كوينتن تارانتينو يعتزل الإخراج في ذروة نجاحه السينمائي

السينمائي الأميركي يريد أن يكون فيلمه 'ذات مرة في هوليوود' الحائز على جائزتي أوسكار آخر تجاربه الإخراجية للتفرغ لكتابة الروايات وأدب الفن السابع.
أفلام تارانتينو حازت على عشرات الجوائز في الاوسكار وغولدن غلوب وبافتا والسعفة الذهبية
تارانتينو واحد من خمسة مخرجين يعرف الناس تلقائيا أسماءهم
جميع أفلام تارانتينو حققت نجاحا كبيرا على الصعيدين النقدي والتجاري
تارانتينو ينتظر صدور أول رواية له بنفس عنوان آخر أفلامه "ذات مرة في هوليوود"

لوس أنجليس - كشف المخرج الشهير كوينتن تارانتينو عن قراره في اعتزال السينما والتقاعد المبكر واعتبار فيلمه "ذات مرة في هوليوود" الصادر في العام 2019 هو الأخير في مسيرته الإخراجية.
ووفقا لمقابلة أجريت معه مؤخرا، لا يزال السينمائي الأميركي متمسكا بفكرة التقاعد قائلا: "معظم المخرجين لديهم أفلام رهيبة وعادة ما تكون أسوأ أفلامهم هي آخرها، هذا هو الحال بالنسبة لمعظم مخرجي العصر الذهبي الذين انتهى بهم الأمر بصنع أفلامهم الأخيرة في أواخر الستينيات والسبعينيات، وهذا هو الحال بالنسبة لمعظم المخرجين الذين صنعوا أفلامهم الأخيرة في أواخر الثمانينيات والتسعينيات.. لذلك من النادر إنهاء مسيرتك المهنية في فيلم لائق، أعني أن آخر أفلام المخرجين رديئة جدًا".
وليست هذه هي المرة الأولى التي يثير فيها تارانتينو البالغ من العمر 58 عاما، فكرة الاعتزال السينمائي، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قال مخرج الروائع "لا أعتقد بأن يجب أن تبقى على خشبة المسرح إلى أن يتوسل الجمهور لمغادرتك، تُعجبني فكرة تركهم راغبين بالمزيد، لا أعتقد بأن الإخراج عمل المخرجين الشباب فقط، ولكن تعجبني فكرة وجود حبل سري متين بين فيلمي الأول وفيلمي الأخير".

المخرج كوينتين تارانتينو
تارانتينو مع بطلي فيلمه الأخير

وأضاف: "لست أحاول السخرية من أي أحد يفكر بطريقة مختلفة ولكني أريد الانتهاء وانا في ذروتي".
وفيعام 2018، في مقابلة بالفيديو مع رولينغ ستون أثناء الترويج لفيلمه "ذات مرة واحدة في هوليوود" طرح أيضا موضوع تقاعده.
 وقال "أشعر نوعا ما أن هذا هو الوقت المناسب للفصل الثالث من حياتي لأن أتعمق قليلا في الأدب، والذي سيكون جيدا كأب جديد، كزوج جديد... لن أقوم بجذب عائلتي ونقلهم إلى ألمانيا أو سريلانكا أو في أي مكان تحدث فيه القصة التالية، يمكنني أن أكون رجلا من الأدباء واركز المزيد من طاقتي على كتابة الروايات وأدب الافلام".
وحققت جميع أفلام تارانتينو نجاحا كبيرا على الصعيدين النقدي والتجاري، وحاز على عشرات الجوائز في الاوسكار وغولدن غلوب وبافتا وجائزة السعفة الذهبية، وترشح أيضا لجائزة غرامي وجائزة إيمي.
وإعتبرته مجلة "تايم" أحد أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم عام 2005، ويُنظر إليه كأحد آخر العمالقة في لوس أنجليس، إذ يتمتع بشعبية كبيرة لدى المتخصصين في السينما والجمهور العريض على السواء كما أنه قادر على صنع نجاحات من خلال تصوير أعمال يمكن وصفها بالسهل الممتنع، رغم أن نتاجه السينمائي مليء باللفتات التكريمية والاستعارات من المسلسلات الشعبية في السبعينيات.
وهو واحد من خمسة مخرجين يعرف الناس تلقائيا أسماءهم مثل ألفرد هيتشكوك وستيفن سبيلبرغ وفرنسيس فورد كوبولا.

