الشارخ بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام (2021)، ضمن الفائزين الذين أعلنهم أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، في الدورة 43 للجائزة. وقد حصل الشارخ على الجائزة، لقيامه بإنتاج أول برنامج حاسوبي للقرآن الكريم وكتب الحديث التسعة باللغة الإنجليزية، وتحديث أرشيف المعلومات الإسلامية الذي يضم – بالإضافة للقرآن الكريم - موسوعة الحديث الشريف، وموسوعة الفقه الإسلامي، وبرامج وقواعد معلومات إسلامية أخرى.
وللشارخ جهوده في تعريب وإنتاج برامج الحاسوب منذ عام 1982، وإصدار معجم إلكتروني معاصر للغة العربية، وبرنامج المصحح اللغوي، والنطق الآلي بالعربية الفصحى، والترجمة الآلية، وتطوير نظام إبصار للمكفوفين، ويعد من الشخصيات التي ساهمت في إثراء الساحة الإسلامية والثقافة العربية بالعديد من الأعمال.
نال الشارخ، وفق موقع الجائزة، البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1965، ثم الماجستير في التخصص نفسه من أميركا، وعمل نائباً للمدير العام للصندوق الكويتي للتنمية، وعضواً في مجلس إدارة البنك الدولي في واشنطن، وأسس ورأس مجلس إدارة بنك الكويت. لكن قصة محمد الشارخ مع عوالم التكنولوجيا، انطلقت منذ أزيد من أربعة عقود مرت على تأسيس حواسيب (صخر) والتي رافقت الأجيال العربية الماضية في بداية عهدهم ببرامج الحاسوب. وهي قصة تعود للذاكرة اليوم بعد منح الشارخ، جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام لعام 2021، وذلك نظير جهوده في تعريب وإنتاج برامج الحاسوب منذ عام 1982، وأيضا يُنسب له الفضل في إدخال اللغة العربية إلى الحواسيب لأول مرة في التاريخ.