لا أعتقد بأن يجب أن تبقى على خشبة المسرح إلى أن يتوسل الجمهور لمغادرتك، تعجبني فكرة تركهم راغبين بالمزيد

وتتميز أفلام المخرج وكاتب سيناريو والمنتج والممثل بِعدم الخطية في السرد وتناول المواضيع الساخرة، وتجسيد العنف المفرط، والاستفادة من توزيع أدوار متكافئ مؤلف من مؤدين مشاهير وآخرين أقل شهرة، والإشارة إلى الثقافة الشعبية، والموسيقى التصويرية المحتوية أساسا على أغان ومقاطع مسجلة من عقد الستينيات وحتى عقد الثمانينيات.
وأنجز تارانتينو شهرة عالمية من خلال مزجه بموهبة كبيرة خلال مسيرته الممتدة على 25 عاما، بين الأنواع والميول السينمائية معتمدا على معرفته الموسوعية بهذا الوسط.
وبدأ تارانتينو حياته الفنية في مجال تأليف السيناريو، ثم ذاع صيته سنة 1992 مع أول فيلم طويل له بعنوان "ريزيرفوار دوغز" الذي يروي قصة عصابة صغيرة سرعان ما تصبح معروفة بعنفها الشديد.
وتتّسم هذه القصة بكلّ المواصفات التي استحالت ميزة ملازمة لأسلوب تارانتينو، من سرد طويل غزير الكلام غير مترابط الأحداث وعنف متفلّت من القيود وتلميحات متعددة إلى ثقافة البوب وتاريخ السينما.
وتجلّت في الوقت عينه شخصية تارانتيتو، محطّ إعجاب للبعض واستهجان لآخرين في مجال الفنّ السابع، القادر على استيعاب أساليب وأنماط سينمائية متنوعة.
وهو أول شغوف بأفلام السينما يسطع نجمه في هذا المجال مع قيم تتعارض أحيانا مع تلك التي يعتنقها النقاد ليصبح مصدر إلهام لأجيال من المخرجين.

وفي العام 1994، ارتقى المخرج الأميركي إلى مصاف نجوم الفنّ السابع في الحادية والثلاثين من العمر مع فيلم "بالب فيكش" حول قصة ثلاثة نصّابين في هوليوود. وقد نال هذا العمل السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي وحصد المخرج بفضله سبع ترشيحات لجوائز أوسكار وحاز من بينها جائزة أفضل سيناريو.
وبعد ثلاث سنوات، لقي فيلمه "جاكي براون" حول الصور النمطية للسود في السينما استحسان النقاد والجمهور على حدّ سواء.
وهو اختبر أنماطا مختلفة مع "كيل بيل" من بطولة أوما ثورمان حول الفنون القتالية ثم "إنغلوريوس باستردز" الذي تدور أحداثه إبّان الحرب العالمية الثانية في فرنسا فـ"دجانغو أنتشايند" في أميركا ما قبل حرب الانفصال.
ثم حان دور أسلوب الويسترن الذي طعّم به الكثير من أعماله مع فيلم "ذي هايتفول إيت".
ومع "ذات مرة في هوليوود" الحائز على جائزتي أوسكار، قدّم تارانتينو فيلمه التاسع مع نجوم كبار أمثال براد بيت وليوناردو دي كابريو، والذي روى مقتل الممثلة شارون تيت زوجة المخرج رومان بولانسكي والتي كانت حاملا في شهرها الثامن حينما تعرضت لـ16 طعنة في عام 1969 على يد القاتل الشهير تشارلز مانسون وعائلته الذين ارتكبوا في تلك الفترة جرائم حركت مشاعر المجتمع الأميركي.
وينتظر تارانتينو في 29 يونيو/حزيران الجاري صدور أول رواية له بنفس عنوان آخر أفلامه "ذات مرة في هوليوود"، كما أنه يعمل حاليا على كتاب بعنوان "تكهنات السينما"، والذي يوصف بأنه "الغوص العميق في أفلام السبعينيات، وهو مزيج غني من المقالات، والمراجعات والكتابات الشخصية.